قائد يمني لـ«الشرق الأوسط»: المتمردون أحلوا 40 ألف مسلح محل جنود رفضوا الانخراط في المعارك

قال إن لواء من قوات النخبة التحق بالشرعية

قائد يمني لـ«الشرق الأوسط»: المتمردون أحلوا 40 ألف مسلح محل جنود رفضوا الانخراط في المعارك
TT

قائد يمني لـ«الشرق الأوسط»: المتمردون أحلوا 40 ألف مسلح محل جنود رفضوا الانخراط في المعارك

قائد يمني لـ«الشرق الأوسط»: المتمردون أحلوا 40 ألف مسلح محل جنود رفضوا الانخراط في المعارك

قال مصدر رفيع في مكتب المفتش العام للقوات المسلحة والأمن، إن "كثيرا ممن يقاتلون إلى جانب جماعة الحوثيين ليسوا من القوات المسلحة أصلا، وإن الجماعة عملت على إحلال أكثر من 40 ألف مسلح، على أقل تقدير، بدلا عن الجنود الذين انقطعوا عن معسكراتهم أو رفضوا الانخراط في المعارك الداخلية التي تخوضها الجماعة في تعز وعدن ومأرب باسم الجيش"، مشيرا إلى أن من جملتهم مثلا "دفعة المجندين الذين نزلوا إلى معسكر الأمن الخاص في تعز وتسبب نزولهم في تفجر الاحتجاجات الشعبية في مدينة تعز قبل نحو شهر".
وأضاف القائد العسكري في تصريح خص به «الشرق الأوسط» "أن كثيرا ما يقع الإعلام في الخلط. ولاء الجندي اليمني ليس كما يقال لعلي عبدالله صالح ولا للحوثي ولا حتى للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، وإنما لأمين الصندوق الممسك والمتحكم بقوت أسرته أيا كان. بمعنى أن ولاءه ينحصر في الجهة المتحكمة براتبه ومصدر عيشه سواء قائد اللواء، أم قيادة شوؤن الأفراد في وزارة الدفاع. ومعلوم أن الجندي اليمني من أقل الجنود في الشرق الأوسط من حيث الدخل (الراتب الشهري يعادل 150 إلى 200 دولار فقط)".
ونوه القائد العسكري، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، بأن "الحوثيين استطاعوا بعد توقيع اتفاق السلم والشراكة في سبتمبر(أيلول) 2014م تعيين العديد من القادة في مؤسسات الجيش والأمن بقرارات من رئيس الجمهورية، في قيادة الأمن الخاص (المركزي) وأمن صنعاء والأمن السياسي ورئاسة الأركان ورؤساء الدوائر في وزارة الدفاع. ومن خلالهم تمكنوا من التغلغل داخل المؤسسة العسكرية والأمنية وتعيين المحسوبين عليهم في العديد من المعسكرات. وقد طلب هؤلاء من جميع الجنود الحضور والامتثال للأوامر ما لم سيتم استبدالهم بمجندين من اللجان الشعبية لجماعة الحوثي".
وأضاف المصدر: "أجزم أن كثيرا من الجنود الذين ذهبوا مكرهين للقتال في مناطق متفرقة من اليمن يعلمون أنهم لا يحاربون من أجل الوطن، وإنما من أجل ميليشيا مسلحة لكنهم مكرهون. فعندما يكون مصدر دخلك مهددا، وتعلم أن هذه الجماعة لن تتورع أبدا عن نهب درجتك الوظيفية وسنوات خدمتك ومنحها لأحد أتباعها، فما العمل حينها في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وانعدام فرص العيش الكريم".
وحول المعسكرات والألوية التسعة التي أعلنت ولاءها للقيادة الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، ولماذا لا ينضم هؤلاء الجنود ويلتحقون بإحدى تلك الألوية، قال الضابط العسكري: إن "هنالك أعدادا قليلة التحقت بالفعل، لكن تباعد مناطق الألوية، وصعوبة الوصول إليها، وحالة الحصار والاستنفار التي يفرضها الحوثيون تحول دون ذلك. والأهم أنه في حال ما أقدم أحدهم على الالتحاق بألوية الشرعية هل سيضمن عدم قطع راتبه من قبل الوزارة التي يسيطر عليها الحوثيون أصلا؟ بمعنى ان أكبر عامل ساهم في انشقاق المؤسسة العسكرية على الرئيس السابق في 2011 تمثل في أن كل من التحق بالقوات المؤيدة للثورة كان يعلم أنه لن يعاقب في قوت أسرته وعياله، وأن قيادة الجيش المؤيدة للثورة ستعمل على تعويضه في حال ما تعرض لذلك. وهذا هو الفرق الجوهري بين ما حصل في 2011 وما يجري الآن"، معللا ذلك بـ"عدم وجود قيادة عسكرية على الأرض، ووزير الدفاع الشرعي محمود الصبيحي معتقل في قبضة جماعة الحوثي".
واختتم المصدر حديثه لــ«الشرق الأوسط» بلفت الانتباه إلى أن "من الألوية التسعة التي أعلنت ولاءها للشرعية حسبما أعلن الناطق باسم عاصفة الحزم العميد الركن أحمد عسيري، لواء عسكريا في غاية الأهمية والقوة، من حيث الكفاءة والمستوى القتالي العالي؛ وهو اللواء الثاني مشاه جبلي"، معتبرا أن تأييده للشرعية "مكسب كبير"، مفسرا ذلك بأن "ألوية المشاة الجبلي وعددها ثلاثة، هي بمثابة قوات النخبة داخل قوات الحرس الجمهوري التي كان يقودها نجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح، وهو ذات اللواء الذي كان دوره حاسما في القضاء على تنظيم أنصار الشريعة التابع للقاعدة في عام 2012م".



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم