صالح والكاظمي يبحثان مع التحالف الدولي مرحلة ما بعد انسحاب القوات القتالية الأميركية

صالح والكاظمي يبحثان مع التحالف الدولي مرحلة ما بعد انسحاب القوات القتالية الأميركية
TT

صالح والكاظمي يبحثان مع التحالف الدولي مرحلة ما بعد انسحاب القوات القتالية الأميركية

صالح والكاظمي يبحثان مع التحالف الدولي مرحلة ما بعد انسحاب القوات القتالية الأميركية

بحث الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مهام التحالف الدولي مرحلة ما بعد انسحاب القوات القتالية الأميركية من العراق، نهاية الشهر الحالي. وقال بيان لرئاسة الجمهورية إن الرئيس صالح بحث مع وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، الذي زار العراق وأربيل، أمس (الخميس): «العلاقات الوثيقة التي تجمع البلدين، والسعي المشترك لتعزيزها في مختلف المجالات، والتعاون الثنائي المشترك في مواجهة مختلف التحديات، لا سيما المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية، ومواجهة التداعيات الخطيرة للتغيّر المناخي وحماية البيئة». وأشاد صالح «بدور إيطاليا المساند لقوات الأمن العراقية في مكافحة الإرهاب، ضمن التحالف الدولي وحلف (الناتو)، إلى جانب الإسهامات في الجوانب الإنسانية والاجتماعية». وعلى صعيد تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، أكد صالح على «ضرورة بذل أقصى الجهود من أجل نزع فتيل الأزمات في المنطقة، ودعم مسارات الحوار في حلحلة الخلافات القائمة وتخفيف التوترات والحيلولة دون التصعيد»، مشيراً إلى أن سياسة العراق المتوازنة تدعم تثبيت الاستقرار الإقليمي، منوهاً بأن العراق الآمن والمستقر بسيادة كاملة عنصر لا غنى لأمن واستقرار كل المنطقة».
من جانبه أكد الوزير الإيطالي «التزام بلاده دعم أمن واستقرار العراق وتأكيد سيادته»، مشيداً بالجهود التي يبذلها العراق على الساحة الإقليمية من أجل إرساء السلام، لافتاً إلى أن «الحكومة الإيطالية تسعى إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع العراق في مختلف المجالات».
من جهته، أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أهمية «الحرب على الإرهاب». وقال بيان لمكتب الكاظمي عقب استقباله الوزير الإيطالي: «أهمية تطوير العلاقات بين البلدين في المجال الأمني وتدريب القوات العراقية تحت إطار حلف (الناتو)، ولا سيما مع انتقال العلاقة مع التحالف الدولي إلى الدور غير القتالي».
الوزير الإيطالي أكد من جانبه «دعم بلاده للعراق وحكومته»، مشيداً بجهود الحكومة العراقية في تقريب وجهات النظر، وتعزيز الاستقرار المحلي والإقليمي، وانعكاسات ذلك على الاستقرار الدولي».
وفي السياق ذاته، بحث العراق مع أستراليا التعاون الأمني بعد انسحاب القوات القتالية الأميركية. وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إن الأخير بحث مع السفيرة الأسترالية في بغداد باولا غانلي العلاقات الثنائية والتعاون الأمني بين البلدين. وأضاف البيان أن اللقاء تناول «البحث في مختلف أوجه التعاون وآفاق المصالح المشتركة بين البلدين الصديقين، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وكذلك التعاون الأمني، مع انتهاء الدور القتالي للتحالف الدولي في العراق وتحوّله إلى مهام تقديم الإسناد والمشورة». وشهد اللقاء أيضاً بحسب البيان: «البحث في الوضع الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط، ودور العراق المتنامي في تدعيم الأمن، والاستقرار، وتعزيز التهدئة في المنطقة».
إلى ذلك أعلنت قيادة العمليات المشتركة (أعلى سلطة عسكرية في الجيش) أمس أن طبيعة مهام المستشارين العسكريين الأجانب ستقتصر على تزويد الجانب العراقي بالمعلومات الاستخبارية. وقال المتحدث باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي في تصريح له إنه «لا توجد أي قاعدة خاصة لقوات التحالف الدولي على الأراضي العراقية، إنما يُوجَدون في موقعين في قاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار وقاعدة حرير بمحافظة أربيل». وأضاف أن «الموجودين في القاعدتين عين الأسد وحرير تحولت مهام عملهم القتالية إلى استشارية»، لافتاً إلى أن «عدد المستشارين الموجودين في القاعدتين العسكريتين قليل جداً». الخفاجي أوضح أيضاً أن «مهام المستشارين يتركز على المعلومات والاستخبارات ومكافحة الإرهاب». وكان العراق والولايات المتحدة الأميركية اتفقا خلال شهر يوليو (تموز) الماضي خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الولايات المتحدة الأميركية على انسحاب القوات القتالية الأميركية من العراق نهاية العام الحالي، على أن يبقى للأميركيين ضمن التحالف الدولي وجود استشاري.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.