تجدد الاحتجاجات الشعبية جنوب العراق

محتجون يقطعون «جسر الحضارة» وسط الإطارات المحترقة في الناصرية أمس (شبكة الناصرية)
محتجون يقطعون «جسر الحضارة» وسط الإطارات المحترقة في الناصرية أمس (شبكة الناصرية)
TT

تجدد الاحتجاجات الشعبية جنوب العراق

محتجون يقطعون «جسر الحضارة» وسط الإطارات المحترقة في الناصرية أمس (شبكة الناصرية)
محتجون يقطعون «جسر الحضارة» وسط الإطارات المحترقة في الناصرية أمس (شبكة الناصرية)

تجددت المظاهرات المطالبة بالخدمات وتوفير فرص عمل للخريجين، أمس، في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار الجنوبية، وأصيب خلالها عدد من المتظاهرين برصاص القوات الأمنية، فأمر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بإجراء تحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين التعليمات من عناصر الشرطة ومكافحة الشغب. وتجمع مئات المتظاهرين؛ ومعظمهم من خريجي الجامعات، عند تقاطع «البهو» في الناصرية، قبل أن تفتح القوات الأمنية النار لتفريقهم؛ ما تسبب في إصابة 3 متظاهرين، بحسب «خلية الإعلام الأمني». وعقب الحادث أقدم العشرات من المحتجين على قطع جسري النصر والزيتون الرابطين بين ضفتي المدينة، بالإطارات المحترقة. وفي قضاء الدواية شمال المحافظة تظاهر المئات من أهالي ذي قار، مطالبين بإقالة القائمقام وتحسين الواقع الخدمي.
وعرفت محافظة ذي قار، ومركزها الناصرية، بوصفها أحد معاقل الحراك الاحتجاجي عام 2019 الذي استمر لأكثر من عام. وما زالت أوضاع المحافظة الخدماتية المتردية وتراجع ظروفها الاقتصادية وانعدام فرص العمل فيها، تغذي عوامل النقمة لدى المواطنين هناك وتدفع بهم إلى التظاهر باستمرار. وغالباً ما تتعامل السلطات المحلية والاتحادية بحذر مع المظاهرات التي تخرج في الناصرية وبقية مناطق المحافظة لخشيتها من قيام المتظاهرين بأعمال تصعيدية تشل الحركة في المحافظة، مثلما حدث سابقاً أن عمد المحتجون إلى حرق معظم المقار للأحزاب والفصائل المسلحة.
وعقد المجلس الوزاري للأمن الوطني، أمس، جلسة برئاسة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي الذي «وجه قيادة العمليات المشتركة بالتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يخالف التعليمات»؛ طبقاً لبيان صدر عقب الجلسة.
وناقشت الجلسة الأمنية «أحداث المظاهرات في محافظات ذي قار والنجف والديوانية، والتأكيد على توجيهات القائد العام للقوات المسلحة السابقة والحالية التي تشدد على عدم استخدام القوة أو إطلاق النار، وحماية المتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم المشروعة». وتقرر «تكليف السيد وزير الداخلية بمتابعة موضوع المظاهرات ومطالب المتظاهرين، والتشديد على التزام جميع منتسبي القوات الأمنية بمعايير حقوق الإنسان وحماية المتظاهرين».
وكان محافظ ذي قار، أحمد غني الخفاجي، طالب الحكومة الاتحادية بإرسال لجنة للتحقيق في إطلاق النار، ووجه كلمة موجزة إلى مواطنيه طالبهم فيها بـ«ضبط النفس والابتعاد عن العنف».
وقال الخفاجي إن إدارته «تستجيب لكافة المطالب التي يمكن تحقيقها على مستوى المحافظة، كما تتابع طلبات المواطنين المتعلقة باختصاصات الحكومة الاتحادية». وأضاف: «أوجه دائماً القوات الأمنية بعدم استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وقد طالب رئيس الوزراء بالتحقيق في حادث الإطلاق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.