سنة على ولاية بايدن: تغييرات أقل من المتوقع

سنة على ولاية بايدن: تغييرات أقل من المتوقع
TT

سنة على ولاية بايدن: تغييرات أقل من المتوقع

سنة على ولاية بايدن: تغييرات أقل من المتوقع

في يناير (كانون الثاني) 2021 أصبح جو بايدن الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. ولا يمكن بأي حال النظر إلى مسألة تغيير الرئيس في واشنطن باعتبارها مجرد واقع وطني أميركي، وإنما يحمل هذا الأمر على نحو تلقائي تداعيات جانبية جيوسياسية بالغة الأهمية.
بايدن أعلن أنه ينوي إقرار تغييرات جذرية في الدبلوماسية الأميركية، بعيداً عن السياسات التي انتهجها سلفه دونالد ترمب على الساحة الدولية. لكن اللافت أنه فيما يخص الشؤون الدولية، يتشارك ترمب وبايدن قناعة واحدة، تدور حول أن الصين تحظى بالأولوية القصوى في جدول الأعمال الدبلوماسي الأميركي. ومع أن طبيعة التنافس بين بكين وواشنطن تختلف عن ذلك الذي كان مشتعلاً بين موسكو وواشنطن أثناء الحرب الباردة (لا تقود الصين تحالفاً عسكرياً عالمياً، إضافة إلى أنها لا تسعى إلى تدمير الرأسمالية، وإنما يتركز اهتمامها على استغلال أدواتها لتصبح القوة العالمية الأولى) يظل هذا التنافس بين بكين وواشنطن التوجه الجيوسياسي الأهم خلال السنوات المقبلة.
وتوجه واشنطن انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في الصين، وتسوق هذه الانتقادات باعتبارها السبب وراء معارضتها للنظام الصيني. صحيح أن بكين ليست نموذجاً يحتذى به على صعيد حقوق الإنسان، لكن تظل الحقيقة أنه لا جديد في ذلك. وفيما مضى، غضت واشنطن الطرف عن وضع حقوق الإنسان داخل الصين.
أما السبب الحقيقي وراء تردي العلاقات بين واشنطن وبكين، فيدور حول صعود قوة الأخيرة. فعندما انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، كان ناتجها المحلي الإجمالي يمثل 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي. واليوم، ارتفع هذا الرقم إلى 70 في المائة. جدير بالذكر هنا، أنه في ذروة الحرب الباردة لم يمثل الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد السوفياتي أكثر عن 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.
لذلك، من الواضح تماماً أن الخوف من تنامي قوة الصين يشكل العامل الرئيسي المحرك للدبلوماسية الأميركية. والمعروف أن واشنطن اعتادت أن تكون زعيمة العالم منذ عام 1945 وعليه، من الصعب أن تتقبل اليوم التراجع أمام بكين.
وعلى مدى سنوات، كان هناك اتفاق ضمني بين الصين والولايات المتحدة، لم تطعن بكين بمقتضاه في تفوق واشنطن على الساحة العالمية، بينما لم تهتم واشنطن بطبيعة النظام الصيني. إلا أن هذا الاتفاق انهار اليوم.
وعليه، يتعين أن نعي أن كل قرار يتعلق بالمواقف الدولية للولايات المتحدة يقف وراءه العامل الصيني. ويجب قراءة العلاقة مع الحلفاء الأوروبيين أو العرب أو الآسيويين من منظور أميركي - صيني. بمعنى كيف ستؤثر هذه العلاقات على المنافسة الأميركية - الصينية؟
ويكمن المثال الأبرز على ذلك، في عملية الانسحاب الكارثية من أفغانستان في أغسطس (آب) الماضي. فمن وجهة نظر حلفاء الولايات المتحدة عبر العالم، تسبب هذا الانسحاب في تقليص المصداقية الاستراتيجية للولايات المتحدة. أما فيما يخص واشنطن، فقد بدا هذا الانسحاب اختياراً منطقياً، ذلك أن أفغانستان لا تشكل بأي حال من الأحوال أولوية في خضم الصراع مع بكين.
أما فيما يتعلق بالشرق الأوسط، أعلن بايدن أنه سيتحرك في الاتجاه المعاكس الذي اتخذه ترمب تجاه العديد من القضايا. بصورة عامة، أراد بايدن جعل الاختلافات بينه وبين ترمب واضحة على الصعيد العام. وبينما كان ترمب يرمز إلى الأحادية، أراد بايدن العودة إلى دبلوماسية أكثر تعددية من أجل حشد الحلفاء في تحالف مناهض للصين لم يتمكن ترمب من بنائه.
وكان الاتفاق النووي الإيراني جزءاً من هذه الاستراتيجية. وشعر الحلفاء الأوروبيون، وفي مقدمتهم فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، بالانزعاج إزاء قرار ترمب خرق صفقة طال انتظارها واتسم التفاوض حولها بصعوبة بالغة. اليوم، يرغب بايدن في استعادة هذا الاتفاق، وذلك لأسباب عديدة بعضها محلي (لإعادة إرث أوباما الذي دمره ترمب). إلا أن بايدن كان حريصاً في الوقت ذاته على إصلاح العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين الذين كانوا في وضع صعب في عهد إدارة ترمب. وأدرك بايدن أنه إذا رغب في أن ينضم إليه الأوروبيون في تحالف مناهض للصين، فعليه أن يبذل بعض الجهد نحوهم.
إلا أنه لسوء حظه، كان هناك تضارب في الأجندة، فقد أرادت القيادة الإيرانية، المهتمة بإعادة الروابط مع الدول الغربية، وضع حد لعزلتها الدبلوماسية، بينما كان ترمب في واشنطن يعطي الأولوية لسقوط النظام الإيراني. بيد أنه بعد وقت قصير من وصول بايدن إلى البيت الأبيض، تولى المتشددون السلطة في طهران، ما جعل من الصعب إعادة توجيه دفة المفاوضات.
وإذا كان بايدن أبدى حماساً أقل تجاه دعم إسرائيل مما كان عليه ترمب، تظل الحقيقة أنه لن يتراجع عما فعله ترمب في هذا الاتجاه. مثلاً، لن تعود السفارة الأميركية إلى تل أبيب، علاوة على أن بايدن أعلن بالفعل موافقته على «اتفاقيات إبراهيم». وكانت هذه الاتفاقيات بمثابة تغيير حقيقي لقواعد اللعبة في الشرق الأوسط.
وعليه نجد أنه في نهاية الأمر، هناك تغييرات أقل في الشؤون العالمية في نهاية عام 2021 مما كان متوقعاً في بدايته.
*مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس
* خاص بـ«الشرق الأوسط»



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.