شكاوى ستة فلسطينيين من القدس ضد الشرطة الإسرائيلية

قالت مديرة عصبة الدفاع عن الفرد إنها عينة مما يتعرضون له

ابنة حي الشيخ جراح في القدس خلال مؤتمر صحافي نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
ابنة حي الشيخ جراح في القدس خلال مؤتمر صحافي نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

شكاوى ستة فلسطينيين من القدس ضد الشرطة الإسرائيلية

ابنة حي الشيخ جراح في القدس خلال مؤتمر صحافي نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
ابنة حي الشيخ جراح في القدس خلال مؤتمر صحافي نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

تقدم ستة مواطنين فلسطينيين من القدس الشرقية المحتلة، بشكاوى ضد عدد من أفراد الشرطة الإسرائيلية، لاستخدامهم العنف الشديد ضدهم وتنفيذ اعتقالات من دون سبب. وأوضحوا أن شرطة الاحتلال تصعد من عنفها ضد المواطنين، رجالاً ونساء وفتية وأطفالاً ومسنين، بلا رحمة.
ويستخدمون أسلحة القمع على اختلافها بما في ذلك الأسلحة النارية.
ومع أن الحوادث التي تناولت هذه الشكاوى وقعت في الصيف الماضي، إلا أن منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل، «بتسيلم» و«عصبة الدفاع عن الفرد»، وغيرها، ممن ترافق المشتكين الفلسطينيين، تؤكد أن الشهور الأخيرة تشهد تصعيداً في اعتداءات الشرطة حتى اليوم، وأن هذه الشكاوى جاءت كجزء من المعركة لوقفها.
وروت وفيقة دعنا (60 عاماً)، في شكواها، أنها حاولت دخول المسجد الأقصى المبارك، فطلب منها رجال الشرطة أن تسلم بطاقة هويتها. فردت، إنها تنوي الخروج من باب آخر وليس سهلاً أن تأتي إليهم وتأخذ البطاقة، ثم تنتقل مئات الأمتار إلى الباب الآخر. لكنهم رفضوا التجاوب معها، فراحت تبكي وتصرخ في وجوههم، فكما كان من الضابط، إلا أن استدعى قوات قمع إضافية بينهم شرطية حملت أغلالاً لتقييدها. ثم جروها بالقوة على الأرض وثوبها مرفوع وحجابها منزوع، ما سبب لها ألماً نفسياً شديداً. وقد اعتقلت لعدة ساعات ثم نقلت إلى العلاج في المستشفى، وهي تعاني حتى اليوم من الحادثة، وكلما تحدثت عنها تصاب بنوبة غضب من جديد. وتستسلم للبكاء.
وفي شكوى قدمها فتى في السادسة عشرة من عمره، جاء أنه كان جالساً على أدراج باب العامود يشرب الشاي، ففاجأه رجال الشرطة من الخلف وأمروه: «لا تتحرك. نحن شرطة». وأخذوه إلى مرحاض عمومي قريب وراحوا يشتمونه ويضربونه وينكلون به. وأجبروه على خلع جميع ملابسه. وبعد تنكيل دام 40 دقيقة قادوه إلى المعتقل، وأبقوه طيلة يوم كامل ثم أطلقوا سراحه. وحتى اليوم لا يعرف لماذا فعلوا به هذا، علماً بأنه لم يستدع للتحقيق فيما بعد ولم توجه إليه أي تهمة. لكنه ما زال يعاني من جراء هذا الاعتداء، وقد انقطع عن الدراسة. وكما يقول والده في تصريح مشفوع بالقسم، فقد صار إنساناً آخر، منطوياً على نفسه لا يبرح البيت، يقل في الكلام ويرى في كل شخص «رجل أمن إسرائيلياً جاء للاعتداء عليه».
وفي شكوى قدمها الشاب محمد أبو الحمص (18 عاماً)، جاء أن الشرطة اعتقلته بالخطأ، عبر عملية شبه عسكرية في منتصف الليل في الشهر الماضي، عندما قام نحو 20 عنصراً في الشرطة والمخابرات بمداهمة بيته في حي العيساوية. يقول: «لم يقرعوا الباب بل كسروه. دخلوا غرفته وانتزعوه من الفراش ووضعوا كيساً من الخيش على وجهه. وعندما قامت شقيقته بتصوير المشهد، اعتدوا عليها وعلى كل من اعترض على عدوانهم بمن في ذلك الأطفال، واستخدموا مسدس التماس الكهربائي. ثم أجلسوه على ركبتيه أمام البيت وقام أحدهم بضغط رأسه إلى أسفل متسبباً له بآلام شديدة. ثم قادوه إلى مركز الشرطة للتحقيق معه في شبهة قذف الحجارة. وأبقوه خمس ساعات، حتى اكتشفوا أنه ليس الشخص المطلوب، وأنهم يفتشون عن محمد أبو الحمص آخر.
وفي الشكوى الرابعة يروي أحمد سليمان (21 عاماً) كيف اعتدوا عليه بينما كان يعمل في مقهى خلال الحرب الأخيرة على غزة. فقد رفسوه وضربوه وأسالوا الدم من وجهه وعندما صاح شاكياً قال له الضابط: «احمد ربك على أنني لم أطلق رصاصة على رأسك». ثم حاولوا إجباره على التوقيع على بيان يقول فيه إنه لم يتعرض لأي عنف.
ويروي علي أبو سارة (24 عاماً)، كيف تقدم من رجال شرطة عندما كانوا يعتدون على صحافية عربية، فأصابوه بضربة كهربائية واعتقلوه وضربوه حتى أحدثوا كسراً في جمجمته وآلاماً شديدة في بطنه وظهره. وقد رفض طبيب المعتقل علاجه صائحاً في وجه رجال الشرطة: «يحتاج إلى علاج فوري في المستشفى».
وكانت الشكوى السادسة من الصحافية آلاء دية (24 عاماً)، التي اعتقلت لأنها كانت تصور اعتداء رجال الشرطة على مواطنين قرب باب العامود. وشتم أحد رجال الشرطة النبي وصادر هاتفها الخليوي. واعتقلوها وأسمعوها شتائم وتلميحات جنسية وحاولوا نزع حجابها.
وقالت مديرة عصبة الدفاع عن الفرد، جيسيكا مونتال، إن هذه عينة من مئات الاعتداءات التي يتعرض لها أهل القدس من الشرطة الإسرائيلية بشكل يومي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.