متى تتناول وجبات طعامك اليومية بطريقة صحية؟

نصائح طبية حول توزيعها خلال اليوم

متى تتناول وجبات طعامك اليومية بطريقة صحية؟
TT

متى تتناول وجبات طعامك اليومية بطريقة صحية؟

متى تتناول وجبات طعامك اليومية بطريقة صحية؟

أحد الأسئلة الطبية التي لا تزال تبحث عن إجابات واضحة تنطبق على الأصحاء من الناس، وتنطبق على الحالات المرضية المختلفة، وفي مختلف مراحل العمر، هو: متى أتناول وجبات طعامي اليومي، وكم عدد الوجبات الرئيسية أو الخفيفة ضمن ذلك، وكيف يتم توزيعها في أوقات النهار والليل؟
وتأتي أهمية هذا الجانب السلوكي من عدة نواحٍ، أهمها أن كل إنسان يتناول الطعام كضرورة غريزية في أوقات متعددة من اليوم تبعاً لشعوره القوي بالجوع واحتياج جسمه للطاقة والعناصر الغذائية كي يعيش. ومن أبسط المعارف أن يعلم المرء متى عليه أن يتناول الطعام. وأيضاً من إشارة الكثير من الدراسات الطبية خلال العقود الماضية إلى أن النمط الذي ينتهجه المرء في أوقات تناول وجبات طعامه، له تأثيرات عميقة على جوانب صحية متعددة لديه، وفي مراحل مختلفة من عمره، وعلى كفاءة وجودة ممارسته للأنشطة البدنية والذهنية في الأوقات المختلفة من ساعات النهار والليل.
كما تبرز الأهمية الطبية بشكل أكبر أيضاً في تطلب الكثير من الحالات المرضية، كمرض السكري والخضوع لعمليات جراحة المعدة لإنقاص الوزن وضعف الكلى واضطرابات الكبد واضطرابات الكولسترول وارتفاع ضغط الدم والقولون العصبي وقرحة المعدة وحصوات المرارة وغيرها، ضرورة ترتيب أوقات تناول وجبات الطعام وفق حاجة الجسم أولاً، ووفق متطلبات ضبط أعراض تلك الحالات المرضية ومنع تفاقمها، وثالثاً وفق متطلبات معالجة تلك الحالات الصحية، كأوقات تناول أدوية خفض نسبة سكر الدم.

دراسات حديثة
وضمن عدد ديسمبر (كانون الأول) الحالي من مجلة التغذية Nutrition، عرض باحثون برازيليون دراستهم بعنوان «توقيت الوجبة وتواترها: آثار في تطور والتنبؤ بأمراض الكلى المزمنة». وقال الباحثون من كلية طب بوتوكاتو في ساوباولو والجامعة الفيدرالية في غوياس: «المرضى الذين يعانون من مرض الكلى المزمن CKD لديهم مخاطر أعلى للوفاة من عامة الناس، والسبب الرئيسي هو أمراض القلب والأوعية الدموية CVD. وأشارت الدراسات الوبائية والتدخلات السريرية إلى أن العشاء في وقت متأخر من الليل وتخطي وجبة الإفطار يرتبطان بزيادة خطر الإصابة بالسمنة ومقاومة الإنسولين والأمراض القلبية الوعائية».
وقبل ذلك ضمن عدد أغسطس (آب) الماضي لنفس المجلة العلمية، عرض باحثون من اليابان دراستهم بعنوان «العلاقة بين التوقيت غير المنتظم لوجبات الطعام والصحة العقلية للعمال اليابانيين». وقال الباحثون من طوكيو: «تم تحديد تخطي وجبة الإفطار وتناول الوجبات الخفيفة ليلاً، كعوامل خطر للسمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. وتوصلت هذه الدراسة إلى أن عدم انتظام توقيت الوجبات كان مرتبطاً بارتفاع العصابية Neuroticism، وانخفاض مستويات النشاط البدني، وزيادة فقدان الإنتاجية، وارتفاع معدل حدوث مشكلات النوم وانخفاض الحالة الصحية الذاتية. خصوصا تخطي وجبة الإفطار بشكل متكرر، وزيادة وتيرة تناول الوجبات الخفيفة، وتأخير الوجبة الأخيرة قبل بداية النوم». وفي دراسة أخرى لباحثين من اليابان قال الباحثون في نتائجها: «وجدنا أن اعتماد توقيت عشاء غير منتظم مقارنةً بتناول العشاء قبل الساعة الثامنة مساءً، كان مرتبطاً بزيادة خطر الوفاة بالسكتة الدماغية النزفية Hemorrhagic Stroke».
وأكدت ذلك دراسة سابقة لباحثين أميركيين حول ارتباط توقيت الوجبة الأولى والأخيرة بأمراض القلب، وذلك بمراجعة باحثي جامعة جنوب كارولاينا لنتائج المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية بالولايات المتحدة NHANES. ووفق ما تم نشره ضمن عدد أغسطس من مجلة التغذية، قال الباحثون ما ملخصه إن الدراسات تشير إلى الفوائد القلبية المحتملة لاستهلاك طاقة (الطعام) في وقت مبكر من اليوم. وأن كل تأخير لمدة ساعة في وقت أول وجبة في اليوم يرتبط بارتفاع مؤشرات الالتهاب في الجسم وانخفاض الكولسترول الثقيل الحميد. وقال الباحثون: «في مجموعة بيانات الصحة العامة الكبيرة هذه، لوحظت أدلة على الأثر المفيد لبدء استهلاك الطاقة في وقت مبكر من اليوم، على عناصر خاصة بأمراض القلب».

وجبات الطعام
هذا ويراعي السلوك البشري الشائع والقديم، في تناول ثلاث وجبات طعام رئيسية: الإفطار والغداء والعشاء، تحقيق غايتين صحتين رئيسيتين، الأولى هي تلبية حاجة الجسم لقمع الشعور بالجوع وتزويد الجسم بالطاقة اللازمة لممارسة أنشطة الحياة اليومية في فترة النهار. ولذا نتناول وجبة الإفطار في الصباح ووجبة الغداء في منتصف النهار، وبعد غروب الشمس نتناول وجبة عشاء مبكرة. والأخرى، إعطاء الجسم راحة وفرصة للصوم عن تناول الطعام طوال ساعات الليل، واستفادة الجسم من فترة الصوم هذه في ضبط عمل الكبد والدماغ والعضلات والجهاز الهضمي، وذلك عبر الفترة الزمنية الطويلة الفاصلة بين وجبة العشاء ووجبة الإفطار.
وتفيد المصادر الطبية بأن لإيقاعات الساعة البيولوجية (Circadian Rhythms) في الجسم، دوراً صحياً مؤثراً في توقيت تناول الوجبات. وذلك للاستجابة بفاعلية للتغير اليومي المتوقع في دورة الضوء والظلمة. ولملايين من السنين التي مضت، وفي ظل غياب الضوء الصناعي، تفاعلت الساعة البيولوجية لدى الإنسان مع استهلاك الطعام بشكل أساسي في فترات النهار. وهو ما تغير حالياً بفعل توفر الإضاءات الليلية.
وأدى نمط الحياة الحديث إلى اضطراب نظام الساعة البيولوجية للإنسان من خلال ثلاث طرق أساسية: العمل بنظام الورديات، والتعرض لساعات طويلة من الضوء الصناعي، وانتشار أنماط الأكل غير المنتظمة. وأصبح السلوك الشائع في شأن تناول وجبات الطعام هو ثلاث وجبات رئيسية بتوزيع مختلف لدى غالبية الناس، وعدد من الوجبات الخفيفة في كمية الطعام بها في أوقات مختلفة من اليوم.
وضمن أحد بيانتها العلمية المهمة، بعنوان «توقيت وتكرار الوجبة: الآثار المترتبة على الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية»، قالت رابطة القلب الأميركية: «تتنوع أنماط الأكل بشكل متزايد. ويصعب التمييز بين وجبات الإفطار والغداء والعشاء النموذجية، لأن تخطي الوجبات وتناول الوجبات الخفيفة أصبح أكثر انتشاراً». وأضافت وفق ما تم نشره في عدد يناير (كانون الثاني) 2017 من مجلة الدورة الدموية «Circulation»: «ويمكن أن يكون لأنماط الأكل هذه تأثيرات مختلفة على مؤشرات صحة القلب والأوعية الدموية، مثل السمنة والدهون ومقاومة الإنسولين وضغط الدم. واستعرضنا الآثار الصحية القلبية لأنماط معينة من الأكل: تخطي وجبة الإفطار، والصيام المتقطع، وتكرار عدد الوجبات اليومية، وتوقيت تلك الوجبات. وتشير البيانات العلمية إلى أن أنماط الأكل غير المنتظمة تبدو أقل ملاءمة لتحقيق حالة صحية لأمراض القلب. والأكل مع الانتباه إلى توقيت وتواتر مناسبات الأكل، يمكن أن يؤدي إلى نمط حياة أكثر صحة للقلب وتقليل عوامل الخطر عليه».
ونبّه البيان العلمي قائلاً: «قد يكون الأطباء قادرين على استخدام هذه المعلومات ليقترحوا على المرضى اتباع نهج أكثر إتقاناً في تناول الطعام، وأكثر تركيزاً على توقيت وتكرار الوجبات والوجبات الخفيفة، ويمكن أن يكون هذا أساساً لنمط حياة أكثر صحة وتحسين إدارة عوامل الخطر القلبية. ويتطلب هذا النهج تناول الطعام على فترات مخططة لتوزيع كمية طاقة الطعام على مدار اليوم. وقد يكون هذا صعباً بالنسبة إلى الكثيرين لأن قيود الوقت تحدّ من التخطيط للوجبات وإعدادها، مما يؤدي إلى زيادة استخدام المواد الغذائية المتوفرة (مثل الوجبات السريعة وآلات البيع) والأكل العشوائي المدعوم ببيئة بها خيارات طعام يسهل الوصول إليها. وهو نظام غذائي رديء الجودة ويحتوي على أجزاء كبيرة غالباً ما تكون كثيفة الطاقة ولكنها فقيرة بالمغذيات».


مقالات ذات صلة

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)
أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)
أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي. ومع ذلك، فإن محبي المشروبات قليلة الدسم هم أقل عرضة للقلق والاكتئاب.

تم جمع البيانات من أكثر من 350 ألف شخص مسجلين في دراسة «بيو بانك» في بريطانيا الذين تمت متابعتهم لأكثر من عقد من الزمان، وتقييمهم بحثاً عن علامات مشاكل الصحة العقلية.

وجدت الدراسة أنه عند أخذ العمر والصحة والدخل في الاعتبار، فإن أولئك الذين يشربون الحليب قليل الدسم هم أقل عرضة للاكتئاب بنسبة 12 في المائة، وأقل عرضة للقلق بنسبة 10 في المائة.

ومع ذلك، وُجد أن شرب الحليب منزوع الدسم ليس له أي فائدة، في حين أن شرب أنواع أخرى من الحليب، مثل حليب الصويا واللوز، كان مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 14 في المائة، حسبما أوردت صحيفة «تلغراف» البريطانية. وفي هذا الصدد، كتب العلماء من جامعة «ساوثرن ميديكال» في دراستهم: «الحليب مصدر غني بالعناصر الغذائية، مثل اللاكتوز والدهون والبروتين والمعادن، وهي ضرورية للحفاظ على صحة الإنسان».

يقولون إن الحليب مصدر غني بمعدن الكالسيوم الذي ثبت سابقاً أنه ينشط مسارات في الجسم يمكنها زيادة إنتاج السيروتونين. والسيروتونين مادة كيميائية تلعب دوراً في الدماغ، فيما يتعلق بالمزاج والصحة العقلية. وتعمل المجموعة الأكثر شيوعاً من أدوية مضادات الاكتئاب على تعزيز امتصاص السيروتونين.

والحليب غني بالدهون المشبعة، ويحتوي الحليب منزوع الدسم على نسبة أقل من هذه الجزيئات مقارنة بالحليب كامل الدسم.

وارتبط تناول كثير من الدهون المشبعة في النظام الغذائي بكثير من الحالات الصحية، مثل ارتفاع نسبة الكولسترول والسكتة الدماغية وأمراض القلب، ولكن ثبت أيضاً أنه يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.

ويقول العلماء إن هذا قد يفسر سبب كون الحليب منزوع الدسم -ولكن ليس كامل الدسم- مفيداً للصحة العقلية؛ لأن المحتوى العالي من الدهون المشبعة في حليب البقر غير منزوع الدسم، يمكن أن يضعف إشارات الدوبامين في الدماغ ويسبب الالتهاب. لكن الحليب منزوع الدسم يحتوي أيضاً على «كمية كبيرة» من الدهون غير المشبعة، والتي غالباً ما يطلق عليها «الدهون الجيدة» وقد ثبت في الماضي أنها مفيدة لنظام الدوبامين في الدماغ.

ويقول العلماء إن الحليب منزوع الدسم يحتوي على دهون جيدة أكثر من الحليب كامل الدسم، ودهون سيئة أقل من الحليب كامل الدسم، وهذا قد يعني أنه يقع في مكان جيد؛ حيث يحسن الصحة العقلية.

وكتب العلماء في الدراسة التي نشرت في مجلة «Frontiers in Nutrition»: «قد يوفر ملف الأحماض الدهنية في الحليب منزوع الدسم حماية دماغية أكبر، مقارنة بالحليب كامل الدسم، وبالتالي يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق». ويضيفون: «يشير التحليل إلى إمكانية وجود ارتباط عكسي بين استهلاك الحليب منزوع الدسم ومخاطر الاكتئاب والقلق». وأضافوا: «تشير هذه النتائج إلى أن الحليب منزوع الدسم قد يكون له تأثير وقائي ضد هذه الحالات الصحية العقلية، مما يقدم آفاقاً جديدة للتدخلات الغذائية».