مقتل أكثر من 35 وحرق جثثهم في ولاية كاياه بميانمار

أظهرت صور نشرتها جماعة حقوقية الجثث المتفحمة على متن السيارات المحترقة (أ.ب)
أظهرت صور نشرتها جماعة حقوقية الجثث المتفحمة على متن السيارات المحترقة (أ.ب)
TT

مقتل أكثر من 35 وحرق جثثهم في ولاية كاياه بميانمار

أظهرت صور نشرتها جماعة حقوقية الجثث المتفحمة على متن السيارات المحترقة (أ.ب)
أظهرت صور نشرتها جماعة حقوقية الجثث المتفحمة على متن السيارات المحترقة (أ.ب)

عثر في ميانمار على جثث لنحو 35 شخصاً، من بينهم نساء وأطفال، أُحرقت جثثهم في ولاية كاياه في ميانمار، حسب تقارير إعلامية وجماعات حقوقية محلية. وأظهرت صور نشرتها جماعة مدافعة عن حقوق الإنسان ووسائل إعلام محلية الجثث المتفحمة على متن السيارات المحترقة. وقالت جماعة كاريني المدافعة عن حقوق الإنسان إنها عثرت أمس السبت على الجثث المحترقة لنازحين في المنطقة، منهم كبار في السن ونساء وأطفال، قتلهم الجيش الذي يحكم البلاد قرب قرية مو سو التابعة لبلدة هبروسو. وقالت وسائل إعلام رسمية نقلاً عن الجيش إنه قتل بالرصاص عدداً غير محدد من «إرهابيين بحوزتهم أسلحة» من قوات المعارضة المسلحة في القرية. وأضاف أنهم كانوا على متن سبع سيارات ولم يمتثلوا لأوامر الجيش بالتوقف. وذكرت صحيفة «ذا ميرور ديلي» التي تخضع لإشراف الجيش أن معارك اندلعت الجمعة بين عسكريين ومقاومين محليين في منطقة هبروسوم. وأضافت الصحيفة أن الجيش أطلق النار على سبع شاحنات تقل «إرهابيين» كما يصف الجيش قوات المقاومة المحلية. وقالت قوات كاريني للدفاع الوطني، وهي واحدة من أكبر الجماعات المسلحة المعارضة للحكم العسكري منذ انقلاب أول فبراير (شباط)، إن القتلى لا ينتمون لها، مضيفة أنهم مدنيون كانوا يبحثون عن مأوى من الصراع. وكتبت الجماعة في منشور على موقع فيسبوك: «نندد بشدة بالقتل اللاإنساني والوحشي الذي ينتهك حقوق الإنسان». وقال متحدث باسم الجماعة لرويترز طالباً ألا يُنشر اسمه: «كانت صدمتنا كبيرة عندما رأينا أن الجثث لأشخاص من أعمار مختلفة ومن بينهم أطفال ونساء وكبار سن». وقال قروي لرويترز طالباً ألا يُنشر اسمه لأسباب أمنية إنه شاهد اشتعال النار ليل الجمعة لكنه لم يستطع الوصول إلى المكان بسبب إطلاق الرصاص. وقال لرويترز في اتصال هاتفي: «ذهبت في الصباح لأرى ما حدث ووجدت جثثاً أُحرقت وملابس أطفال ونسوة ملقاة حولها». وقال ناشط آخر من مجموعة كاريني لحقوق الإنسان، طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية أمس السبت إن الضحايا هم من المدنيين أرادوا الفرار من قراهم بسبب قتال يدور هناك. وأضاف الناشط الحقوقي إن جنود المجلس العسكري اعتقلوهم وقتلوهم. وذكر أنه رأى الجثث المتفحمة بنفسه، وكان من بين الضحايا نساء وأطفال. وقع الحادث يوم الجمعة في ولاية كاياه شرق البلاد. وكاريني هي مجموعة عرقية في دولة ميانمار متعددة الأعراق. ومن الصعب التحقق من صحة البيانات المتطابقة الصادرة عن السكان المحليين وما يقابلها من تقارير إعلامية من مصادر مستقلة في ميانمار. وأوضح عضو بجماعة المقاومة المحلية لوكالة الأنباء الألمانية قائلاً: «وجدنا بعض الجثث المحترقة وأيديها مقيدة خلف الظهر، وقد تم قتل أعضاء جماعتنا بصورة وحشية»، مشيراً إلى أنه «تم حرق المدنيين بشكل جماعي هنا، وقبل أن يموت بعضهم». وأكدت «منظمة شهود ميانمار»، التي تقول إنها تجمع أدلة على انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، اندلاع حريق يوم الجمعة ظهراً بالتوقيت المحلي في تلك المنطقة، لكنها لم تذكر السبب. وقال عضو آخر في مجموعة كاريني لحقوق الإنسان نقلاً عن سكان محليين، إن المجلس العسكري ترك جثثاً محترقة بالقرب من قرية مو سو بمنطقة هبروسو.
غرقت بورما السابقة في الفوضى والعنف منذ الانقلاب الذي وقع في فبراير الماضي. وكان الجيش قد أطاح برئيسة الوزراء أونج سان سو تشي وحكم البلاد بقبضة حديدية منذ ذلك الحين.
يتم قمع أي مقاومة بقوة وحشية. وتشكلت القوات المسلحة المحلية في أجزاء كثيرة من الدولة الواقعة في جنوب آسيا لمقاومة المجلس العسكري. هناك تقارير متكررة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في ميانمار التي تمر بأزمة شديدة.
وقالت السلطات في تايلاند أمس السبت إن القتال في جزء آخر من ميانمار متاخم لأراضيها، حيث يواصل الجيش اشتباكات مع جماعة متمردة أخرى، تسبب في إلحاق أضرار بمنزل في تايلاند بمقذوف صاروخي طائش. وقال اتحاد كارين الوطني الجمعة إن جيش ميانمار نفذ مزيداً من الضربات الجوية على منطقة خاضعة لسيطرته قرب الحدود مع تايلاند في أحدث تصعيد للعنف ما تسبب في فرار المئات إلى داخل تايلاند.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.