المنفي منهمك بالتوتر في طرابلس واحتجاج نادر بطبرق

«الوطني الليبي» يداهم أوكاراً في سبها

أعضاء المجلس الرئاسي خلال اجتماع في طرابلس مع قيادات عسكرية موالية للسلطة الانتقالية أمس (المجلس الرئاسي)
أعضاء المجلس الرئاسي خلال اجتماع في طرابلس مع قيادات عسكرية موالية للسلطة الانتقالية أمس (المجلس الرئاسي)
TT

المنفي منهمك بالتوتر في طرابلس واحتجاج نادر بطبرق

أعضاء المجلس الرئاسي خلال اجتماع في طرابلس مع قيادات عسكرية موالية للسلطة الانتقالية أمس (المجلس الرئاسي)
أعضاء المجلس الرئاسي خلال اجتماع في طرابلس مع قيادات عسكرية موالية للسلطة الانتقالية أمس (المجلس الرئاسي)

في محاولة لإنهاء التوتر الأمني والعسكري المستمر منذ نحو أسبوع في العاصمة طرابلس، اجتمع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، مع قيادات عسكرية، بينما أعلن القيادي العسكري عبد القادر منصور عدم اعترافه بقرار تجميد تكليفه بمنطقة طرابلس العسكرية، خلفاً لعبد الباسط مروان الذي أقاله المجلس الرئاسي.
وقال المنفي في بيان وزّعه مكتبه، أمس، إنه بحث مع رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد، والمدعي العام العسكري اللواء ركن مسعود رحومة، ورئيس أركان القوات البرية اللواء فيتوري غريبيل، المستجدات الأمنية والعسكرية في البلاد.
في المقابل، قال القيادي عبد القادر منصور في خطاب وجهه إلى مدير مكتب المنفى، إنه ما زال مستمراً في عمله كآمر لمنطقة طرابلس العسكرية خلفاً لمروان، ورأى أن تأجيل تنفيذ قرار تعيينه خطأ قانوني، وحمّل المجلس المسؤولية الكاملة حيال ما يترتب على إيقافه. وأوضح أن المنفي أبلغه في اتصال بينهما بـ«عدم صحة هذا القرار» الذي قال إنه صدر بضغط من التشكيلات المسلحة التي قامت بإغلاق مكتب القائد الأعلى.
في شأن مختلف، وجّه جهاز حرس المنشآت النفطية إنذاراً شديداً إلى المجموعة التي أغلقت حقل «الوفاء» وصمام خط الغاز، بسرعة فك الحصار من دون أي شروط، وهدد بتقديمها إلى الجهات القضائية لمحاسبتها على الجرم الذي يتنافى مع اختصاصات الجهاز المتمثلة في الحماية والتأمين. وعدّ بيان للجهاز أن هذا العمل «إساءة للدولة، وأن هذه المجموعة لا تمثل إلا نفسها».
وشهدت مدينة طبرق، في أقصى الشرق الليبي، في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، اعتداءً مفاجئاً على موكب وكيل وزارة الداخلية فرج قعيم، بين منطقة إمساعد وبئر الأشهب.
وقالت مصادر إن مجموعة من أهالي إمساعد، اعتدت على القوة الأمنية وأغلقت الطرق المؤدية إلى المدينة بعد اعتراضها في منطقة القعرة شرق المدينة في أثناء عودتها من إمساعد.
وقال شهود عيان إنه تم إطلاق رصاص على أفراد القوة الأمنية الموجودة في إمساعد، قرب الحدود البرية المشتركة مع مصر، بينما أكد مصدر بالقوة الأمنية صدور أوامر بعدم استخدام القوة ضد المواطنين تحت أي ظرف.
وفي احتجاج نادر، أغلق سكان من إمساعد الطرق المؤدية إلى المنطقة وأحرقوا عدداً من الآليات التابعة لقعيم، بسبب ما وصفوها بأعمال السرقة التي مارستها ميليشياته في المنطقة.
وهدد قعيم، أمس، بالتعامل بالقوة مع الخارجين عن القانون ممن هاجموا القوة الأمنية بالسلاح، وناشد الأهالي لجم أبنائهم قبل التعامل معهم كإرهابيين، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية من العملية الأمنية ستكون أشد وأقوى من الأولى وسيشارك فيها الطيران.
وقال قعيم في مؤتمر صحافي: «داهمنا المنازل وفق قوائم لأشخاص مطلوبين لدينا ووقع خطأ مع شخص واحد ولاحقاً أعدنا إليه سيارته».
وأعلن مدير أمن طبرق سامي نصر، انتهاء المرحلة الأولى من الخطة الأمنية لمداهمة أوكار المخدرات والمهاجرين، مشيراً إلى اعتقال 1700 مهاجر غير نظامي خلال عمليات التفتيش والمداهمة التي طالت نحو 50 مكاناً لبيع المخدرات وحبوب الهلوسة.
وقال نصر إن القوة الأمنية تعرضت، لدى عودتها من إمساعد إلى طبرق، لإطلاق نار كثيف من عناصر خارجة عن القانون، تنتمي لمهربين للبشر، وتم التعامل معهم بحرفية دون وقوع أضرار بشرية.
من جهة أخرى، بدأت قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، عملية موسعة ضد أوكار العصابات، المعروفة بعمارات الشركة الهندية في حي الطيوري، بالقرب من مطار مدينة سبها في جنوبي البلاد. وأظهرت لقطات مصورة دخول قوات الجيش لدعم الأجهزة الأمنية في العملية، وسط تحليق لطائرات حربية تابعة للجيش في سماء المنطقة. ووفقاً لما أعلنه مسؤول التوجيه المعنوي في الجيش اللواء خالد المحجوب، فقد بدأت اللجنة الأمنية المشتركة في سبها أعمالها في مكافحة الظواهر السلبية بالمدينة، لافتاً إلى أنه تم أمس، بعد تطويق مقر الشركة الهندية ومحاصرتها، دخول فرقة الاقتحام من مختلف الوحدات العسكرية والقوى الأمنية إليها.
وأوضح المحجوب في بيان له أنه تم القبض على مروجي المخدرات الحبوب والخمور، نافياً أي وجود لـ«إرهابيين أو مرتزقة» أو مهاجرين غير شرعيين، موضحاً أنه تم إطلاق سراح مواطن مصري كان مخطوفاً من إحدى العصابات وعليه آثار تعذيب.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.