كان هناك ما لا يقل عن 16 من مشجعي نادي ساليرنيتانا في ملعب «داسيا أرينا» لمواجهة أودينيزي في الدوري الإيطالي الممتاز يوم الثلاثاء الماضي. قد يرى البعض أن هذا عدد صغير، لكن يجب أن نعرف أنه ليس من السهل أن تقوم برحلة ذهاباً وإياباً لمسافة 1000 ميل لتشجيع الفريق الذي يحتل المركز الأخير في جدول ترتيب الدوري الإيطالي الممتاز في إحدى ليالي شهر ديسمبر (كانون الأول). وعلاوة على ذلك، جاءت هذه الجماهير إلى الملعب رغم أنها تعرف مسبقاً أن فريقها لن يأتي من الأساس لكي تشجعه!
لقد مُنع ساليرنيتانا من السفر بعد أن ثبتت إصابة اثنين من لاعبيه بفيروس كورونا، بالإضافة إلى عضو ثالث في الفريق. وتم اتخاذ هذا القرار من قبل هيئة الصحة المحلية في ساليرنو، وليس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، وهو ما يعني أن المباراة التي كان من المفترض أن يلعبها الفريق خارج ملعبه أمام أودينيزي، لم تُلغَ رسمياً.
وهكذا، فإننا نشهد تكراراً لنفس المشهد السريالي الذي حدث خلال مباراة يوفنتوس ونابولي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وكذلك خلال مباراة لاتسيو وتورينو في مارس (آذار). لقد حضر الفريق صاحب الملعب وأعلن عن تشكيلته الأساسية لخوض اللقاء، بل نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، ثم انتظر وصول الفريق الضيف. وأخيراً، وبعد 45 دقيقة من الموعد المقرر لبدء المباراة، أطلق الحكم جياكومو كامبيوني صافرته ثلاث مرات لينهي هذه المسرحية الهزلية.
لقد كان الجميع يفعلون ما يتعين عليهم القيام به، من خلال اتباع القواعد المكتوبة، لكن هذه المشاهد أثارت إحساساً بالضجر وذكرتنا بأحداث سابقة وقعت بنفس الطريقة. لقد أقيمت كل من مباراتي يوفنتوس ونابولي، ولاتسيو وتورينو في نهاية المطاف في مواعيد لاحقة، لكن لم يحدث ذلك إلا بعد عمليات استئناف طويلة وحجج حول سبب إجبار بعض الفرق على اللعب رغم غياب عدد كبير من لاعبيها بسبب الإصابة بفيروس كورونا، بينما يتم تأجيل مباريات لفرق أخرى.
وترفض رابطة الدوري الإيطالي الممتاز حتى الآن، إصدار حكم بشأن ما إذا كان ينبغي احتساب نتيجة هذه المباراة كفوز لأودينيزي أو تحديد موعد لإقامتها في وقت لاحق. لكن الحقيقة، أنه لا جدوى من القيام بذلك حتى يعرفوا ما إذا كان ساليرنيتانا سيلعب أي مباريات أخرى في الدوري الإيطالي الممتاز أم لا، فهناك مهلة أمام النادي حتى 31 ديسمبر لإيجاد مالك جديد، وإلا سيهبط إلى دوري الدرجة الأولى. لقد أدى صعود النادي إلى الدوري الإيطالي الممتاز في الربيع الماضي إلى حدوث تضارب في المصالح، نظراً لأنه مملوك لكلوديو لوتيتو، وهو مالك نادي لاتسيو أيضاً، في الوقت الذي تمنع فيه اللوائح أن يمتلك شخص واحد أكثر من نادٍ في الدوري الإيطالي الممتاز.
ولم تكن هذه الفوضى وليدة اللحظة، لكنها تتشكل وتتكون منذ 10 سنوات. لقد أعاد لوتيتو إطلاق نادي ساليرنيتانا مع رجل أعمال آخر، وهو ماركو ميزاروما، بعد إفلاس النادي في عام 2011، وأشرف على صعوده من دوري الدرجة الرابعة، في الوقت الذي كان يقوم فيه نادي لاتسيو في كثير من الأحيان بإرسال لاعبين صغار لساليرنيتانا على سبيل الإعارة لاكتساب الخبرة.
وكانت قواعد الاتحاد الإيطالي لكرة القدم في ذلك الوقت تحظر على الأفراد امتلاك أكثر من نادٍ واحد ضمن الدوريات المحترفة، بدءاً من دوري الدرجة الثالثة. لكن عندما صعد نادي ساليرنيتانا إلى هذا المستوى في عام 2012، حصل لوتيتو على إعفاء، وتم تجنب المواجهات المحتملة مع لاتسيو في كأس إيطاليا بطريقة خرقاء من خلال إبعاد الفريقين عن بعضهما في القرعة والثقة باحتمالية عدم تأهلهما للمباراة النهائية.
وحتى رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم نفسه، غابرييل غرافينا، أقر بأن «الجميع يعرف ما سيحدث» عندما سيصعد ساليرنيتانا أخيراً إلى الدوري الإيطالي الممتاز. لكن لا يمكن أن يكون هناك مزيد من التلاعب بالقواعد للسماح لرجل واحد بامتلاك فريقين في نفس الدوري. لقد سُمح للوتيتو بالقيام بذلك بشرط بيعه بحلول نهاية ديسمبر الجاري.
ولا يزال السؤال عن كيفية السماح للأمور للوصول إلى هذه النقطة محيراً للغاية. لقد تم تعديل القواعد والقوانين منذ ذلك الحين لمنع تكرار هذه المهزلة. وفي حالة ساليرنيتانا، كان غرافينا واضحاً عندما أكد أنه لا يمكن السماح باستمرار هذا الوضع لفترة أطول. وبالتالي، إذا لم يتم إيجاد مشترٍ جديد، فسيهبط النادي لدوري الدرجة الأولى بنهاية هذا الشهر.
ومع ذلك، لا يزال غرافينا متفائلاً، وقال يوم الثلاثاء الماضي: «أراهن أنه سيتم إيجاد مشترٍ في الأيام العشرة المقبلة»، وأعلن أنه من غير المعقول ألا يكون أحد على استعداد للاستثمار في مثل هذا «النادي الصحي». ومن المؤكد أن المشجعين الذين تكبدوا عناء السفر إلى ملعب «داسيا أرينا» في نفس الليلة يودون تصديقه، خاصة أنهم رفعوا لافتة في الخارج عليها عبارة «أطلقوا سراح ساليرنيتانا».
أما بقية أندية الدوري الإيطالي الممتاز فليس بيدها شيء سوى المشاهدة وانتظار ما سيحدث خلال الأيام المقبلة. وسيكون هناك تأثير غير مباشر على جميع أندية المسابقة إذا تم استبعاد ساليرنيتانا، حيث من المقرر حذف جميع نتائج الفريق من المسابقة حتى الآن، حتى وإن كان تأثير ذلك على جدول الترتيب متواضعاً. لقد عانى النادي بشدة عند عودته إلى الدوري الإيطالي الممتاز بعد الغياب لمدة 23 عاماً - حيث جمع ثماني نقاط من 19 مباراة رغم التعاقد مع فرانك ريبيري في سبتمبر (أيلول) الماضي.
إنه موقف يفضل الجميع تجنبه. وهناك ما يكفي من القلق بشأن حالات الإصابة بفيروس كورونا داخل نادي ساليرنيتانا، والآثار المحتملة لمتغير «أوميكرون». وحتى هذا الأسبوع، كان هناك أمل في إيطاليا في أن معدل التطعيم المرتفع يمكن أن يساعد على أن تقام مباريات الدوري بسلاسة. وكانت صحيفة «لا ريبوبليكا» قد ذكرت في أكتوبر أن 98 في المائة من لاعبي الدوري الإيطالي الممتاز قد حصلوا على جرعتين من اللقاح - وهو أكبر معدل تطعيم بين اللاعبين في جميع الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا.
وحتى يوم الثلاثاء الماضي، لم يصب سوى 19 لاعباً فقط بفيروس كورونا طوال الموسم. ولم تعلن نصف الفرق عن إصابة أي لاعب من لاعبيها بالفيروس. لكن ارتفاع أعداد الإصابات في جميع أنحاء البلاد أثار القلق حتى قبل أن يُطلب من ساليرنيتانا عدم التحرك لمواجهة أودينيزي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، شددت الحكومة القيود المفروضة على المشجعين الذين يحضرون المباريات، بحيث لا يمكنهم حضور المباريات إلا إذا حصلوا على جرعتين من اللقاح أو تعافوا من الإصابة بالفيروس خلال الأشهر الستة السابقة.
وقد يتم تقديم المزيد من الإجراءات الحكومية قبل نهاية العام، رغم توقف منافسات الدوري الإيطالي الممتاز من الآن وحتى السادس من يناير (كانون الثاني). ويقتصر عدد الحضور في مباريات الدوري الإيطالي الممتاز على 75 في المائة فقط من سعة الملاعب منذ أكتوبر، مقارنة بـ50 في المائة فقط في بداية الموسم. لكن على أرض الواقع، لا تصل معظم الأندية إلى الحدود القصوى لسعة الملاعب.
ومع ذلك، لم تُلقِ هذه المخاوف بظلالها على المباريات التي أقيمت في الدوري الإيطالي الممتاز في أواخر عام 2021، فقد أنهى إنتر ميلان العام بفوز رائع على تورينو على ملعب «سان سيرو» بهدف دون رد ليتصدر جدول الترتيب، ويبدو على الأرجح أنه سيحتفظ بلقب الاسكوديتو بنهاية هذا الموسم.
وقال المدير الفني لإنتر ميلان، سيميوني إنزاغي: «من المناسب للجميع الآن أن يقولوا إن إنتر ميلان فريق قوي، لكن هذا لم يكن ما يقوله الناس في الصيف الماضي». في الواقع، لقد نجح إنزاغي في نقل الفريق إلى آفاق جديدة منذ أن تولى قيادته خلفاً لأنطونيو كونتي، بل نجح في إجاد طرق جديدة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من اللاعبين الذين لم يكن لهم دور مع الفريق، مثل أليكسيس سانشيز وأرتورو فيدال.
واستعاد ميلان توازنه بعد الهزيمة التي مُني بها في نهاية الأسبوع أمام نابولي، وحقق فوزاً مثيراً على إمبولي بأربعة أهداف مقابل هدفين، وعلى النقيض من ذلك، تعثر نابولي بالخسارة على ملعبه أمام سبيتسيا صاحب المركز السابع عشر، في أكبر مفاجأة في هذه الجولة.
وقدم روما أفضل أداء له تحت قيادة المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو عندما تغلب على أتالانتا بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في نهاية الأسبوع، قبل أن يتعادل أمام سمبدوريا يوم الأربعاء بهدف لكل فريق. وقال مورينيو: «لقد كانت مباراة مروعة. ولو كنت في المنزل وأشاهد المباراة عبر التلفاز كنت سأغير القناة».
لكن على الأقل أقيمت هذه المباراة، على عكس مباراة ساليرنيتانا أمام أودينيزي التي لم تُلعب من الأساس، ولا يعرف جمهور ساليرنيتانا ما إذا كانوا سيعودون مرة أخرى لمشاهدة فريقهم وهو يلعب في الدوري الإيطالي الممتاز في عام 2022 أم سيهبط النادي لدوري الدرجة الأولى!
رحلة ساليرنيتانا في الدوري الإيطالي على وشك نهاية هزلية!
عدم السفر لمواجهة أودينيزي بسبب إصابة عدد من لاعبيه بـ«كورونا» قد يكون الفصل الأخير في نادٍ سينهار إذا لم يجد مالكاً قبل 31 ديسمبر
رحلة ساليرنيتانا في الدوري الإيطالي على وشك نهاية هزلية!
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة