سياسيون يعتبرون الإيحاء بخلاف عون مع «حزب الله» مناورة سياسية

اتصال بين باسيل وصفا... وتوجه لتفعيل لجنة التواصل بينهما

TT

سياسيون يعتبرون الإيحاء بخلاف عون مع «حزب الله» مناورة سياسية

استدعت كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون ردود فعل من معظم الأفرقاء السياسيين، ولا سيما الخصوم منهم الذين وضعوا مواقفه في خانة الشعبوية قبل الانتخابات النيابية المقبلة، معتبرين أن الإيحاء بخلافه مع «حزب الله» لا يعدو كونه مناورة سياسية، لا سيما أن القضايا التي طرحها لتبحث على طاولة الحوار الوطني ليست جديدة، وبالتالي كان يفترض العمل عليها منذ بداية عهده.
وأتى كل ذلك في ظل صمت مستمر من «حزب الله»، لا سيما أن مواقف عون وإن كانت الأولى من نوعها على لسانه لكن كان قد سبقه إليها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عبر تصويبه على الثنائي الشيعي على خلفية تعطيل الحكومة والتحقيق في انفجار المرفأ، لكن في المقابل يؤكد المحلل السياسي المقرب من «حزب الله» قاسم قصير أن الحزب حريص على التهدئة فيما يعتبر أن عون في كلامه الأخير الذي اتسم باللغة الحوارية يحاول تظهير موقفه المتمايز عن الحزب لاستيعاب الضغوط الداخلية والخارجية عليه، مستبعدا في الوقت عينه تصعيد الخلاف. ويقول قصير لـ«الشرق الأوسط» إنه حصل تواصل في الأيام الماضية بين مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا وباسيل للتهنئة بالأعياد، وقد يكون هناك بحث حقيقي بعد رأس السنة حول مستقبل التفاهم بين الطرفين، وسيتم إعادة تفعيل لجنة التواصل بينهما». وعن دعوة عون للبحث في الاستراتيجية الدفاعية يرى قصير أن «حزب الله» لا مشكلة لديه في هذا الأمر، مشيرا في الوقت عينه إلى أن هذا الأمر، وإن بحث لن يؤثر على سلاح «حزب الله» الذي ينتظر حوارا وطنيا شاملا.
وارتكزت الردود على عون على مجمل القضايا التي تحدث عنها، فيما رأى النائب علي درويش في كتلة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن دعوة عون إلى حوار يمكن التعويل عليها.
وكان لحزب القوات اللبناني الحصة الأكبر من الردود على كلمة عون إضافة إلى الأحزاب المعارضة الأخرى، حيث اعتبرها النائب في «القوات» عماد واكيم أنها حلقة جديدة من مسلسل الحق على الكل، وكتب على حسابه على «تويتر» متوجها لعون: «من منعك من طرح هذه الأمور منذ اليوم الأول... حضرتك واصل متأخرا… مع إلقاء اللوم على الحليف تصبح مناورة جيدة قبيل الانتخابات النيابية».
من جهته، رأى أمين سر تكتل الجمهورية القوية النائب السابق فادي كرم في كلام رئيس ‏الجمهورية «محاولة مبيتة لتطيير الانتخابات من خلال طرحه تغيير النظام والاستراتيجية الدفاعية». ورأى في حديث إذاعي أن ‏«سبب اتخاذ الخطاب هذا المنحى هو تحالفات الرئيس عون وتياره المأزوم على ‏أبواب الانتخابات النيابية‎»، معتبرا أن «الكلام عن الاستراتيجية الدفاعية أتى متأخراً جداً فلو كان التزم ‏الرئيس عون وفريقه المبادئ الثلاثة التي طالب فيها لكان البلد بألف خير».‎
وعن الاستراتيجية الدفاعية كتب رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب «القوات اللبنانية» الوزير السابق ريشار قيومجيان عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «فخامة الرئيس ميشال عون، من الآخر: الاستراتيجية الدفاعية اختصاص الجيش اللبناني حصرياً، ليست مادة نقاش سياسي. الجيش يضع خططا ويؤمن جهوزية للدفاع عن الأراضي اللبنانية، وكلنا معه. واجبك أن تقول لـ(حزب الله): سلم سلاحك وكن حزبا لبنانيا وليس حرسا ثوريا إيرانيا. نقطة على السطر».
ولم يختلف كثيرا موقف الحزب التقدمي الاشتراكي الذي عبر عنه النائب بلال عبد الله منتقدا كلام عون، وكتب على حسابه على «تويتر»: «صح النوم في موضوع الاستراتيجية الدفاعية التي كرسها إعلان بعبدا، وأقرتها طاولة الحوار الوطني في العام 2006... أما اللامركزية المالية الموسعة، فهي خطوة متقدمة نحو الفيدرالية، وهي شعار شعبوي انتخابي يغلف نزعة تقسيمية»، مضيفا «أضعتم وتضيعون البلد كرمال الحصة والسلطة!
كذلك علق النائب فريد هيكل الخازن عبر حسابه على «تويتر» متوجها إلى عون بالقول: «‏فخامة الرئيس بكل محبة، المشكلة أنكم لا تعترفون بالخطأ، لبنان لا يُحكم بالقوة والتصادم. إن منطق (الرئيس القوي) والعداوة مع الجميع أكانوا حلفاء، أو أخصاما وصولاً إلى جمهور الشارع، قد أوصل لبنان إلى النهاية. كلامكم بالأمس ليس مقبولاً. الحل يبدأ بالتغيير، تغيير أدائكم».
من جهته ذهب الوزير السابق أشرف ريفي إلى اتهام الرئيس عون بأنه باع الجمهورية إلى إيران ليحصل على الرئاسة، وكتب على تويتر قائلا: «من كان رأس حربة (حزب الله) في تعطيل الدولة منذ العام 2006 يشتكي اليوم من التعطيل، ويلقي المسؤولية على الآخرين كأنه في موقع المعارضة». وتوجه إلى عون قائلا: «بِعتَ الجمهورية لإيران لتحصل على الرئاسة، فكان العهد الأسوأ والعهد الأضعف. كان الصمت أفضل بل الاستقالة».
بدوره دعا النائب السابق فارس سعيد الرئيس عون إلى الاستقالة وكتب على تويتر «المسؤول يطرح حلا، فخامة الرئيس الحل واحد استقالتك ضرورة لأنك أعلنت الليلة عجزك عن تأمين مصلحة لبنان، نحترمك احترمنا».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».