«برا المنهج»... معالجة سينمائية كوميدية لأزمات الطفولة

ماجد الكدواني والطفل عمر شريف تقاسما بطولة الفيلم المصري

 ماجد الكدواني قدم أداءً متميزاً في هذا العمل (الشركة المنتجة للفيلم)
ماجد الكدواني قدم أداءً متميزاً في هذا العمل (الشركة المنتجة للفيلم)
TT

«برا المنهج»... معالجة سينمائية كوميدية لأزمات الطفولة

 ماجد الكدواني قدم أداءً متميزاً في هذا العمل (الشركة المنتجة للفيلم)
ماجد الكدواني قدم أداءً متميزاً في هذا العمل (الشركة المنتجة للفيلم)

«الطفل هو أبو الرجل» هكذا تقول الحكمة الشهيرة المستندة على خلفية علمية، نفسية واجتماعية، مؤكدة أنّ ما نواجهه نحن الرجال الناضجين والسيدات الناضجات ما هو إلا انعكاس مباشر لما عشناه في حياتنا من تجارب مريرة أو سعيدة.
انطلاقاً من هذه الحقيقة، يبني الفيلم المصري «برا المنهج»، الذي يُعرض حالياً في دور السينما المختلفة بمصر، حبكته وهو يتناول عالم الطفولة وما يكتنفها من أزمات وعوائق تحول دون بناء إنسان سوي، متوازن، قادر على إسعاد نفسه وإفادة بلاده.
«نور» يبلغ من العمر 13 عاماً، يعيش مأساته الخاصة طفلاً وتلميذاً في المدرسة على حد سواء، زملاؤه في الفصل الدراسي يجعلونه هدفاً دائماً لموجات لا تنتهي من التنمر. يسخرون من ضعف بصره واضطراره لارتداء نظارة طبية طوال الوقت. إمعاناً في الإهانة يطلقون عليه اسماً كودياً خاصاً هو «عماشة»، لا يكتفي المتنمرون بكل ذلك، بل يذهبون إلى مرحلة أبعد تتمثل في العنف والتطاول عليه بالأيدي. لا يجد «نور»، الذي يجسد دوره الطفل عمر شريف، أي نوع من الحماية من جانب معظم المدرسين، بل إنّ بعضهم يساهم في إفقاد التلاميذ ثقتهم بأنفسهم، حيث يهدّدون الطلبة بإدخالهم إلى «بيت الأشباح»، وهو بيت قديم مهجور يخاف منه معظم الناس وتتردد حوله شائعات مخيفة.
يقرر «نور» أنّه بحاجة إلى عمل كبير، لم يسبقه إليه أحد من قبل، يُكسبه احترام الجميع. يقع اختياره على ذلك البيت. يصمم على اقتحامه رغم ضربات قلبه التي تتصاعد رعباً. وسط جذوع أشجار مجدبة وأدخنة زرقاء وموسيقى حادة تتعالى، ثمة شبح مخيف ضخم يلوح في الأفق، لكن سرعان ما يتبين أنّه مجرد عجوز طيب قرر اعتزال الناس والابتعاد عن صراعات الحياة بحثاً عن معنى.
يصبح لقاء الاثنين: الزاهد الساخر الذي يجسد دوره الفنان ماجد الكدواني والطفل الصغير، بمثابة رحلة مدهشة لإعادة اكتشاف الذات والعالم انطلاقاً من عنوان الفيلم نفسه، حيث تشير عبارة «برا المنهج» في معناها المباشر إلى الأسئلة التي ترد في الاختبارات المدرسية ولا علاقة لها بالمنهج الدراسي إذ تطمح لقياس قدرات خاصة لدى التلاميذ. أما في هذا العمل، فهي تعني تجارب الحياة التي لن يطلعك عليها أحد بسهولة!.
الفيلم في مجمله يعد محاولة ناجحة لتقديم عمل لا يخضع لشروط السوق بمعناها التجاري ويتجاوز ثنائية: الأكشن أو الضحك لمجرد الضحك. هنا نحن إزاء معانٍ عميقة، لكنها مقدمة من خلال حبكة بسيطة ومباشرة تشتغل على قضايا التنمر والتربية والإحساس بالأمان ودروس الحياة الثمينة التي لا ندركها إلا بعد فوات الأوان غالباً.
جاءت الأحداث مغلفة بنزعة كوميدية مما سهّل تمرير رسائل الفيلم بسلاسة، كما أنّ ماجد الكدواني بما حققه من جماهيرية في السنوات الأخيرة أصبح اسمه وحده كفيلاً بضمان الحد الأدنى من الإيرادات في شباك التذاكر.
ويعد الفيلم التجربة الثانية من نوعها التي يُقدم عليها المؤلف والمخرج عمرو سلامة بعد فيلم «لا مؤاخذة»، إنتاج عام 2014. ويكون محور القصة والبطولة أحد الأطفال، فهل تحول الأمر إلى نوع من الشغف رغم ما يعتري هذه النوعية من الأعمال من صعوبات بالغة في التنفيذ؟ طرحنا السؤال على سلامة فأجاب قائلاً: «العمل مع الأطفال قد يكون صعباً من ناحية قدرتك على توجيههم، لكنّه مشوق وممتع إلى أقصى حد، خصوصاً إذا نجحت في اختيار الطفل المناسب».
ويؤكد عمرو سلامة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أنّه شاهد آلاف الوجوه المرشحة من الأطفال عبر تجارب أداء لا تنتهي حتى استقر في النهاية على الطفل عمر شريف.
وعن اختيار ماجد الكدواني لهذا الدور أوضح سلامة أنّه كتب معالجة العمل من عشر سنوات وأطلع الكدواني عليها فكان متحمساً للغاية ويسأله طوال هذه الفترة عن العمل، حتى أصبح الظرف مواتياً وخرجت التجربة للنور أخيراً.
وبشأن ردود الأفعال حتى الآن، تجاه الفيلم، يؤكد أنّها فاقت توقعاته منذ اللحظة الأولى، خصوصاً حين عرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر في مدينة جدة، وفوجئ بأنّ جميع التذاكر بيعت مسبقاً رغم ضخامة قاعة العرض واتساعها لمئات المتفرجين!.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.