«الإفراط في التفكير»... معرض لوجوه تتخطى أزمتها بالريشة

حكاية شخصية مر بها الرسام محمد الدريني

TT

«الإفراط في التفكير»... معرض لوجوه تتخطى أزمتها بالريشة

هي قصة واقعية يرويها الرسام اللبناني الفلسطيني محمد الدريني، في معرضه «الإفراط في التفكير» (Over thinking) في «دار المصور» من خلال 22 لوحة استخدم فيها الرسام الشاب الحبر والزيت والفحم والأكليريك. يسير الزائر في طريق طويل مزروع بالوجوه. وجوه حانقة، وأخرى حزينة ومرتبكة، مروراً بأخرى تحيط بها الدوائر والبقع السوداء، تخبرنا قصة محمد مع تفكيره الزائد.
«إنها مرحلة مررت بها وأتعبتني. كانت هذه الوجوه بمثابة أفكار راودتني إلى حين وجدت السبيل للتخلص منها».
هكذا يشرح محمد الدريني شخصيات لوحاته التي قدمها في غرف «دار المصور» ليسلك معها زائر المعرض الطريق الصحيح. فبرأي محمد أن كلاً منا قد يمر بمرحلة من التفكير الزائد، وتأتيك نصائح من هنا وهناك كي تتلمس منها طريق الخلاص، إلا أن صاحب هذه الأفكار وحده من يستطيع إيجاد الحل لأزمته.
وهل برسم الوجوه وجدت العلاج للمرحلة التي قطعتها؟ يرد محمد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أهدف من خلال معرضي، أن أدق جرس الإنذار لكل شخص يعاني من هذه الحالة. ومن يقرأ خطوط لوحاتي سيفهم أنه غالباً ما تغلف السوداوية بداية هذه المرحلة من التفكير الزائد. لم أكن أدرك ما يصيبني، ولكن مع لوحاتي اكتشفت كل شيء، وفهمت ما مررت به وما عانيت منه».
عنون محمد لوحاته بأسماء تحمل في طياتها معانٍ مختلفة، وتشكل واحدة من مراحل عدة خاضها. لوحة «الانفصال» تحمل وجهاً مقسوماً إلى جزأين تمثل الضياع الذي أصاب الفنان في فترة تفكيره المفرط. أما اللوحات الثلاث «دورة» و«انجذاب» و«الزمن القاتم»، التي رسمها بالحبر، فتؤلف مجتمعة جملة واحدة. «إنها تعني الدورة التي توصل إلى الانجذاب والزمن القاتم. فالدورة التي نمر فيها بدءاً، من كلام الناس مروراً بأفكارنا الزائدة المتسمة بالسوداوية، تتجذر فينا فتتعبنا إلى حد يجعلنا نشعر وكأننا أصبحنا مسنين فجأة».
وفي لوحة «الاحتواء» التي تشكل آخر المراحل التي مر بها محمد الدريني. «في هذه المرحلة أترجم نهاية المأساة التي عشتها. صرت قادراً على ضبط أفكاري وتوجيهها بالطريقة السليمة، مع أني لا أزال أعاني من التفكير المفرط».
الريشة برأي محمد تعكس أفكار صاحبها وتبلورها ومرات تصبح بمثابة خشبة الخلاص التي يبحث عنها. ما عانى منه محمد يمكننا أن نراه بوضوح في لوحاته التي تستهل المعرض وهي ثلاث. «واحدة بالأزرق واثنتان بالبرتقالي والأصفر، تجتاحها وجوه سوداء وعنوانها (أسباب)». ويوضح: «هي بمثابة حالات نفسية مررت بها من دون أن أسأل نفسي لماذا أرسمها؟ كما تمثل كلام الناس وتدخلاتهم في أمور الآخر».
كان محمد يكرر رسم هذه الوجوه، لكنه ما لبث أن اكتشف أنها كناية عن وجه لشخص واحد. كثافتها الموزعة على مساحة لوحاته تمثل أفكاراً مر بها، وتترجم الصراع الذي خاضه معها.
وجوه متشابكة وأخرى متلاصقة، مروراً بمجموعة تقابل بعضها، ويخرج السواد منها على شكل دوائر، يرسمها محمد مرات بالفحم على خلفية بيضاء هادئة ليؤكد أنها مجرد انفعالات وليست غضباً. ويشرح محمد لـ«الشرق الأوسط»، «هي ليست فقط انفجاراً من كثرة التفكير، بل خليط من الهدوء والفرح والحزن تجتمع في فكر صاحبها في اللحظة نفسها. وهذه الألوان التي تعتري اللوحات تمثل المشاعر والحالات النفسية التي يمر بها».
بشكل عام يفضل الدريني استخدام الفحم والأكليريك في رسوماته، «إنها تظهر بوضوح التناقض الذي يحدثه الفحم داخل الأكليريك، لا سيما في ترجمة الأفكار العميقة. وبالنسبة لاستخدامي الحبر في لوحات أخرى، فهي لتبيان اختلاف الموضوعات التي أتطرق إليها مع الأكواريل».
نصل إلى المجموعة التي تحكي عن إمكانية الهلاك الممثلة بوجوه تعاني من تورم. «هذا النوع من الأفكار يتجذر في أذهاننا، وهو ما رغبت في قوله في رسوماتي، فنجد صعوبة في التخلص منها. ولذلك يلمس مشاهدها هذه التحولات التي تصيبها. فتبدأ بوجوه سوداء مروراً بأخرى تحيط بها الفقاقيع الملونة، وتعني النصائح التي تأتينا من هنا وهناك. وفي المرحلة الأخيرة نجد تغييراً في هذه الوجوه التي بعد تأملها بما يحدث معها تدارك مشكلتها».
احتوى محمد الدريني حالة التفكير الزائد التي انتابته من خلال رسوماته. ومع ألوان كالزهري والأصفر والأزرق يرسم طريق معاناة، أخذته إلى وجهات مختلفة. تغذي هذه الحالة عند صاحبها الأنانية فيتلذذ بتشريحها والتعمق فيها. وما تلك البقع السوداء الظاهرة في لوحاته سوى انعكاسها عليه. ويختم: «في نهاية الطريق تتلاشى هذه الأفكار، وخوفاً من أن تصيب شخصاً غيري، أقمت هذا المعرض الذي أريده بمثابة تنبيه إلى خطورة (الإفراط في التفكير) على صاحبه».



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».