عون يدعو إلى حوار وطني و«نظام جديد ركيزته اللامركزية الموسعة»

وجه انتقادات حادة لـ«حزب الله» ورفض «توتيره العلاقات مع الخليج»

الرئيس عون خلال توجيهه كلمة إلى اللبنانيين أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس عون خلال توجيهه كلمة إلى اللبنانيين أمس (دالاتي ونهرا)
TT

عون يدعو إلى حوار وطني و«نظام جديد ركيزته اللامركزية الموسعة»

الرئيس عون خلال توجيهه كلمة إلى اللبنانيين أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس عون خلال توجيهه كلمة إلى اللبنانيين أمس (دالاتي ونهرا)

في أول موقف واضح ضد حزب الله وسلاحه انتقد رئيس الجمهورية ميشال عون عرقلة الحكومة وتعكير العلاقات مع الدول العربية»، داعياً إلى حوار وطني شامل وعاجل من أجل التفاهم ع=لى ثلاث مسائل والعمل على إقرارها لاحقاً وهي: اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، والاستراتيجية الدفاعية، وخطة التعافي المالي، متمنياً ألا يضطر إلى أن يقول أكثر.
وجاءت مواقف عون في كلمة له وجّهها إلى اللبنانيين في نهاية العام، حيث قال: «لم أرغب في أن أزيد الأمور تعقيداً لكن بات من الضروري أن يكون الكلام أوضح لأن المخاطر تكبر وتهدد وحدة الوطن»، مؤكداً: «لم ولن أستسلم أمام الانهيار ولا أزال أعتبر الحل ممكناً من خلال وثيقة الوفاق الوطني، وإجراء المحاسبة، وحماية أموال الناس وإعادتها إلى المودعين».
وأضاف: «من موقعي كمؤتمن على الدستور، أدعو إلى حوار وطني عاجل من أجل التفاهم على ثلاث مسائل، والعمل على إقرارها لاحقاً ضمن المؤسسات، وهي: اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان وخطة التعافي المالي والاقتصادي، بما فيها الإصلاحات اللازمة والتوزيع العادل للخسائر».
ولفت إلى أنه كان دعا إلى أكثر من لقاء ومؤتمر وطرح حلول، ولكن أهل المنظومة رفضوا أن يتخلّوا عن أي مكسب، ولم يحسبوا أي حساب للناس، مجدداً دعوته إلى الحوار لكل لبنانية ولبناني يرغب في خلاص لبنان.
رغم كل شيء قال رئيس الجمهورية: «الحل ممكن من ضمن وثيقة الوفاق الوطني، ويقتضي أولاً إجراء المحاسبة، أي تحديد المسؤولية عن الانهيار، وحماية أموال الناس وإعادتها إلى المودعين. كما يقتضي الحل الانتقال إلى دولة مدنية، ونظام جديد ركيزته الأساسية اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة. ويجب أن تشكّل الانتخابات النيابية المقبلة استفتاء على هذا الأساس».
وانتقد سلاح حزب الله من دون أن يسميه قائلاً: «الدفاع عن الوطن يتطلب تعاوناً بين الجيش والشعب والمقاومة، ولكن المسؤولية الأساسية هي للدولة. وحدها الدولة تضع الاستراتيجية الدفاعية، وتسهر على تنفيذها».
وفي إشارة واضحة إلى سياسة حزب الله وتعكير علاقة لبنان مع دول الخليج قال عون: «في الوقت الذي تقترب فيه الحلول في المنطقة نرى الحل يبتعد في لبنان، مؤكداً: «أرغب بأفضل العلاقات مع الدول العربية ودول الخليج»، وسأل: «ولكن ما هو المبرر لتوتير العلاقات مع هذه الدول والتدخل في شؤون لا تعنينا؟ وشدّد: «على لبنان أن يبقى ملتقى حوار الثقافات، وليس أرض الصراعات».
ودعا إلى توقف التعطيل المتعمّد والممنهج وغير المبرر، الذي يؤدي إلى تفكيك المؤسسات وانحلال الدولة، وإلى ضرب المجلس الدستوري، وأسقط خطة التعافي المالي وعطّل الحكومة وعرقل القوانين في مجلس النواب، فيما التفكيك والانحلال نحرا القضاء.
وسأل الرئيس عون: بأي شرع أو منطق أو دستور، يتم تعطيل مجلس الوزراء، ويُطلب منه اتخاذ قرار ليس من صلاحياته، ويتم تجميد عمله بسبب مسألة لا تشكّل خلافاً ميثاقياً؟ مستطرداً أنه على الحكومة أن تعمل، وعلى مجلس النواب أن يراقب عملها ويحاسبها عند الضرورة، وليس المساهمة في تعطيلها، فيما يعمل بعض المسؤولين على استمرار الشلل فيها.
وأضاف: «لا أريد أن أخاصم أحداً ولا تفكيك الوحدة في أي طائفة ولن أقبل أن أكون شاهداً على سقوط الدولة واختناق الناس وسأبقى أعمل حتى آخر يوم من ولايتي ومن حياتي لمنع ذلك».
وأكد أن «الدفاع عن الوطن يتطلب تعاون الجيش والشعب والمقاومة والمسؤولية الأساسية هي للدولة التي تضع وحدها الاستراتيجية الدفاعية وتسهر على تنفيذها»، مشيراً إلى أن «التعطيل ضرب المجلس الدستوري وأسقط خطة التعافي المالي وعطّل الحكومة وعرقل القوانين في مجلس النواب والتفكيك والانحلال نحرا القضاء»، وشدّد على ضرورة أن تجتمع الحكومة سائلاً: «بأي شرع أو منطق أو دستور يتم تعطيلها؟».
كما انتقد رئيس البرلمان نبيه بري من دون أن يسميه قائلاً: «لماذا لا يتجاوب مجلس النواب مع دعواتي المتلاحقة إلى إقرار قوانين لخدمة الناس وهل مكان هذه القوانين في الإدراج واللجان فقط؟، مشدداً على أن «الدولة تُبنى باحترام القوانين وليس بتجاوز السلطة ولا بهيمنة سلطة على سلطة أخرى».
وردّ على منتقديه قائلاً: «من السهل انتقاد رئيس الجمهورية مع أن صلاحياته محدودة جداً إنما لا بد أن أسأل: لماذا لا تقال الحقيقة؟ لماذا يزوّرون الحقائق؟. وختم عون كلمته قائلاً: «أردتها رسالة مصارحة وآمل ألا أضطر إلى أن أقول أكثر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.