أشتية يعد إرهاب المستوطنين جزءاً من عمل الدولة

الأغوار الشمالية هدف جديد للاعتداءات

بطريرك اللاتين بالانابة مصافحاً رئيس الحكومة الفلسطينية في كنيسة بيت لحم أمس (أ ب)
بطريرك اللاتين بالانابة مصافحاً رئيس الحكومة الفلسطينية في كنيسة بيت لحم أمس (أ ب)
TT

أشتية يعد إرهاب المستوطنين جزءاً من عمل الدولة

بطريرك اللاتين بالانابة مصافحاً رئيس الحكومة الفلسطينية في كنيسة بيت لحم أمس (أ ب)
بطريرك اللاتين بالانابة مصافحاً رئيس الحكومة الفلسطينية في كنيسة بيت لحم أمس (أ ب)

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إن الفلسطينيين يتطلعون في «عيد ميلاد» رسول السلام إلى العيش بسلام مبني على الحق والعدل وكرامة الإنسان واصفاً هذا العام بأنه «حزين» بسبب جرائم إسرائيل.
وأضاف في احتفالات أعياد الميلاد في بيت لحم في الضفة الغربية في كلمة ألقاها نيابة عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «الكل يريد العيش بسلام مبني على الحق والعدل وكرامة الإنسان، وفي الوقت الذي يجمعنا فيه هذا العيد فإن الاحتلال يفرقنا بالحواجز والجدار الذي يلف القدس وبيت لحم، والحصار على غزة».
وأضاف «هذا العام فيه حزن على كافة الذين استشهدوا برصاص جنود الاحتلال ومستوطنيه»
ودان أشتية جرائم المستوطنين المتواصلة في الأراضي الفلسطينية وقال إنها تأتي في إطار إرهاب الدولة المنظم الذي يستهدف ترويع أصحاب الأرض الأصليين، في القرى والبلدات التي استهدفها إرهاب المستوطنين، بحماية وإسناد من قبل جنود الاحتلال.
وجاءت إدانة أشتية لإرهاب المستوطنين في الوقت الذي واصل فيه العشرات منهم شن مزيد من الهجمات في الضفة الغربية.
واستهدف المستوطنون السبت، المواطنين وممتلكاتهم في الأغوار الشمالية.
وقال معتز بشارات مسؤول ملف الأغوار إن المستوطنين شنوا هجوماً على منطقة أم القبا في الأغوار الشمالية، حيث قامت ما يزيد على 20 سيارة للمستوطنين بالاعتداء على الرعاة الفلسطينيين، واندلاع مواجهات قبل أن تتدخل قوات جيش الاحتلال لصالح المستوطنين.
وأضاف «نتج عن الاشتباكات بالحجارة ودفاع أبناء شعبنا عن أنفسهم أمام عصابات المستعمرين إصابات واعتقالات». وطالب بشارات بحماية الفلسطينيين في الأغوار بأسرع وقت ممكن.
والهجوم على الأغوار جاء ضمن سلسلة من مجموعة واسعة من الهجمات التي شنها المستوطنون خلال الأسبوع الحالي على عدة قرى فلسطينية.
وقال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة لتحرير في تقرير السبت، إن السلطات الإسرائيلية شجعت المستوطنين ووفرت الحماية لتجاوزاتهم «بتغيير لوائح إطلاق النار على الفلسطينيين»، الأسبوع الماضي وهو ما ترجم بسلسلة هجمات هذا الأسبوع استخدم خلالها المستوطنون أسلحة نارية على عدة قرى فلسطينية. وجاءت تغيير أوامر إطلاق النار رغم أن عام 2021 شهد أعلى مستويات عنف مسجلة في السنوات الأخيرة على أيدي المستوطنين ومنظمات الإرهاب اليهودي العاملة في وضح النهار في الضفة الغربية.
وبحسب التقرير فإن «ارتفاع الجرائم على ما تسميه سلطات الاحتلال خلفية قومية يرتبط بالبؤر الاستيطانية والمزارع الزراعية التي سمحت هذه السلطات بإقامتها في أكثر من منطقة».
وجاء أنه «في الأشهر العشرة الأولى من عام 2021، كان هناك 410 اعتداءات من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين (302 ضد الممتلكات و108 ضد الأفراد) فيما شهد عام 2020، ما مجموعه 358 اعتداءً مسجلاً، و335 هجوماً خلال عام 2019، هذه الأرقام لا تعكس الحقيقة كاملة فهناك 40 في المائة من الفلسطينيين الذين يتعرضون لعنف المستوطنين اختاروا ألا يقدموا شكاوى للسلطات الإسرائيلية لأنهم لا يتوقعون تحقيق العدالة».
وبحسب مصادر متطابقة فلسطينية وإسرائيلية بما فيها المكتب الوطني للدفاع عن الأرض وأخرى دولية فإن السلطات الإسرائيلية أغلقت نحو 91 في المائة من ملفات التحقيقات في هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين بين عامي 2005 و2019 دون توجيه أي اتهامات.
وقالت المنظمة إنه «عوضاً عن أخذ سلطات الاحتلال هذا القلق المحلي والدولي المشروع من ارتفاع معدل الجريمة على أيدي قطعان المستوطنين ومنظمات الإرهاب اليهودي العاملة في المستوطنات قررت هذه السلطات توفير الحماية لجنون المستوطنين بتغيير لوائح إطلاق النار على الفلسطينيين».
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس: «إن انفلات المستوطنين وسيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي على الطرق ومفارقها، من خلال نصب الحواجز، والأبراج العسكرية، والبوابات الحديدية، بات يشكل المشهد اليومي لحياة الفلسطينيين المحفوفة بالمخاطر».
وأضافت الوزارة في بيان صدر عنها السبت، «في الوقت الذي يحتفل به شعبنا الفلسطيني والعالم أجمع بأعياد الميلاد المجيدة، يواصل المستوطنون ومنظماتهم الإرهابية المسلحة وقوات الاحتلال وأذرعه المختلفة تصعيد العدوان على شعبنا، وأرضه، وممتلكاته، ومقدساته».
وأوضحت «أن هذا العدوان يتم من خلال توزيع علني للأدوار، يبدأ من تورط المستوى السياسي الإسرائيلي، عبر تعليمات واضحة وتوجيهات بإطلاق النار على الفلسطيني، وقمعه، والتنكيل به، مروراً بمنظومة محاكم وقضاء إسرائيلية تشرعن هذا العدوان الاستعماري، وتوفر له الغطاء القانوني اللازم والحماية المطلوبة لمرتكبي الجرائم، وصولاً لعناصر المستوطنين الإرهابية وقادة جيش الاحتلال وعناصره الذين يستبيحون حياة الفلسطيني بكافة أشكال القمع والقتل والترهيب، والعمل على تخويفه لتسهيل السيطرة عليه.
وحملت الوزارة الحكومة الإسرائيلية بمكوناتها كافة المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الحرب الاستعمارية التوسعية، التي تشكل الجوهر الحقيقي للسياسة الإسرائيلية الرسمية تجاه شعبنا وحقوقه، وتكشف زيف الشعارات والتلاعب بالألفاظ التي تمارسها للتغطية على هذه الحقيقة، سواء فيما يتعلق بطريقة توظيف مقولة العدو الخارجي، أو مقولة الأمن مقابل الاقتصاد، أو عبارة تقليص الصراع وتخفيف الاحتكاك، والتي جميعها تعتبر أبواباً للهروب من استحقاقات السلام العادل والشامل.
وأكدت في ختام بيانها، أن المطلوب دولياً الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف عدوانها واستيطانها فوراً، والانخراط الحقيقي في عملية سلام ومفاوضات تؤدي إلى إنهاء الاحتلال، ضمن سقف زمني محدد، ووفقاً لمرجعيات السلام الدولية المعتمدة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.