جائحة «كوفيد»... احتمالات ومآلات

سحب عينة من رجل في مدينة غزة لفحص كوفيد (أ.ف.ب)
سحب عينة من رجل في مدينة غزة لفحص كوفيد (أ.ف.ب)
TT

جائحة «كوفيد»... احتمالات ومآلات

سحب عينة من رجل في مدينة غزة لفحص كوفيد (أ.ف.ب)
سحب عينة من رجل في مدينة غزة لفحص كوفيد (أ.ف.ب)

بعد مرور عامين على بدء انتشار «كوفيد - 19» وفيما تجتاح العالم موجة جديدة من الفيروس مع تفشي المتحورة «أوميكرون»، ما زال هناك أمل في أن يبدأ الوباء التلاشي عام 2022، رغم أن الخبراء ينبهون إلى وجوب معالجة التباين في معدلات التلقيح عبر العالم، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
قد يبدو الأمر كأنه واقع بعيد المنال مع فرض دول قيودا جديدة لكبح تفشي المتحورة «أوميكرون» السريعة الانتشار والحد من عدد الإصابات المتزايدة وإبعاد المشاهد المحبطة التي سادت خلال الموجات السابقة من المرض عن الأذهان.
وقال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الأسبوع الماضي: «نحن نواجه شتاء قاسيا آخر».

لكنّ خبراء صحيين يقولون إننا مجهزون الآن بشكل أفضل بكثير مما كان عليه الوضع قبل عام لمواجهة الوباء، مع وجود مخزون هائل من اللقاحات الآمنة والفعالة إلى حد كبير والعلاجات الجديدة المتاحة.
وقالت ماريا فان كيركوف مسؤولة إدارة الوباء في منظمة الصحة العالمية للصحافيين هذا الشهر: «لدينا الأدوات اللازمة التي قد تجعلنا نتغلب على الوباء». وشددت على أن «لدينا القوة للقضاء عليه عام 2022»، لكن، يجب استخدامها بالشكل السليم.
بعد عام من إطلاق اللقاحات الأولى، أعطيت حوالى 8.5 مليار جرعة على مستوى العالم.
والعالم يعمل الآن لإنتاج حوالى 24 مليار جرعة بحلول يونيو (حزيران)، وهي أكثر من كافية لجميع سكان الكوكب.
لكن التفاوتات الصارخة في توزيع اللقاحات تعني أنه فيما تقدّم العديد من الدول الغنية جرعات إضافية للأشخاص الذين تلقوا اللقاح أصلا، فإن الأشخاص المعرضين للخطر والعاملين الصحيين في العديد من الدول الفقيرة ما زالوا ينتظرون الحصول على جرعتهم الأولى.
وتظهر أرقام الأمم المتحدة أن حوالى 67 في المائة من الأشخاص في البلدان المرتفعة الدخل تلقوا جرعة واحدة على الأقل من اللقاح فيما حصل أقل من 10 في المائة عليها في البلدان المنخفضة الدخل.
وهذه التفاوتات التي وصفتها منظمة الصحة العالمية بأنها فضيحة أخلاقية قد تتعمق أكثر إذ تسارع العديد من الدول إلى الاستحواذ على جرعات إضافية للاستجابة للمتحورة «أوميكرون».
وتشير البيانات الأولية إلى أن المتحورة «أوميكرون» الشديدة العدوى والتي أحدثت تفشيات جديدة حول العالم منذ اكتشافها في جنوب أفريقيا الشهر الماضي، أكثر مقاومة للقاحات من المتحوّرات السابقة.
وفي حين يبدو أن الجرعات المعززة تزيد مجددا مستوى الحماية، تشدد منظمة الصحة العالمية على أنه بهدف التغلب على الوباء، يجب أن تبقى الأولوية هي إعطاء الجرعات الأولى للأشخاص المعرضين للخطر في كل أنحاء العالم.
ويحذّر الخبراء من أن السماح لكوفيد بالانتشار دون رادع في بعض الأماكن، يزيد بشكل كبير من إمكان ظهور متحوّرات جديدة أكثر خطورة.
لذلك، حتى مع قيام الدول الغنية بإعطاء سكانها الجرعة الثالثة أو الجرعة المعززة، فإن العالم لن يكون آمنا إلى أن يتمتع الجميع بدرجة معينة من المناعة.
وقال تيدروس الأسبوع الماضي: «لا يمكن لأي بلد أن يتغلب على الوباء بالجرعات المعززة»، مضيفا: «حملات الجرعات المعززة العشوائية قد تطيل أمد الوباء بدلا من القضاء عليه، من خلال استحواذ البلدان التي تتمتع بمعدلات تلقيح عالية أصلا على الجرعات المتاحة، ما يمنح الفيروس المزيد من الاحتمالات للانتشار والتحوّر».
وقال مدير برنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل راين إن ظهور المتحوّرة «أوميكرون» دليل على ذلك، موضحا: «لقد انتهز الفيروس الفرصة للتطور».
كذلك، قال غوتام مينون أستاذ الفيزياء وعلم الأحياء في جامعة أشوكا في الهند إن من مصلحة الدول الغنية أن تحصل الدول الفقيرة أيضا على اللقاحات.
وأضاف: «سيكون من الخطأ الاعتقاد أنها بمجرد تلقيح سكانها ستتخلص من المشكلة».

ويعتقد راين أن زيادة مستوى التلقيح يجب أن توصلنا إلى نقطة «يستقر فيها كوفيد بنمط أقل اضطرابا». لكنه حذّر من أنه إذا فشل العالم في معالجة مشكلة عدم المساواة في الوصول إلى اللقاحات، فما زال ممكنا أن يكون الأسوأ أمامنا.
يتصور أحد السيناريوهات الأسوأ أن تخرج جائحة كوفيد عن السيطرة وسط وابل ثابت من المتحورات الجديدة، بل إن سلالة منفصلة ستسبب انتشار جائحة ثانية موازية في الوقت نفسه.
وقد يؤدي الارتباك والمعلومات المضللة إلى تقليص الثقة في السلطات والعلوم فيما تنهار الأنظمة الصحية وتنشأ اضطرابات سياسية.
وهذا واحد من العديد من السيناريوهات «المعقولة» وفق راين.
وتابع: «الجائحة المزدوجة تمثل مصدر قلق خاصا، لأنّ لدينا فيروسا واحدا يسبب جائحة الآن، فيما العديد من الفيروسات تنتظر دورها».
لكنّ تغطية عالمية أفضل للقاحات قد تعني أن كوفيد، رغم أنه من غير المحتمل أن يختفي تماما، سيصير مرضا متوطنا نستطيع التحكم فيه إلى حد كبير مع تفشٍ موسمي أكثر اعتدالا سنتعلم طريقة التعايش معه، مثل الإنفلونزا، بحسب خبراء.
وقال أندرو نويمر عالم الأوبئة في جامعة كاليفورنيا، إنه سيصبح «جزءا من الأثاث».
لكننا لم نصل إلى ذلك بعد.
يحذر خبراء من التفاؤل الزائد حول المؤشرات المبكرة على أن «أوميكرون» تسبب شكلا أقل خطورة من المرض مقارنة بالمتحورات السابقة، مشيرين إلى أنها تنتشر بسرعة كبيرة لدرجة أنه ما زال من الممكن أن تضغط على الأنظمة الصحية.
وقال أنتوني فاوتشي كبير مستشاري البيت الأبيض لمكافحة الجائحة لشبكة إن بي سي نيوز الأسبوع الماضي: «عندما يكون هناك عدد كبير من الإصابات حتى لو كانت أقل حدة... ستشكل ضغطا كبيرا على النظام الاستشفائي».
وهذا احتمال محبط بعد عامين من ظهور الفيروس في الصين.

لم تمحَ من الأذهان مشاهد المرضى الموصولين بأنابيب في مستشفيات مكتظة والطوابير الطويلة من الأشخاص الذين يتدافعون للعثور على الأكسجين لأحبائهم.
ورسميا، أودى الوباء بحياة نحو 5.5 مليون شخص في كل أنحاء العالم رغم أن العدد الفعلي يرجّح أن يكون أعلى بكثير، ومن شأن التردد في الحصول على اللقاح أن يزيد الخسائر البشرية التي راحت ضحية الوباء.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.