إحصائية صادمة عن حالات الانتحار في العراق

زيادة في النسبة تتجاوز 10 في المائة سنوياً

إحصائية صادمة عن حالات الانتحار في العراق
TT

إحصائية صادمة عن حالات الانتحار في العراق

إحصائية صادمة عن حالات الانتحار في العراق

يسدل العراق الستار على عام 2021، مع بقاء معظم أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية تراوح في منطقة الخطر وعدم الاستقرار الذي طبع حياة المواطنين العراقيين من نحو عقدين، وفي حين حذر وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، أول من أمس، من مخاطر جدية تواجه البلاد خلال السنوات العشر المقبلة «بسبب استمرار الاعتماد على النفط الذي يشكل أكثر من 90 في المائة من إيرادات الدولة»، أظهرت حصيلة قدمتها وزارة الداخلية، أمس، عن نسبة زيادة صادمة في حالات الانتحار تتجاوز 10 في المائة سنويا منذ عام 2016، وحتى العام الحالي المشرف على الانتهاء.
ويرى بعض المختصين أن الظروف الاقتصادية الصعبة وانعدام فرص العمل التي ارتبطت بحالات الكساد والإغلاق بسبب جائحة «كورونا» في السنتين الماضيتين، عززت من حالة اليأس والتشاؤم لدى كثير من الأشخاص الذي يعيشون في أسر فقيرة.
ونظرا للارتفاع المطرد في حالات الانتحار المتواصل منذ سنوات، «اتخذت وزارة الداخلية جملة من التدابير منها تشكيل لجان متخصصة لدراسة هذه الظاهرة والخروج بمعطيات تبين أسبابها ونسبتها مقارنة بدول الجوار»، بحسب المتحدث باسم الوزارة اللواء خالد المحنا. وأوضح المحنا في تصريحات للوكالة الرسمية، أن «حالات الانتحار المسجلة في عام 2021 بلغت 772 حالة وهي أكثر بنحو 100 حالة عن العام الماضي التي بلغت فيه 663 حالة».
وفي سؤال منفرد تقدمت به «الشرق الأوسط» للواء المحنا حول ماذا كان إقليم كردستان العراق المعروف عنه هو الآخر بتزايد حالات الانتحار في السنوات الأخيرة مشمولا بهذه الإحصاءات، أكد «عدم شمول إقليم كردستان بالإحصائية الجديدة».
وأشار المحنا إلى أن «حالات الانتحار بدأت منذ عام 2016 تتجه نحو الازدياد، ففيه بلغت حالات الانتحار 393 حالة، وفي عام 2017 بلغت 462 حالة، وعام 2018 بلغت حالات الانتحار 530 حالة، أما في عام 2019، فقد بلغت 605 حالات».
وبينت الإحصائية أن «النسبة المسجلة لحالات الانتحار بين صفوف الفئات العمرية أقل من 20 سنة كانت 36.6 في المائة، ومن سن الـ20 عاماً إلى 30 عاماً كانت32.2 في المائة». وأظهرت الإحصائية أن حالات الانتحار بين الذكور تشكل 55.9 في المائة، فيما تشكل نسبة 44.8 في المائة بين فئة النساء، وكشفت عن أن نسب الانتحار بين صفوف العزاب بلغت 55 في المائة، وبلغت بين صفوف المتزوجين 40 في المائة. وأظهرت أيضا، أن نسبة الانتحار وقعت في معظمها بين صفوف غير المتعلمين أو حصلوا على تعليم متواضع ولم يكملوا تعليمهم الابتدائي. حيث بلغت النسبة بين صفوف هذه الفئة 62.2 في المائة، أما من حصلوا على «تعليم ما دون المرحلة الدراسية المتوسطة فبلغت النسبة 16.9 في المائة والعاطلون عن العمل 35 في المائة، وربات البيوت 29.9 في المئة».
وطبقا للمحنا، فان الإحصائية أكدت أن هناك أسباباً عديدة منها ما يتعلق بالضغط النفسي وشكل عدد المنتحرين من هذه الفئة نسبة 36.22 في المائة، أما الاضطرابات النفسية فبلغت 34.64 في المائة.
وتركز الإحصاءات على الأسباب التي تتعلق بالتفكك الأسري والعنف الأسري التي تدفع إلى الانتحار، إلى جانب الوضع الاقتصادي، حيث يشكل الفقر أحد العوامل المهمة في حالات الانتحار وبنسبة تقدر بـ13 في المائة، وكذلك البطالة التي تشكل 9.5 في المائة من الحالات، وهناك أيضا الأسباب الدراسية وعدم تحقيق الطموح الذي أخذ نسبة 13.38 في المائة وشكل الفشل الدراسي ما نسبته 5.5 في المائة.
وكانت إحصاءات رسمية سابقة أصدرتها وزارة التخطيط كشفت عن معدلات فقر كبيرة يعاني منها السكان في محافظات وسط وجنوب البلاد بشكل خاص، بحيث يعيش نصف السكان تقريبا تحت خط الفقر في بعض المحافظات.
وحول الإجراءات والمعالجات التي ستقوم بها السلطات حيال ظاهرة الانتحار المتصاعدة، يقول المتحدث باسم الداخلية إن «الدراسة خلصت إلى مجموعة من الحقائق وقدمت عدة توصيات قسم منها يتعلق بتدعيم الدوائر النفسية ودوائر الدعم النفسي في وزارة الصحة، وقسم منها يتعلق بوزارة الشباب والرياضة وإشغال وقتهم وممارسة هواياتهم، وقسم منها يتعلق بالجوانب القضائية والشرطة والمجتمع ووزارة التربية ووسائل الإعلام»، منوهاً إلى تعاون مع وزارة التعليم العالي يهدف إلى «إعداد بحوث علمية تتناول الشأن المجتمعي والنفسي».



«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

بعد محادثات في الدوحة مع «حماس»، عدّها الوسطاء «بادرة أمل»، تعالت مطالب مشاركين في اجتماع وزاري عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، بأهمية «وقف إطلاق النار بغزة»، قبيل اجتماعات أممية تخشى إسرائيل من أنها ستدعم الحقوق الفلسطينية.

«اجتماع مدريد» الذي عدّته القاهرة «فرصة مهمة»، ضمن جهود أممية لوقف الحرب في غزة، يراه خبراء -تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»- «مساعي جديدة ومهمة خصوصاً أنه يأتي في توقيت تقف فيه المفاوضات في ظرف حرج وتحتاج إلى دفعة، وقد يشكّل الاجتماع ضغطاً دولياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

«اجتماع مدريد» يهدف إلى «التنسيق حول الأوضاع في غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للحدث رفيع المستوى في هذا الشأن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79»، وفق إفادة وزارة الخارجية السعودية، الجمعة. ويشارك في الاجتماع «أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة (التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2023)».

وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، «اجتماع مدريد» الذي يشارك فيه وزيرها بدر عبد العاطي بأنه «سيمثّل فرصة مهمة للتشاور حول سبل دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ حل الدولتين».

وبحضور وزاري عربي - أوروبي، بينهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مؤتمر صحافي: «نأمل أن يُسهم الاجتماع في دفع سبل إنهاء الحرب على غزة (...) نحن نفتح جهوداً جديدة لدعم مستقبل للفلسطينيين وسلام دائم وحل الدولتين، ونجتمع لإيصال صوت موحد عربي وإسلامي وأوروبي في هذا الصدد، وللتنسيق للاجتماعات المقبلة».

وشدد الوزير الإسباني على «دعم جهود قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، مؤكداً أنه «يجب أن تقف الحرب الآن، ولا داعي لذرائع لتمديد معاناة الملايين».

تلك المطالب سينضم إليها تصويت أممي محتمل، الأربعاء المقبل، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر»، في حين دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الجمعية العامة إلى «رفض هذا القرار الشائن بشكل قاطع».

آثار القصف الإسرائيلي على مباني شمال قطاع غزة (رويترز)

ومع ذلك الحراك الجديد، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أننا أمام «مشهد جديد» تحاول فيه الأسرة الدولية حتى في غياب الولايات المتحدة، تأكيد أن أسس عملية مدريد (التي قادت لعملية سلام في 1991) باقية، وأن أسس الحل واحدة، لافتاً إلى أن «اجتماع مدريد» «سيكون مخصصاً لدعم الأمور العاجلة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بغزة وتعزيز جهود الوسطاء»، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسباني.

ويعتقد حجازي أن الاجتماع بكل تأكيد «هو بلورة للموقف الدولي نحو الهدنة»، ونوع من الضغوط على الإدارة الأميركية، ويقدّم إليها الآلية التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جهود الحل «إذا ما رغبت في ذلك».

نتائج «اجتماع مدريد»، بالإضافة إلى التصويت الأممي، يراها المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «مساعي جديدة من باب الضغط الدبلوماسي وترتيب الأوراق مع الأصدقاء الأوروبيين، وقد تُسهم في تحريك ملف الهدنة»، مضيفاً: «لكن رغم أهمية الحراك، مَن يمتلك الضغط الحقيقي على نتنياهو، الولايات المتحدة غير المشاركة في الاجتماع، وعليها دور كبير في وقف ما يحدث بغزة لو تحركت بجدية».

في المقابل، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الخميس، أن هناك «استعدادات في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي «هزيمة لواء رفح» التابع لـ«حماس»، وعدم العثور على أي أنفاق «نشطة» في الحدود مع مصر، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين عسكريين، الخميس.

صورة اُلتقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تُظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على رفح الفلسطينية، والمنطقة الحدودية مع مصر، التي تشمل «محور فيلادلفيا» منذ مايو (أيار) الماضي، ولا يزال رفض نتنياهو مغادرتها عقبة رئيسية في المفاوضات؛ إذ يتذرع بأن الأنفاق تشهد تهريباً للسلاح إلى «حماس»، وهو ما نفته مصر، وطالبته بالانسحاب الفوري منه مراراً.

ووسط تأزم بالمفاوضات بسبب تلك العقبات، قال مصدر مصري رفيع المستوى، الأربعاء، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن اجتماعاً حضرته «حماس» بالدوحة مع الوسطاء «يشكّل بادرة أمل» نحو عقد اتفاق.

ولا يرى حجازي أن «هناك بادرة لأن يغيّر نتنياهو مسار العنف الذي يتبناه ما لم تغيّر الولايات المتحدة أسلوبها تجاهه بشكل صارم وجاد»، ويستدرك: «أشك في ذلك، لذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لما بعد الانتخابات الأميركية». وعوّل على «استمرار الجهود الدولية لدعم التوصل لاتفاق بوصفه أملاً وحيداً متبقياً لإنهاء التصعيد في المنطقة».

ووفق الرقب فإن العقبات التي لا تزال موجودة أمام إبرام اتفاق لا تتوقف على «محور فيلادلفيا» فقط، فهناك خلافات بشأن عدد الأسرى والمطالبات الإسرائيلية بـ«فيتو» على بعض الأسماء الفلسطينية، والوجود في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وعودة النازحين بحرية دون تفتيش. ولفت إلى أن الحديث الإسرائيلي عن عدم وجود أنشطة بالأنفاق تأكيد على أحاديث القاهرة المتكررة، لكن على أرض الواقع هناك أبراج مراقبة وتوسعات تنشئها إسرائيل تؤكد أن نتنياهو لا يريد أي حل لهذه العقبة في هذا المحور.