ميليشيات المستوطنين تقتل مسنة فلسطينية وتعتدي على بلدات في الضفة

تنظيمات فلسطينية تدعو لتشكيل فرق حراسة لحماية المواطنين

من المواجهات بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال في قرية برقة (أ.ف.ب)
من المواجهات بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال في قرية برقة (أ.ف.ب)
TT

ميليشيات المستوطنين تقتل مسنة فلسطينية وتعتدي على بلدات في الضفة

من المواجهات بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال في قرية برقة (أ.ف.ب)
من المواجهات بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال في قرية برقة (أ.ف.ب)

إثر قيام ميليشيات المستوطنين الإسرائيليين بشن اعتداءات جسدية على بلدات فلسطينية في الضفة الغربية نتج عن أحدها دهس امرأة فلسطينية مسنة حتى الموت، طالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالرد على «هذا الإرهاب المنظم» بتطوير الفعل الشعبي وتشكيل «لجان الحراسة والحماية الشعبية، للدفاع عن شعبنا وصد المستوطنين». ودعت «القوى الوطنية والإسلامية لمحافظة رام الله والبيرة»، إلى «توحيد الجهد الميداني تصدياً لمشاريع الاحتلال وصد اعتداءات مستوطنيه بحق المدنيين العزل من أبناء شعبنا، ومواجهة هذه الجرائم المتصاعدة بكل السبل المتاحة، وبأوسع وحدة ميدانية».
وكانت مجموعات من المستوطنين المسلحين، الذين شكا حتى وزير الأمن الداخلي في الحكومة الإسرائيلية، الجنرال في الاحتياط عومر بار ليف، من شدة عنفهم ضد الفلسطينيين وضد قوات الجيش الإسرائيلي التي تحميهم، قد داهموا، أمس (الجمعة)، عدة بلدات فلسطينية ونفذوا اعتداءات مختلفة شملت تحطيم زجاج النوافذ في البيوت والسيارات والاعتداء بالضرب على أفراد. وفي أحد هذه الاعتداءات، عند مدخل بلدة سنجل شمال رام الله، قام مستوطنون بدهس المرأة المسنة، غدير أنيس مسالمة (63 عاماً)، والفرار من المكان. وتبين أنها مريضة سرطان، كانت برفقة زوجها، في الطريق لأحد مستشفيات مدينة نابلس، حيث تتلقى العلاج. وحينما حاولا عبور الشارع رقم (60) الاستيطاني على المدخل الشرقي للقرية، فوجئا بسيارة إسرائيلية تقترب منهما وتدهس المرأة ثم تفر من المكان بسرعة جنونية. وأصيب الزوج بجراح خفيفة، فيما أصيبت زوجته بجروح حرجة جداً، وبعد نقلها إلى مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله، أعلن عن استشهادها. وقال الزوج إنه لا يدري إن كان الحادث متعمداً أم لا، ولكن فرار السيارة الاستيطانية يثير شبهات قوية بأنه متعمد.
وشاركت جماهير غفيرة في موكب تشييع جثمانها في مدينة رام الله، يغطيه العلم الفلسطيني. وجاب الألوف شوارع البلدة، مرددين الهتافات الغاضبة والمنددة بجرائم الاحتلال والمستوطنين بحق الشعب الفلسطيني. ومن ثم أدوا صلاة الجنازة على الجثمان قبل مواراته الثرى في مقبرة البلدة، إلى جانب ضريح الطفلة إيناس شوكت دار خليل، التي كان مستوطن آخر قد دهسها عام 2014 في المنطقة ذاتها، عندما كانت تسير وصديقتها تولين عصفور، التي أصيبت بجروح تسببت بإعاقة دائمة لها.
وأوضح فلسطينيون أن المستوطنين صعّدوا بشكل بالغ من اعتداءاتهم في الأيام الأخيرة، وانتشرت ميليشياتهم وأصابوا عدداً من المواطنين بجروح، وتسببوا بخسائر في الممتلكات. وتركزت اعتداءاتهم على قرية برقة شمال نابلس، حيث هاجموا منازل المواطنين واعتدوا عليهم، وحطموا شواهد القبور، وقطعوا أشجاراً، وأغلقوا الطرق واعتدوا على الرعاة لدى خروجهم للمراعي. وفي مسافر يطا جنوبي الخليل، اقتحمت ميليشياتهم المسلحة عدة قرى، مثل: خلة الضبع، والفخيت، والمجاز، والتبان، ومغاير العبيد، وصفي التحتا والفوقا. وقد تصدى الأهالي لهم وصدوهم إلى الخارج. واعتدى مستوطنون، من مستعمرة «الون موريه»، المقامة عنوة على أراضي المواطنين شرق نابلس، بالضرب على المواطن عبادة مراد عامر في عزموط، عقب احتجازه لأكثر من ساعتين. واعتدى مستوطنون، على ثلاثة مواطنين خلال وجودهم في أراضي وادي قانا ببلدة دير استيا، غرب سلفيت. كما أعطب مستوطنون إطارات مركبة رئيس مجلس قروي المالح والمضارب البدوية في الأغوار الشمالية، مهدي دراغمة، الذي قال إن «اعتداءات المستوطنين في المنطقة تصاعدت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وتتخذ أشكالا عدة».
وأدان رئيس الوزراء، محمد أشتية، جريمة دهس المواطنة مسالمة وغيرها من اعتداءات المستوطنين، واعتبرها، في بيان له، أمس (الجمعة)، «جرائم تندرج في إطار إرهاب الدولة المنظم الذي يستهدف ترويع أصحاب الأرض الأصليين في القرى والبلدات التي استهدفها إرهاب المستوطنين، خاصة قريوت، وسبسطية، وبرقة التي تعرض سكانها لترويع المستوطنين وإرهابهم الليلة الماضية، بحماية وإسناد من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي».
يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، واصلت – كما في كل يوم جمعة – البطش بالمسيرات السلمية التي تنتشر في عدة بلدات في الضفة الغربية. وأصيب عدد من المواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، في مواجهات شهدتها مناطق عدة بمحافظة نابلس. وأفاد مدير الإسعاف والطوارئ بالهلال الأحمر في نابلس أحمد جبريل، بأن 5 مواطنين في قرية برقة شمال غرب نابلس وبيتا جنوبها، أصيبوا بالرصاص المعدني، و43 مواطناً آخرين أصيبوا بالاختناق بالغاز المسيل للدموع و3 بكسور جراء سقوطهم أثناء ملاحقة جنود الاحتلال الإسرائيلي لهم في برقة، وبيت دجن، وبيتا. كما أصيب عشرات المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في باب الزاوية وسط مدينة الخليل. وأصيب شاب بالرصاص الحي، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة عزون شرق قلقيلية. وأصيب 6 مواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والعشرات بالاختناق، خلال مواجهات في قرية كفر قدوم شرق قلقيلية، عقب انطلاق المسيرة الأسبوعية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».