ليبيا: خيبة أمل بعد تأجيل الانتخابات

لوحة إعلانية انتخابية في العاصمة الليبية (إ.ب.أ)
لوحة إعلانية انتخابية في العاصمة الليبية (إ.ب.أ)
TT

ليبيا: خيبة أمل بعد تأجيل الانتخابات

لوحة إعلانية انتخابية في العاصمة الليبية (إ.ب.أ)
لوحة إعلانية انتخابية في العاصمة الليبية (إ.ب.أ)

يشعر الليبيون بخيبة أمل جديدة، بسبب تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان يُفترض إجراؤها في 24 ديسمبر (كانون الأول)، وقُدمت منذ فترة طويلة على أنها خطوة رئيسية لإخراج بلادهم من عقد من حالة عدم الاستقرار والتشظي.
بعد عدة أيام من الترقب وإثارة حماس الناخب الليبي، أكدت السلطات الأربعاء أن الاقتراع المقرر إجراؤه الجمعة لن يتم، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
واقترحت المفوضية العليا للانتخابات تأجيل هذا الموعد النهائي الحاسم لمدة شهر واحد في عملية الانتقال التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي يفترض أن تخرج هذه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا من الفوضى التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي في 2011.

وطوال السنوات التي تلت إسقاط نظام القذافي، يستمر الانتقال السياسي بلا نهاية، ما يثير استياء الليبيين أنفسهم الذين أظهروا حماساً واسعاً لهذه الانتخابات، كما يكشف توزيع نحو 2.5 مليون بطاقة ناخب، من أصل سبعة ملايين عدد سكان البلاد.
ولا يخفي التاجر نبيل طريش (51 عاماً) الذي كان جالساً في مقهى في طرابلس، فزعه. وقال: «تسلمت بطاقتي الانتخابية وكنت أنتظر هذه الانتخابات». وأضاف أن «تأجيلها بالنسبة لي نكسة وخيبة أمل». وسبق الفشل السياسي سلسلة من الحوادث وتصاعد في التوتر على الأرض، على خلفية الخلافات المستمرة بين المعسكرين المتنافسين حول انتخابات خاضها كثير من المرشحين المثيرين للانقسام.
وهو وضع يثير مخاوف من العودة للحرب بعد عام ونصف العام من الهدوء، خاصة أنه ليس هناك أي شيء مضمون في بلد عود الجميع على المفاجئة ومخالفة التوقعات.
وقال طريش: «أتوقع عودة الحرب لأن كل فصيل يخدم مصالحه الخاصة، ومعارضو الانتخابات يحظون بدعم الجماعات المسلحة».
وقال الموظف في شركة اتصالات محمد طريش إن «العقبة الرئيسية أمام هذه الانتخابات هي البرلمان الحالي»، مؤكداً أنه يريد «استفتاء على الدستور»، لوضع «أسس متينة»، قبل إعادة إطلاق موعد جديد للانتخابات.

طرابلس التي كانت ذات يوم جذابة لكثير من العمال الأجانب، تأثرت اليوم بشكل خطير بالاشتباكات، وبتفكك الدولة على الرغم من بدء تعافي العاصمة مؤخراً، عبر إعادة حكومة دبيبة إطلاق مشروعات إعادة الإعمار في الأشهر الأخيرة.
وقال إبراهيم علي (50 عاماً) وهو رجل أعمال من طرابلس إنه يعتقد أن «العودة إلى الحرب وشيكة». وأضاف أنه في هذا السيناريو «المواطن وحده هو الذي يدفع الثمن».
في الطرف الآخر من البلاد، تؤثر الأزمة المستمرة على حياة سكان بنغازي (شرق) مهد الثورة بالقدر نفسه.
كان محمد الجدي في الثلاثينات من عمره في فبراير (شباط) 2011، عندما ثارت ثاني أكبر مدينة في ليبيا ضد نظام القذافي خلال «الربيع العربي».
ويتذكر هذا المهندس كيف شارك في الثورة من بنغازي قبل أن تمتد إلى كل ليبيا «من أجل الحرية والازدهار». لكن عن الوضع الحالي يقول الجدي إن «ظروفنا المعيشية تدهورت ورواتبنا لم تتغير رغم التضخم ونعيش الآن في بيئة غير مستقرة».
وإلى جانب أنه «محبط من تأجيل» الانتخابات، يعتقد محمد الجدي أن «فاعلي الصراع الذين شاركوا في أغلب الأحيان في السباق الرئاسي، كانوا يعلمون أن فرصهم في الفوز كانت منخفضة، وبالتالي حدث هذا العائق».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.