النفط في نقطة مقاومة... وآفاق مشرقة في 2022

الحذر يغالب الأسواق بسبب قيود «أوميكرون»... وتوقعات باستهلاك عالمي قياسي

من المتوقع أن يبلغ الاستهلاك النفطي العالمي مستويات قياسية في 2022 (أ.ف.ب)
من المتوقع أن يبلغ الاستهلاك النفطي العالمي مستويات قياسية في 2022 (أ.ف.ب)
TT

النفط في نقطة مقاومة... وآفاق مشرقة في 2022

من المتوقع أن يبلغ الاستهلاك النفطي العالمي مستويات قياسية في 2022 (أ.ف.ب)
من المتوقع أن يبلغ الاستهلاك النفطي العالمي مستويات قياسية في 2022 (أ.ف.ب)

تذبذبت أسعار النفط بشدة يوم الخميس، بين مكاسب وخسائر طفيفة، متأثرة بإقدام بعض بلدان العالم على فرض قيود جديدة على السفر للحد من زيادة الإصابات بمتحور «أوميكرون»، لكن الخسائر ظلت محدودة بسبب تطورات إيجابية مرتبطة بالجائحة.
وبحلول الساعة 13:45 بتوقيت غرينتش كانت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط مرتفعة 22 سنتاً أو 0.30% إلى 72.98 دولار للبرميل، بعدما قفزت 2.3% في الجلسة السابقة. وزادت العقود الآجلة لخام برنت 23 سنتاً أو 0.31% إلى 75.52 دولار للبرميل، بعد ارتفاعها 1.8% في الجلسة السابقة.
وكانت المكاسب الكبيرة أول من أمس (الأربعاء)، مدفوعة جزئياً بهبوط أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأميركية الأسبوع الماضي. ومنحت الولايات المتحدة موافقة على أقراص مضادة لـ«كوفيد - 19» بدءاً من سن 12 عاماً في أول علاج محلّي للمرض يؤخذ عن طريق الفم، فضلاً عن كونه أداة جديدة لمكافحة المتحور «أوميكرون» سريع الانتشار. وفي الوقت نفسه ذكرت شركة «أسترازينيكا» أن ثلاث جرعات من لقاحها المضاد لـ«كوفيد - 19» فعّالة ضد «أوميكرون»، نقلاً عن بيانات من دراسة معملية أجرتها جامعة «أكسفورد».
وعلى الجانب الآخر أعادت حكومات في أنحاء العالم فرض مجموعة من القيود للحد من انتشار «أوميكرون». لكنّ المخاوف المرتبطة بالتأثير المحتمل لقيود الحركة على طلب الوقود انحسرت لأن مجموعة «أوبك+»، المؤلَّفة من منظمة البلدان المصدِّرة للبترول (أوبك) وروسيا وحلفاء، تركت الباب مفتوحاً أمام إعادة النظر في خطتها التي تقضي بإضافة 400 ألف برميل يومياً إلى الإمدادات في يناير (كانون الثاني).
وقال إدوارد مويا، المحلل في «أواندا» في مذكرة: «لا يزال محتملاً أن يؤدي المتحور (أوميكرون) إلى مزيد من الإجراءات التقييدية في أنحاء أوروبا وآسيا، لكنّ الأسعار لن تنهار لأن بوسع (أوبك+) تعديل مستويات إنتاجها بسهولة».
وبشكل عام، شهد الطلب العالمي على النفط عودة قوية في 2021 مع بدء تعافي العالم من جائحة فيروس «كورونا»، ومن المحتمل أن يصل حجم الاستهلاك العالمي إلى مستوى لم يبلغه من قبل في 2022 وذلك رغم جهود لتقليل استهلاك الوقود الأحفوري بهدف التخفيف من حدة التغير المناخي.
فقد سجل استهلاك البنزين ووقود الديزل قفزة هذا العام مع استئناف السفر وتحسن نشاط الأعمال. وفي 2022 تقول وكالة الطاقة الدولية إنه من المتوقع أن يصل استهلاك النفط الخام إلى 99.53 مليون برميل يومياً، ارتفاعاً من 96.2 مليون برميل يومياً هذا العام. وسيكون هذا المستوى من الاستهلاك أقل قيد أنملة من الاستهلاك اليومي في عام 2019 والذي بلغ 99.55 مليون برميل.
وسيفرض ذلك ضغوطاً على منظمة البلدان المصدِّرة للبترول (أوبك) وعلى صناعة النفط الصخري الأميركية لتلبية الطلب، وذلك بعد عام فوجئ فيه كبار المنتجين بانتعاش النشاط بما يفوق الطلب، الأمر الذي أدى إلى تراجع المخزونات على مستوى العالم.
وواجهت دول كثيرة من أعضاء منظمة «أوبك» صعوبات في زيادة إنتاجها في الوقت الذي اضطرت فيه صناعة النفط الصخري الأميركية للانصياع لمطالب المستثمرين للحد من الإنفاق. فبعد أن بدأت السنة عند 52 دولاراً للبرميل، صعد مزيج برنت إلى نحو 86 دولاراً للبرميل قبل أن يتراجع في نهاية السنة. ويقول متنبئون إن الأسعار ربما تستأنف مسارها الصعودي في 2022 ما لم تزد الإمدادات بما يفوق التوقعات. ويقدِّر الباحثون في «بنك أوف أميركا» أن متوسط أسعار مزيج برنت سيبلغ 85 دولاراً للبرميل في 2022 بسبب المستوى المنخفض للمخزونات ونقص القدرات الإنتاجية الاحتياطية.
والعامل المجهول هو المتحور «أوميكرون» من فيروس «كورونا»، إذ أعادت دول كثيرة فرض قيود على السفر من شأنها أن تضر بصناعة الطيران واستهلاك الوقود.
وقال داميان كورفالين، رئيس قسم أبحاث الطاقة في «غولدمان ساكس»: «إذا كانت هذه موجة أخرى مثل الموجات التي شهدناها من قبل فسيكون تأثيرها سلبياً على النمو الاقتصادي في الربع الأول من 2022». وأضاف: «لكن إذا تلا ذلك انتعاش فإن الطلب على النفط، الذي لامس لفترة وجيزة مستوياته قبل كوفيد في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، سيصل إلى مستويات قياسية جديدة في معظم 2022».
وكان التعافي الذي شهده عام 2021 قد فاجأ الموردين فرفع التوترات بين الدول الكبرى المنتجة وأكبر الدول المستهلكة للنفط في العالم مثل الولايات المتحدة والصين والهند. ومع ارتفاع أسعار البنزين بشدة في وقت سابق من العام، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن منظمة «أوبك» وحلفاءها في التكتل المعروف باسم «أوبك+» لزيادة الإنتاج بعد تقييد الإمدادات على مدى شهور.
غير أن دولاً أعضاء في «أوبك» رفضت الضغوط، فيما واجهت دول أخرى صعوبات في زيادة الإنتاج بسبب عدم كفاية الاستثمارات، وأظهرت بيانات «رويترز» أن المنظمة تُنتج أقل من الكميات التي كانت تستهدفها في نوفمبر. وبالمثل لم تستغل صناعة النفط الصخري الأميركية ارتفاع الأسعار مثلما حدث في السابق فأذعنت لضغوط المستثمرين للحد من الإنفاق.
وبلغ متوسط الإنتاج الأميركي الكلي 11.2 مليون برميل في اليوم في 2021 بالمقارنة مع مستواه القياسي البالغ قرابة 13 مليون برميل يومياً في أواخر 2019 وذلك وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وقال كلوديو غاليمبرتي، نائب رئيس «ريستاد إنرجي»، إن كندا والنرويج وجايانا والبرازيل ستزيد الإمدادات في العام المقبل. وتقول وكالة الطاقة الدولية إنه من المتوقع أن يبلغ متوسط الإنتاج النفطي الأميركي 11.9 مليون برميل يومياً في 2022.
غموض «أوميكرون»
تتزايد الإصابات بفيروس «كورونا» بفعل المتحور «أوميكرون» شديد العدوى، وربما يؤدي انتشاره أكثر من ذلك إلى إبطاء التعافي لدى قوى اقتصادية كبرى. وقد خفضت وكالة الطاقة الدولية وغيرها التوقعات قليلاً، فقلصت توقعاتها لعامي 2021 و2022 بمقدار 100 ألف برميل يومياً في المتوسط لتأخذ في الاعتبار تراجع حركة السفر الجوي.
وقال فرايدون فيشاراكي، رئيس شركة «إف جي إي» الاستشارية، إن «عدم تطعيم 5% فقط من السكان يمكن أن يخلق أزمة. ففكرة إمكان الوصول بالتطعيم إلى 70 أو 80 أو 90% لتصبح في أمان أصبحت موضع شك».
غير أنه لا توجد أدلة تُذكر على أن «أوميكرون» كان له تأثير كبير على الطلب. فقد انخفضت مخزونات الوقود في مركز «أمستردام - روتردام - أنتويرب» الذي يعد محوراً رئيسياً للنفط والغاز في أوروبا في معظم الأسبوع الأخير، في مؤشر على تحسن الاستهلاك.

وأظهرت بيانات وحدة «فيول ووتش» بشركة «آر إيه سي» لخدمات السيارات، أن أسعار الوقود بلغت أعلى مستوياتها في بريطانيا. وفي آسيا هدأ ارتفاع هوامش أرباح المصافي من إنتاج البنزين في الأسابيع الأخيرة وسط المخاوف على الطلب بفعل عوامل على رأسها «أوميكرون». غير أن التوقعات العامة لعام 2022 هي استمرار التعافي وارتفاع أرباح المشتقات مثل الديزل.
وقال بيتر لي، كبير محللي النفط والغاز في «فيتش سوليوشنز»، إنه من المتوقع أن تنتعش أسواق ناشئة في آسيا مثل إندونيسيا وتايلاند بقوة أكبر في 2022. وقال ريتشارد جوري، العضو المنتدب بشركة «جيه بي سي إنرجي إيشيا»، إن من المتوقع أن يرتفع الطلب على البنزين بمقدار 350 ألف برميل في اليوم في 2022 في آسيا. وأضاف أن «أغلب هذا النمو في الطلب سيأتي من الهند وبعدها الصين. لكننا سنشهد أيضاً نمو الطلب في اليابان بمقدار 30 ألف برميل يومياً مع انحسار قيود كوفيد تدريجياً».



الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.