تل أبيب تصادق على خطة لمضاعفة مستوطني الجولان

حكومة بنيت عقدت جلستها في الهضبة

الهواتف النقالة لأعضاء الحكومة الإسرائيلية خارج اجتماع الأمس في الجولان (إ.ب.أ)
الهواتف النقالة لأعضاء الحكومة الإسرائيلية خارج اجتماع الأمس في الجولان (إ.ب.أ)
TT

تل أبيب تصادق على خطة لمضاعفة مستوطني الجولان

الهواتف النقالة لأعضاء الحكومة الإسرائيلية خارج اجتماع الأمس في الجولان (إ.ب.أ)
الهواتف النقالة لأعضاء الحكومة الإسرائيلية خارج اجتماع الأمس في الجولان (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، إقامة مستوطنتين جديدتين في الجولان السوري المحتل، وتوسيع مستوطنات قائمة، بهدف مضاعفة عدد سكانه، في خطوة رصدت لها الحكومة مليار شيكل إسرائيلي (317 مليون دولار).
وقال بنيت في جلسة حكومته التي عقدت في كيبوتس «ميفو حاما» في الجولان، أمس: «تتسم الصهيونية، منذ أول أيامها وحتى يومنا هذا، بأنها تمسك القيادة وزمام الأمور وتنتهز أي نافذة جديدة تفتح أو فرصة سياسية من أجل تحقيق المصالح الخاصة بدولة إسرائيل. وهذه هذه لحظتنا، وهذه لحظة هضبة الجولان. واليوم نتخذ قراراً دراماتيكياً يقضي بتحويل الكثير من الموارد - مبلغ بحوالي مليار شيكل - لتعزيز البلدات الواقعة في هضبة الجولان».
وأضاف، إن هضبة الجولان إسرائيلية، «وهذا أمر بديهي». فمنذ عام 1981 تسري عليها أحكام القانون الإسرائيلي وهذه من المسائل المسلم بها التي لا يمكن لأحد المنازعة فيها، على حد تعبيره. وتابع، إن «حقيقة أن إدارة ترمب اعترفت بذلك، وأن بايدن قد أوضح أنه لم يطرأ أي تغيير على هذه السياسة، يحظيان بأهمية أيضاً».
واعتبر بنيت أنه بعد حوالي عشر سنوات من الحرب الأهلية الفظيعة التي عمت الأراضي السورية، «بات كل شخص لديه ذرة عقل مدركاً بأن الهضبة الإسرائيلية الهادئة والزاهية والخضراء، هي أفضل من كل خيار آخر». وأعلن إطلاق خطة لمضاعفة عدد سكان هضبة الجولان. قائلا إنه «لهذا الغرض، نقوم بدعم مدينة كتسرين من خلال إنشاء حارتين جديدتين، هما الضاحية رقم 12 والضاحية رقم 13 ونؤسس كذلك بلدتين جديدتين في هضبة الجولان، هما بلدة أسيف وبلدة مطر. ونكثف السكن هنا».
وأوضح بينت، أنه سيتم تخصيص أكثر من نصف مليار شيكل للتخطيط والإسكان، ومبلغ 162 مليون شيكل للتطوير الإقليمي - السياحة، والصناعة، والتجارة، «وكل ما يوفر فرص العمل الجيدة هنا». وأنه سيتم تحويل 160 مليون شيكل إضافي من أجل تحسين جودة الحياة، والمواصلات والطب، وغيرها من المجالات الحياتية. وأردف، أنه ستصبح هضبة الجولان أكثر خضرة، على أكثر من صعيد، «كونها ستصبح عملياً عاصمة تقنيات الطاقة المتجددة لإسرائيل».
وفوراً، صادقت الحكومة الإسرائيلية على المخطط الاستيطاني، الذي يهدف إلى «تشجيع النمو الديموغرافي في المنطقة الاستراتيجية في السنوات المقبلة»، حتى يتضاعف العدد إلى 10000 مستوطن بنهاية عام 2030.
ووضع المخطط الذي أطلق عليه مسمى «عاصمة تكنولوجيا الطاقة المتجددة»، فريق برئاسة المدير العام لمكتب رئيس الوزراء، يائير بينسالى، ودعمه بشكل أساسي إلى جانب بينت، وزير القضاء جدعون ساعر ووزيرة الداخلية إيليت شاكيد ووزير المالية أفيغدور ليبرمان. وقال ساعر: «هذه فرصة لتحديد مستقبل مرتفعات الجولان على مدى أجيال، والتأكيد بأنها جزء لا يتجزأ من إسرائيل».
وناقشت الحكومة تفاصيل دقيقة متعلقة بالخطة، لكن بنيت لم يستطع متابعة الجلسة، بسبب دخوله حجراً صحياً بعد الإعلان عن إصابة ابنته بفيروس كورونا. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أنه ترك جلسة الحكومة الإسرائيلية التي عقدت في هضبة الجولان السورية المحتلة، لثالث مرة في تاريخ إسرائيل، بعد علمه بإصابة ابنته بفيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، وترك رئاسة الحكومة إلى نائبه غدعون ساعر.
هذا، ويعتقد أن تشكل الخطة الإسرائيلية في الجولان سبباً آخر للخلاف مع الإدارة الأميركية. وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، اعترف عام 2019 بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، التي خسرتها سوريا لصالح إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967 وضمتها لاحقاً في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وحظي ترمب فور ذلك بتخليد اسمه عبر إنشاء مدينة جديدة في تلك المنطقة، سميت «مرتفعات ترمب»، تم افتتاحها في وقت لاحق في الجولان.
ومع تسلم الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة زمام الأمور، أعلن وزير الخارجية أنطوني بلينكن، في فبراير (شباط) مطلع العام الجاري، رفضه الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، في حديث لشبكة CNN الإخبارية. وقال بلينكن في المقابلة: «إن السيطرة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان في الوضع الراهن، لها أهمية حقيقية لأمن إسرائيل. ومع ذلك، فإن الأسئلة القانونية حول الحق في الأرض شيء آخر، ويجب فحصها مع مرور الوقت في حال تغير الوضع في سوريا».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.