استطلاع: أغلبية ضئيلة تؤيد لقاء بنيت بعباس

المحادثات المباشرة مع «حماس» تحظى بدعم نصف الإسرائيليين

فلسطينيون يواجهون الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن الإسرائيلية بعد عودة المستوطنين إلى قرية برقة بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يواجهون الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن الإسرائيلية بعد عودة المستوطنين إلى قرية برقة بالضفة (أ.ف.ب)
TT

استطلاع: أغلبية ضئيلة تؤيد لقاء بنيت بعباس

فلسطينيون يواجهون الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن الإسرائيلية بعد عودة المستوطنين إلى قرية برقة بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يواجهون الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن الإسرائيلية بعد عودة المستوطنين إلى قرية برقة بالضفة (أ.ف.ب)

أظهر استطلاع للرأي نشرته مجموعة مبادرة جنيف اليسارية، أن أغلبية الإسرائيليين (بنسبة ضئيلة)، يؤيدون لقاء رئيس الوزراء نفتالي بنيت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وما يقارب من نصفهم يؤيدون المحادثات المباشرة مع حركة «حماس». ومبادرة جنيف هي نموذج غير ملزم لاتفاقية الوضع الدائم التي تمت صياغتها في 2003، على أساس القرارات الدولية السابقة. وكان من بين مهندسيها الوزير والمفاوض الإسرائيلي السابق، يوسي بيلين والوزير الفلسطيني السابق ياسر عبد ربه. وحصل المشروع على دعم دولي كبير، ولكن لم يتم التصديق عليه من قِبل الإسرائيليين أو الفلسطينيين.
وبحسب نتائج الاستطلاع الذي أجري عبر الإنترنت والهاتف، الأسبوع الماضي، فإن 51 في المائة يؤيدون قمة بنيت - عباس. وقالت أقلية من 39 في المائة، إنها لا تؤيد الفكرة و10 في المائة لم يقرروا. أما فيما يتعلق بـ«حماس»، فإن 49 في المائة يؤيدون إجراء محادثات مباشرة ومفتوحة، في حين يعارضها 40 في المائة و11 في المائة لا يعرفون.
ومعروف أن بنيت يرفض لقاء عباس، رغم أن عدداً من الوزراء في الائتلاف المتنوع الذي يقوده، التقوا الرئيس الفلسطيني. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أشار وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج، إلى أن وزير الدفاع بيني غانتس، قد يعقد اجتماعاً ثانياً مع عباس في المستقبل القريب، وكان الأول قد عقد في نهاية أغسطس (آب).
وجد الاستطلاع، الذي شمل 504 مستجيبين وأجرته مجموعة «ميدغام»، أن 75 في المائة من ناخبي أحزاب الائتلاف الحكومي يؤيدون لقاء بينت وعباس، بينما 25 في المائة لا يؤيدون ذلك. ومن بين ناخبي حزب «يمينا» اليميني الذي يتزعمه بنيت، أيَّد 40 في المائة الاجتماع، بينما يؤيد 82 في المائة من ناخبي حزب وزير الخارجية يئير لبيد، المحادثات. وبموجب اتفاقية التناوب مع بنيت، من المقرر أن يصبح لبيد رئيساً للوزراء في أغسطس 2023. وكان هناك دعم بالإجماع تقريباً للمحادثات بين ناخبي حزب «كاحول لفان» التابع لغانتس، حيث دعم 93 في المائة الفكرة.
نصف الإسرائيليين (50 في المائة) يعتقدون أن من سيحل محل عباس البالغ 86 عاماً، سيكون أسوأ بالنسبة لإسرائيل، بينما تعتقد أقلية صغيرة (16 في المائة) أن الرئيس الفلسطيني القادم سيكون أفضل. وقال 34 في المائة، إنهم لا يعرفون ماذا سيحدث. وقالت أقلية (43 في المائة)، إن دفع عملية دبلوماسية مع الفلسطينيين، سيزيد من دعمها للحكومة، بينما قال 38 في المائة، إن ذلك سيقلص دعمهم. في حين قال الباقون، إنهم لا يعرفون كيف سيؤثر ذلك عليهم. مع ذلك، من بين ناخبي حزب «يش عتيد»، قال 77 في المائة أنها ستزيد دعمهم، كما فعل 75 في المائة من حزب «كاحول لفان»، و92 في المائة من ناخبي حزب العمل ذي الميول اليسارية.
وقال غادي بالتينسكي، المدير العام لمبادرة جنيف، في بيان، إن الجمهور «غير مقتنع بسياسة الحكومة لإدارة الصراع وهو أكثر واقعية من قادتها». وحث بالتينسكي بنيت ولبيد، على «الاستماع إلى الجمهور» وبدء المحادثات على الفور مع القيادة الفلسطينية.
وجد الاستطلاع أيضاً أن هناك اهتماماً كبيراً بين الإسرائيليين بمعرفة المزيد عما يجري في المجتمع الفلسطيني، حيث قال 57 في المائة إنهم يريدون معرفة المزيد، بينما قال 43 في المائة إنهم لا يعرفون.
وقال أكثر من ثلثي المستطلعين، 67 في المائة، إنهم يصدقون الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي نُقل عنه مؤخراً، قوله، إن رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو لم يكن مهتماً باتفاق سلام مع الفلسطينيين. ومن بين الباقين، قال 22 في المائة، إنهم لم يصدقوا ذلك، وقالت نسبة متساوية، إنهم لا يعرفون ما إذا كان هذا صحيحاً.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.