معرض لندن للكتاب 2015.. مشاركة عربية خجولة وإقبال جماهيري مرتفع

شارك فيه أكثر من 1500 ناشر من جميع أنحاء العالم

جانب من المعرض («الشرق الأوسط»)
جانب من المعرض («الشرق الأوسط»)
TT

معرض لندن للكتاب 2015.. مشاركة عربية خجولة وإقبال جماهيري مرتفع

جانب من المعرض («الشرق الأوسط»)
جانب من المعرض («الشرق الأوسط»)

كان من اللافت للنظر ضآلة المشاركة العربية في معرض لندن الدولي للكتاب، الذي انطلقت دورته الرابعة والأربعون صباح أول من أمس في صالة «أولمبيا» للمعارض وسط العاصمة البريطانية؛ فمن بين أكثر من 1500 ناشر من جميع أنحاء العالم، بالكاد تعدت نسبة المشاركين العرب الواحد في المائة، معظمهم يمثل دول الخليج العربي، لتأتي المملكة العربية السعودية بالمقدمة، تليها كل من الإمارات وقطر.
تميز الجناح السعودي عن غيره من البلدان العربية بكبر مساحته وتعدد دور النشر والمؤسسات الثقافية المشاركة، سواء الحكومية منها أو المستقلة؛ فمن بين المشاركين في الجناح، الذي نظمته سفارة المملكة العربية السعودية في العاصمة لندن، جاءت وزارة التعليم العالي، و«أرامكو»، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وجمعية الناشرين السعوديين، بالإضافة إلى مجموعة من دور نشر القطاع الخاص، مثل مكتبة العبيكان، ودارة الملك عبد العزيز، والدار العالمية للكتاب الإسلامي، ودار «المريخ»، ودار «رواية».
أما جناح دولة الإمارات فتضمن إصدارات باللغتين العربية والإنجليزية، شملت مختلف المجالات السياسية والثقافية والفكرية والأدبية. فقد شارك كل من «مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية»، و«هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة»، و«جائزة الشيخ زايد للكتاب»، ودار «كلمة»، و«منشورات القاسمي»، وممثلون عن معرض أبوظبي للكتاب، الذي تنطلق دورته الـ25 في 7 مايو (أيار) المقبل. وتنوعت المشاركة في الجناح الإماراتي؛ حيث تضمنت مؤسسات تعنى بشؤون الطباعة والتوزيع مثل «مؤسسة الغرير للطباعة»، ودور نشر تهتم بكتب الأطفال.
ومن مصر، التي تشارك في المعرض للسنة الثانية على التوالي، يشارك كل من «منشورات الجامعة الأميركية في القاهرة»، و«المركز الجامعي للكتب الطبية». ومن سوق الكتاب العراقي جاءت مساهمة يتيمة من خلال شركة «نجمة الصباح للطباعة والنشر».
استهل المعرض نشاطاته بحفل الافتتاح، الذي حلت عليه الكاتبة والإعلامية البريطانية الشهيرة ماري بيري ضيفة شرف، مع مشاركة واسعة من قبل شخصيات عالمية ناشطة في مجالات الثقافة وصناعة الكتب، من بينهم حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، والرئيس التنفيذي لعملاق النشر العالمي «هاربر كولينز». كما تخلل اليوم الأول عدد من المحاضرات وورشات العمل حول واقع سوق النشر في العالم وحركة الترجمة، بالإضافة إلى عدد من اللقاءات المباشرة مع الكتاب. كما تم الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة الاتحاد الأوروبي للآداب التي تمنح لكاتب واحد معاصر من كل الدول الأوروبية المشاركة.
على الرغم من الأهداف التجارية البحتة للمعرض، التي تتمثل في عقد الصفقات بين الناشرين ووكلاء بيع الكتب في العالم، فإن اليوم الأول شهد أعدادا كبيرة من الأفراد المهتمين بالاطلاع على آخر أخبار سوق الكتب العالمية. ويعد المعرض أحد أكبر المعارض في العالم؛ إذ تخطى عدد المشاركين في هذه الدورة حاجز الـ1500 ما بين ناشر ووكيل، ومؤسسات حكومية وغير حكومية.
في الحقيقة، لم يكن شح الحضور العربي مستغربا على الإطلاق، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار اضطراب الأوضاع السياسية وحالة عدم الاستقرار في المنطقة. غير أن البعض يعد أن المشاركة العربية لطالما كانت متواضعة في مجمل معارض الكتاب العالمية، وحتى قبل تدهور الأوضاع السياسية. يقول طارق ربيع، مدير العلاقات العامة والمسؤول عن جناح «دار ربيع لكتب الأطفال» في المعرض: «لاحظت خلال هذا المعرض وغيره من المعارض الكبرى، مثل معرض فرانكفورت وبولونيا، ندرة دور النشر العربية التي تشارك بغاية الترويج لمنتجاتها في السوق العالمية»، الأمر الذي يعزوه إلى غياب رغبة الناشرين العرب في بيع حقوق النشر والترجمة في السوق العالمية، في حين أن جل اهتمامهم ينصب على تسويق كتبهم لدى الموزعين داخل وخارج الوطن العربي.
وتعد «دار ربيع» واحدة من أقدم دور النشر العربية التي تستهدف شريحة الأطفال، ومنشوراتها تتنوع بين كتب تعليم اللغة العربية، والقصص، والثقافة الإسلامية. ويقول المسؤول عن الدار، التي اضطرت إلى نقل مركزها إلى دبي بعد اندلاع الأحداث السياسية في سوريا: «قررنا أن نشارك هذا العام في معرض لندن في خطوة مبدئية لتشجيع قراءة الكتب العربية في الخارج، فتعدد الثقافات والجنسيات في العاصمة البريطانية شجعنا على اتخاذ هذه الخطوة. هدفنا الرئيسي في هذا المعرض هو بيع حقوق النشر لدول مثل ماليزيا ولاتفيا وكوريا.. وغيرها، لا بيع الكتب في الخارج، فهناك كثير من دور النشر العربية التي استطاعت أن تسوق لمنتجاتها خارج الوطن العربي».
تماشيا مع التطور التكنولوجي الحاصل الذي، بحسب المسؤول عن الدار، «ساهم إلى حد كبير في المباعدة بين الطفل العربي وعادة القراءة، تسعى الدار إلى تطوير منصة لتحميل الكتب الإلكترونية تحمل اسم (حكاياتنا)؛ إذ سيكون بمقدور الطفل العربي الاطلاع على أكثر من سبعين عنوان تفاعلي في مجال قصص الأطفال والقصص المصورة وتطبيقات السوفتوير التعليمية وغيرها.. السوق الإلكترونية في الوطن العربي متخلفة جدا، فلا يمكنك أن تجد ولا حتى لعبة واحدة باللغة العربية على (آبل ستور)، على سبيل المثال، وحتى المتوافر منها يعد شديد البساطة».
وبحسب المسؤول عن الدار، يستهدف المشروع أبناء الجاليات العربية في أوروبا، حيث إن تنامي أعداد المهاجرين العرب قد خلق حاجة ماسة لدى الأهل لضرورة إبقاء أبنائهم على تواصل مع اللغة العربية».



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.