لماذا فشلت محاولات إجراء الانتخابات الليبية في موعدها؟

لافتة انتخابية تحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات الليبية وسط طرابلس (إ.ب.أ)
لافتة انتخابية تحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات الليبية وسط طرابلس (إ.ب.أ)
TT

لماذا فشلت محاولات إجراء الانتخابات الليبية في موعدها؟

لافتة انتخابية تحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات الليبية وسط طرابلس (إ.ب.أ)
لافتة انتخابية تحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات الليبية وسط طرابلس (إ.ب.أ)

يفسر غياب توافق في الآراء بشأن الأساس القانوني للاقتراع، وتضارب في المصالح وبعض الثغرات في وساطة الأمم المتحدة، جزئياً الفشل في إجراء الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر (كانون الأول)، كما يرى خبراء.
واقترحت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الأربعاء تأجيل الانتخابات الرئاسية لشهر واحد، بعد ساعات قليلة من إعلان لجنة برلمانية أنه «يستحيل» تنظيمها في موعدها، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأدى قانون الانتخابات المتنازع عليه وما ارتبط به من شخصيات مثيرة للجدل تعلن نفسها مرشحة، إلى توتر على الأرض وبدأ سيناريو التأجيل يلوح في الأفق منذ أسابيع.
ولزيادة الارتباك، استقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش الذي كان يعمل من جنيف وبدا بشكل واضح أنه عاجز عن إدارة الملف الليبي، قبل شهر. ورأى مراقبون أن كوبيتش كان موقناً باستحالة إجراء الانتخابات وأراد عدم تحمل مسؤولية ذلك.
وعُينت الأميركية ستيفاني ويليامز التي عملت في 2020 مبعوثة، مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، حيث قامت في الأيام الأخيرة بترتيب الاجتماعات بين مختلف الجهات الليبية وتنقلت بين مدن عدة، في محاولة واضحة لإنقاذ الملف الليبي المعقد والمتهالك بفعل التدخلات والاستقطاب.
ورداً على سؤال عن تفسير هذا الفشل الذريع، أوضح جليل حرشاوي من مركز المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة ومقره سويسرا، لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «كانت هناك أخطاء مشتركة وأخطاء من جانب الأمم المتحدة وموقف من سوء النية الشديد من جانب الممثلين الليبيين».
خرجت العملية عن مسارها بشكل خطير عندما سنّ البرلمان بقيادة عقيلة صالح قانوناً انتخابياً مثيراً للجدل في سبتمبر (أيلول) من دون تصويت، يناسب الرجل القوي من الشرق المشير خليفة حفتر قبل ترشحه.
يقول حرشاوي إن «عقيلة صالح شخصيا وليس البرلمان، هو المسؤول عن قوانين الانتخابات التي تشكل كارثة حقيقية (...) هذه العقبة ذات الطابع القانوني والتشريعي أساسية قطعاً لشرح فشل الانتخابات». ويضيف أن «هذا النص المصمم خصيصاً للمشير حفتر، أثار على الدوام استياء السلطات في طرابلس. وقد وافق عليه المبعوث كوبيش رغم انتقادات الطبقة السياسية.
ويرى الباحث أنه بذلك «فقدت الأمم المتحدة أي مجال أو فرصة للمناورة، بما فعله المبعوث الدولي السابق (...) الذي لم يبذل الكثير من الجهد (...) مع علمه أن هناك ثغرات ولا توجد قوانين انتخابية».
ويضيف حرشاوي أن «ليس هذا هو السبب الوحيد وراء هذا الفشل الذريع؛ هناك خلافات حول الأهلية، الطبيعة المباشرة أو غير المباشرة للتصويت، وعدم فهم صلاحيات الرئيس (...) هناك مشكلات في الصميم».
وقال عماد الدين بادي الباحث في المركز نفسه: «كانت مسؤولية بعثة الأمم المتحدة التوسط لدعم المرحلة الانتقالية عقب منتدى الحوار السياسي الليبي (اسم العملية السياسية)، بما يفضي إلى إجراء الانتخابات بأدنى حد من الإجماع ومن دون حدوث أزمة من صنع هذه العملية». ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذا لا يعني أن السياسيين الليبيين لا يتحملون أي مسؤولية، بل كان قراراً طوعياً تقريباً لتسليم عجلة الانتقال إليهم وكان من الحتمي تقريباً أن نصل إلى هنا»، معتبراً أنه «يمكننا إلقاء اللوم بقدر ما نريد على الفاعلين السياسيين الليبيين».
وبموجب قانون انتخاب الرئيس ومع استمرار عمل ليبيا بوثيقة دستورية «مؤقتة» منذ 2011. لا توجد نصوص قانونية توضح وتحدد صلاحيات الرئيس الذي سيتم انتخابه، لا سيما مع استمرار الخلاف حول «مسودة الدستور» المقترحة، التي ظلت حبيسة الأدراج ورهينة الخلافات ولم تعرض على الاستفتاء الشعبي منذ سنوات.
وطالبت السفارة الأميركية لدى ليبيا، الأطراف الفاعلة بالإسراع في معالجة العقبات التي تواجه العملية الانتخابية. وقالت في بيان إنه «يتعين على القادة الليبيين، ونيابة عن الشعب، معالجة العقبات القانونية والسياسية لإجراء الانتخابات».
كما عبرت عن مشاركتها قلق وخيبة أمل الليبيين الذين ينتظرون أن تتاح لهم فرصة التصويت من أجل مستقبل بلادهم.
يؤيد هاميش كينير من معهد «فريسك ماكلفروت»، وجهة النظر التي تميل إلى فشل المبعوث الدولي السابق إلى ليبيا يان كوبيش، وتسببه في هذا الارتباك الذي رافق عملية سن القوانين المنظمة للانتخابات. وقال إن «حل الخلافات بين الفصائل الليبية حول كيفية هيكلة النظام السياسي (...) سيكون معقداً لأي مبعوث خاص للأمم المتحدة مهما كانت موهبته». وأضاف أن الانتخابات «ليست الحل المعجزة الذي يضمن الاستقرار السياسي لليبيا».
وينتظر الأسابيع المقبلة التطورات المتعلقة بمصير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومدى قدرة الأطراف الدولية اللاعبة والمؤثرة في الملف الليبي، التوافق حول موعد يحظى بدعم جميع الأطراف ويضمن تجنب الثغرات القانونية والتحديات الأمنية التي واجهت عملية التنظيم لأول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا.



الصومال يتهم إثيوبيا بـ«تسليح ميليشيات» لعرقلة استقرار البلاد

نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

الصومال يتهم إثيوبيا بـ«تسليح ميليشيات» لعرقلة استقرار البلاد

نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

في تصعيد جديد للتوترات الصومالية - الإثيوبية، اتهمت حكومة مقديشو، أديس أبابا، بـ«تسليح ميليشيات بشكل غير قانوني»، في منطقة غوبالاند، بهدف «عرقلة استقرار البلاد، وتقويض الأمن، وإثارة الصراع الداخلي».

الاتهامات الجديدة، جاءت عقب إعلان الصومال، على لسان نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة، عبد الرحمن يوسف العدالة، رصد هبوط طائرتين إثيوبيتين، تحملان أسلحة غير قانونية، في مدينة كيسمايو (عاصمة إقليم غوبالاند)، في خطوة عدّها مراقبون صوماليون «إمعاناً من أديس أبابا للتدخل في الشأن الصومالي»، وحلقة جديدة من مسلسل التوترات بين البلدين، الذي أعقب توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع الإقليم الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف بالإقليم دولة مستقلة، وسط رفض الصومال ودول الجامعة العربية.

وأدان الصومال «إدخال» إثيوبيا أسلحة بشكل غير قانوني إلى داخل غوبالاند، وقال نائب وزير الإعلام إن «بلاده رصدت هبوط طائرتين تابعتين للخطوط الجوية الإثيوبية في مدينة كيسمايو، تحملان أسلحة غير قانونية، ونقلت أيضاً أشخاصاً إلى إثيوبيا، بينهم نائب رئيس ولاية غوبالاند السابق محمود سيد آدم، وبعض أنصاره».

وأشار العدالة، في مؤتمر صحافي الاثنين بمقديشو، إلى أن «التصرفات الإثيوبية تدعم الإرهابيين، وتخلق مؤامرات ضد الحكومة الصومالية»، مشيراً إلى أن «إثيوبيا، منشغلة منذ فترة بالتدخل في أراضي الصومال، وتسليح ميليشيات لعرقلة استقراره»، منوهاً بأن «مقديشو اتخذت إجراءات صارمة لحماية البلاد، وأن كل من يوالي النظام الإثيوبي سيتم تقديمه للعدالة».

وتوترت العلاقة بين قادة ولاية غوبالاند مع الحكومة الفيدرالية بالصومال مؤخراً، على خلفيه عدم اعتراف الحكومة الفيدرالية بالانتخابات الرئاسية التي جرت بالإقليم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي فاز فيها أحمد مدوبي بولاية ثالثة.

ويعتقد نائب وزير الإعلام الصومالي، أن التحركات الإثيوبية، «تتعارض مع المحادثات المرتقبة بين البلدين (مقديشو وأديس أبابا)، بشأن أزمة الاتفاق مع إقليم (أرض الصومال)».

واستضافت العاصمة التركية أنقرة، جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات لم تصل إلى اتفاق. بينما أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، بداية ديسمبر (كانون الأول) الحالي «اعتزامه التوسط مع نظيره الأوغندي، يوري موسيفيني، لحل النزاع بين الصومال وإثيوبيا»، ولم يعلن الطرفان رسمياً التجاوب مع تلك المبادرة.

وتستهدف التحركات الإثيوبية الأخيرة «إشعال النزاعات الداخلية بالصومال، لضرب استقراره»، وفق تقدير رئيس حزب العدالة الصومالي ووزير الإعلام الأسبق، زكريا محمود الحاج، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أديس أبابا تواصل تدخلها في الشأن الصومالي، بتسليح القبائل المتاخمة للحدود بين البلدين، وبعض المناطق الداخلية»، عادّاً أن «إثيوبيا لا تريد استقراراً داخلياً بالصومال».

وسبق أن اتهم الصومال، إثيوبيا، بـ«إرسال شحنة غير مرخصة من الأسلحة والذخيرة إلى ولاية بونتلاند»، في خطوة عدّتها «الخارجية» الصومالية في سبتمبر (أيلول) الماضي، «تشكل انتهاكاً لسيادة البلاد».

ويعتقد الحاج أن «وحدة وقوة الدولة الصومالية، ستحبطان مخطط إثيوبيا في إيجاد منفذ بحري لها، عبر الصومال»، مشيراً إلى أن «مقديشو تواجه التحركات الإثيوبية بمساعٍ جادة لدعم الوحدة والسيادة الكاملة على أراضيها»، إلى جانب «تعزيز تحالفاتها مع قوى إقليمية ودولية مثل مصر وتركيا، لدعم قدرات مؤسساتها».

وفي منظور وزير الإعلام الصومالي الأسبق، فإن «الصومال، ليس في حاجة لقوات تحارب معه، وإنما لدعم عسكري ولوجيستي لدعم قدراته العسكرية والأمنية».

ويتوقف خبير الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، مع توقيت التحركات الإثيوبية الأخيرة داخل الصومال، مشيراً إلى أنها «تأتي في وقت مفترض أن تخرج فيه القوات الإثيوبية، المشاركة في بعثة حفظ السلام الأفريقية المنتهية ولايتها بنهاية العام الحالي، من الصومال»، عادّاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «أديس أبابا، تستهدف افتعال مزيد من المشكلات للتأثير على مهمة البعثة الجديدة للاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الداخل الصومالي، والمقررة بداية العام المقبل».

ويرفض الصومال، مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهلت مقديشو، أديس أبابا، حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعدّ وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

ويرجح زهدي «تصعيد النزاع الصومالي - الإثيوبي خلال الشهر الحالي، قبل بدء مهام بعثة حفظ السلام الجديدة»، وقال إن «أديس أبابا تسعى لإثارة التوترات بما يتيح لها السيطرة على الوضع هناك»، ورأى أن «الخلاف بين الطرفين سيتخذ مستويات تصاعدية».