المطر والبرد القارس يفاقمان معاناة النازحين في سوريا

سيول تتسبب في أضرار بمخيمات قرب الحدود مع تركيا

مخيم «كفر عروق» للنازحين بريف إدلب كما بدا في 20 ديسمبر الحالي (رويترز)
مخيم «كفر عروق» للنازحين بريف إدلب كما بدا في 20 ديسمبر الحالي (رويترز)
TT
20

المطر والبرد القارس يفاقمان معاناة النازحين في سوريا

مخيم «كفر عروق» للنازحين بريف إدلب كما بدا في 20 ديسمبر الحالي (رويترز)
مخيم «كفر عروق» للنازحين بريف إدلب كما بدا في 20 ديسمبر الحالي (رويترز)

أدت أمطار غزيرة هطلت على سوريا في الأيام الماضية إلى غرق مئات الخيام التي تؤوي آلاف النازحين، في مخيمات بشمال غربي البلاد قرب الحدود مع تركيا. وفيما أفادت معلومات بتشرد مئات النازحين، عاينت «الشرق الأوسط» كيف تحول عدد كبير من المخيمات العشوائية إلى برك مائية ومستنقعات، وسط مخاوف من مفاقمة الأزمة أكثر نتيجة البرد القارس الذي ترافق مع موجة الأمطار.
وقال أبو ياسين (46 عاماً)، وهو نازح من حمص يقيم في «مخيم الأمل»، شمال إدلب، قرب الحدود السورية - التركية، إنه «لم يعرف النوم»، منذ بدء العاصفة المطرية التي ضربت البلاد قبل أيام، مضيفاً أنه كان يبقى صاحياً، وهو يراقب كمية هطول الأمطار خشية سقوط الخيمة على رؤوس أفراد أسرته المؤلفة من 6 أفراد. وأوضح أنه حاول جاهداً إبعاد السيول عن أطراف الخيمة، مستخدماً معولاً لفتح مجال أم مرور المياه المتدفقة من كل مكان، حرصاً منه على «ألا تتعرض الخيمة للغرق».
وأضاف أبو ياسين: «هناك أكثر من 35 خيمة في هذا المخيم تعرضت للغرق الكامل، ما تسبب بنزوح أصحابها إلى أماكن أخرى أكثر أمناً، فيما تعرضت عشرات الخيام أيضاً للتبلل بالأمطار وبدأت أسقفها بتسريب المياه إلى داخلها، ما دفع بالبعض إلى تغطيتها بقطع بلاستيكية». وتابع أن السيول والأمطار الغزيرة أدت إلى خسائر جسيمة طالت كثيراً من النازحين، الذين فقدوا الأغطية والفرش والحاجيات البسيطة المتوفرة لديهم في الخيام.
من جهته، قال أبو رائد وهو نازح في مخيم عطاء بمنطقة أطمة، شمال إدلب، إنه «استفاق على بكاء وصراخ أطفاله في منتصف الليل، بعدما بدأت الخيمة بالتهاوي والسقوط تدريجياً وعدم قدرتها على الصمود أمام الأمطار الغزيرة»، ما دفعه إلى إنقاذ أطفاله بنقلهم إلى خيام مجاورة، وبعد قليل، بدأت السيول بالتدفق من الجبال المحيطة بالمخيم الذي يؤوي نحو 500 عائلة نازحة، وبدأ صراخ الأطفال والنساء من كل مكان في المخيم، و«بدأت العائلات بالهرب من داخل الخيام إلى جزء آخر من المخيم موقعه أكثر ارتفاعاً من موقع خيامنا، دون أن تتمكن أي عائلة من إنقاذ أو إخراج أي شيء من أثاث الخيام... كانت تلك الليلة من أصعب ليالي العمر التي مرت علينا».
أما أبو أحمد، وهو مدير مخيم العودة، في منطقة قاح الحدودية مع تركيا شمال إدلب، فقال إن «العاصفة المطرية التي اجتاحت البلاد ونالت من مخيمات النازحين خلّفت أضراراً مادية وخسائر كبيرة في ممتلكات النازحين، فضلاً عن تحول عدد كبير من المخيمات إلى أشبه بمستنقعات وبرك مياه كبيرة، وتحتاج إلى جهود كبيرة لتسليك المياه وتجفيفها، في الوقت الذي نزح عنها قاطنوها إلى أماكن أخرى». وأضاف: «معاناة النازحين في المخيمات تتجدد مع قدوم فصل الشتاء من كل عام، فالمخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث لا يتوافر فيها مصارف أو مجار لمرور مياه الأمطار وإبعادها عن المخيمات، فضلاً عن إنشائها من قبل المنظمات في مناطق منخفضة وقريبة من الجبال والتلال، مما يجعلها بشكل دائم عرضة للغرق وعبور السيول ضمنها».
وزاد أبو أحمد: «ناشدنا مسبقاً المنظمات والجمعيات الإنسانية تقديم الدعم اللازم لمساعدتنا على مقاومة العواصف المطرية والرياح الشديدة، إلا أننا لم نتلقَّ أي استجابة حتى الآن، مع العلم أن أسقف الخيام (البلاستيكية) معظمها تعرَّض للتلف والاهتراء، ولم تعد قادرة على حماية قاطنيها من الأمطار ولا حتى الرياح والبرد».
من جهته، قال مسؤول في فريق «منسقي استجابة سوريا» إن الأمطار المستمرة في شمال غربي سوريا أدت إلى ارتفاع أعداد المخيمات المتضررة إلى 104، وانقطاع كثير من الطرقات المؤدية إليها، فيما بلغ عدد الخيام المتضررة بشكل كلي 194 خيمة، بينما تعرضت 316 خيمة لأضرار جزئية. وتابع أن مياه الأمطار تمكنت من الدخول إلى 2.145 خيمة مسببة أضراراً مختلفة. وبلغ عدد العائلات المتضررة بشكل مباشر 1.842 عائلة نازحة، في حين بلغت عدد العائلات المتضررة من الهطولات المطرية 3.742 عائلة.
وزاد هذا المسؤول: «جرى توثيق نزوح أكثر من 472 عائلة نتيجة تضرر خيامهم بشكل مباشر أو دخول مياه الأمطار إلى داخل الخيام». وتابع أنه «من المتوقع زيادة الأضرار بشكل أكبر في حال استمرار الهطولات المطرية أو تجددها في المنطقة، إضافة إلى وجود مخاوف من حدوث انزلاقات طينية ضمن المخيمات نتيجة تشكل مستنقعات مائية كبيرة». وأشار إلى أن «أغلب النازحين يعيشون في مخيمات لا تتوفر فيها متطلبات التدفئة، إضافة إلى قدم الخيام وتدمير كثير منها نتيجة العوامل الجوية المختلفة، مما يزيد المخاوف من إصابة الكثير من الأطفال وكبار السن في المخيمات بنزلات البرد وظهور أعراض صدرية وجلدية عليهم، إضافة إلى مخاوف من حدوث حالات وفاة لا سيما بين الأطفال وكبار السن النازحين نتيجة انخفاض درجات الحرارة».



وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT
20

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)
من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».