حمدوك يرجئ استقالته استجابة لوساطات وطنية ودولية

حمدوك وضع شروطاً لمواصلة عمله وحدد فترة زمنية للاستجابة لمطالبه (إ.ب.أ)
حمدوك وضع شروطاً لمواصلة عمله وحدد فترة زمنية للاستجابة لمطالبه (إ.ب.أ)
TT

حمدوك يرجئ استقالته استجابة لوساطات وطنية ودولية

حمدوك وضع شروطاً لمواصلة عمله وحدد فترة زمنية للاستجابة لمطالبه (إ.ب.أ)
حمدوك وضع شروطاً لمواصلة عمله وحدد فترة زمنية للاستجابة لمطالبه (إ.ب.أ)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مقربة أن هنالك محاولات حثيثة من الداخل والخارج لإثناء رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، للتنازل عن قرار استقالته، نظراً لتداعياتها على الأوضاع السياسية في البلاد التي أفرزها الانقلاب العسكري والاتفاق السياسي الموقع بينه وبين قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء متمسك باستقالته، دون أن يتراجع عنها، لكنه أرجأ الدفع بها على الأقل في الوقت الحالي، لإعطاء مهلة للوساطات الخارجية والداخلية والمبادرات التي ترى أن هنالك فرصة مواتية لمعالجة الأمر.
وكشفت المصادر عن اتصالات مباشرة وهاتفية أجراها قادة الجيش في «مجلس السيادة الانتقالي» وشخصيات وطنية مع حمدوك، للتراجع عن الاستقالة والاستمرار في منصبه. وأضافت أن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، اجتمع، أمس، برئيس الوزراء، في إطار المساعي لتدارك الأمر قبل الإعلان الرسمي للاستقالة.
وبحسب المصادر المقربة، دخلت على خط الأزمة دول إقليمية ودولية تحاول دفعه للتراجع عنها لتجنب دخول البلاد في أزمة جديدة. وأشارت مصادر أخرى إلى أن رئيس الوزراء وضع شروطاً، وفترة زمنية محددة لإجابة مطالبه، ومن بينها وقف جميع أشكال العنف على المتظاهرين.
وعاد حمدوك لرئاسة الوزراء مجدداً بموجب اتفاق سياسي مع قادة الانقلاب العسكري، عزله من الشارع وأفقده دعم القوى السياسية الرئيسية في البلاد ممثلة في «قوى إعلان الحرية والتغيير» التي أتت به للسلطة بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وقالت المصادر إن هنالك مخاوف حقيقية في الداخل ومن القوى الإقليمية والدولية أن تؤدي استقالة رئيس الوزراء إلى تفجير للأوضاع تنزلق معه البلاد في توترات أمنية وسياسية يصعب الخروج منها.
وبحسب مصادر تحدثت لـ«رويترز»ـ أول من أمس، فإن حمدوك أبلغ مجموعة من الشخصيات القومية والمفكرين اجتمعت معه بأنه يعتزم التقدم باستقالته من منصبه، ودعته المجموعة للعدول عن قراره إلا أنه أكد إصراره على اتخاذ هذه الخطوة خلال الساعات المقبلة.
وفي قت سابق، كشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء لـ«الشرق الأوسط» عن تحركات لشخصيات مستقلة وقيادات سياسية رفيعة لثنيه عن الاستقالة، وعزا أسباب الاستقالة إلى غياب الإجماع بين القوى السياسية لدعم الاتفاق الإطاري، من خلال التوافق على ميثاق سياسي لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية.
ولاقى نبأ الاستقالة اهتماماً لافتاً في وسائل التواصل الاجتماعي، وتباينت التعليقات بين متقبل للاستقالة ورافض لها.
ورغم مرور شهر على الاتفاق السياسي الموقع بين قائد الجيش ورئيس الوزراء، تعثر تشكيل الحكومة الجديدة، لرفض قوى الحرية والتغيير الاتفاق واعتباره امتداداً للإجراءات الانقلابية على الحكم المدني في البلاد.
وتشهد البلاد احتجاجات مستمرة منذ استيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) ترفع شعارات ترفض أي شراكة أو حوار مع الجيش وتطالبه بتسليم السلطة للمدنيين فورا، وتدعو في الوقت ذاته لإسقاط الاتفاق السياسي الذي وقعه رئيس الوزراء مع قادة الجيش.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».