تصاعد التراشق بين إردوغان والمعارضة حول الانتخابات المبكرة

الاتحاد الأوروبي يطالب تركيا بالتوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة للبحار

إردوغان يلقي خطاباً أمام أعضاء حزبه في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
إردوغان يلقي خطاباً أمام أعضاء حزبه في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

تصاعد التراشق بين إردوغان والمعارضة حول الانتخابات المبكرة

إردوغان يلقي خطاباً أمام أعضاء حزبه في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
إردوغان يلقي خطاباً أمام أعضاء حزبه في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

طالب الاتحاد الأوروبي تركيا بالتوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة للبحار من أجل المواءمة مع معاييره. فيما تصاعدت حدة التراشق بين الرئيس رجب طيب إردوغان والمعارضة حول سياساته والمطالبات بالانتخابات المبكرة.
وحث الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية للاتحاد، جوزيب بوريل، تركيا على التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، قائلا إنها بصفتها دولة مرشحة لعضوية التكتل يجب عليها مواءمة تشريعاتها الوطنية مع مكتسباته المشتركة، من حيث القوانين واللوائح وقرارات المحاكم التي وافق جميع الأعضاء على الالتزام بها.
وحول مذكرة التفاهم التي وقعتها تركيا مع حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة، في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 بشأن تحديد مناطق الاختصاص في شرق البحر المتوسط، جدد بوريل، في تصريحات أمس (الأربعاء)، موقف الاتحاد الأوروبي بأن المذكرة تنتهك الحقوق السيادية للدول المجاورة، ولا تمتثل للقانون الدولي كما هو منصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
ويتهم الاتحاد الأوروبي تركيا بالقيام بأعمال تنقيب غير قانونية عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، تنتهك المناطق الاقتصادية الخالصة لكل من اليونان وقبرص العضوين بالاتحاد، وفرض عليها عقوبات رمزية بسبب أعمال التنقيب قبالة سواحل قبرص كما هدد بتصعيد العقوبات، قبل أن تتراجع أنقرة العام الماضي وتسحب سفن التنقيب الخاصة بها من المناطق المتداخلة مع اليونان وقبرص، فيما تتمسك تركيا بأنها تقوم بأعمال التنقيب، ضمن ما تُسميه بـ«الجرف القاري» لها.
على صعيد آخر، صعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هجومه على المعارضة بسبب انتقاداتها لسياساته الاقتصادية وتحميله المسؤولية عن تدهور الأوضاع بالبلاد والمطالبة بالتوجه إلى الانتخابات المبكرة.
وقال إردوغان، في كلمة أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي أمس: «ليس هناك أصعب من وجود حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة التركية) أمامنا، فهو يعرقل أمورنا جميعا. الانتخابات في موعدها، ولن تكون هناك أي انتخابات مبكرة، لن تعيدوا تركيا إلى سابق عهدها، لن تعيقوا تنفيذ رؤيتنا، إما أن تتقبلوها وإما أن تخسروا للأبد وتنتصر تركيا... سنصل ببلادنا إلى المكان المثالي، سنستمر في هذا المسار نحو الانتصار».
وأضاف إردوغان أن حكومته تخدم الشعب التركي، مضيفا: «ليس لدينا نيات سيئة، ربما ارتكبنا أخطاء لكن نيتنا سليمة... تتحدثون في البرامج التلفزيونية للإساءة إلى حزب العدالة والتنمية مقابل المال، أقول لكم وللقوى الإمبريالية لن تنتصروا».
وعن انتقادات المعارضة لسياساته الاقتصادية، قال إردوغان: «يمكنكم أن لا تشجعوا حزبنا، لكن عليكم أن تصمتوا أمام النجاح الذي يحققه لإنقاذ العملة التركية. إنهم يتمنون تدهور الليرة والاقتصاد، لذا لجأنا إلى القضاء لرفع دعاوى قضائية ضدهم. أنتم في هذه التحديات تقفون إلى جانب المتآمرين وليس الشعب. أطالبكم بالانسحاب من طريقنا. كيف لمواطن تركي أن يقف إلى جانب أعدائه؟!».
في المقابل، انتقدت رئيس حزب «الجيد»، ميرال أكشينار، تصريحات إردوغان، قائلة: «تعاني تركيا من أزمة عميقة في العملة... وزيادات الأجور الناتجة عن دوامة التضخم، دون زيادة الإنتاجية، لا تزيد من الرفاهية... سيكون هناك تدهور في الموازين المالية للأسر والقطاع الخاص والعامة... المسار الذي تتبعه الحكومة يزيد التضخم في وقت قصير ويزيل ارتفاع الحد الأدنى للأجور. إذا كنت تريد حقاً زيادة الرفاهية، فابدأ بتقليل تكلفة المعيشة وتقليل التضخم».
وأضافت أكشينار، في كلمة أمام اجتماع نواب حزبها بالبرلمان أمس، أن «بلادنا تختبر الآن التجارب العبثية لرجل جاهل بالاقتصاد، كل يوم جديد يزداد سوءاً من اليوم السابق. في كل مرة نقول له إن هذه التجربة فشلت، لكنه لا يفهم. خرجت الأمور عن السيطرة لدرجة أنهم لم يعرفوا كيف يكذبون. أولاً قالوا هذا هو نموذجنا الاقتصادي، ثم قالوا إنها قوى خارجية تحاول تدمير اقتصاد تركيا، ثم أحالوا الأمر إلى القوى الداخلية مرة أخرى».
وتابعت: «بين الحين والآخر، يتأرجحون بين النموذج الاقتصادي والقوى الأجنبية. كل صباح يختارون كذبة جديدة... أنت تقول إننا سوف نتطور مع الصادرات، ولن يتم إجراء استثمارات جديدة، وتوقفت جميع الاستثمارات، ولا توجد ثقة في الاقتصاد، ولا أحد يستطيع أن يرى الطريق. ما الذي ما زلت تصر عليه؟ لقد أغلقت على نفسك في القصر الرئاسي، وتركت الاقتصاد الذي لم تفهمه لزوج ابنتك (وزير الخزانة والمالية الأسبق بيرات ألبيراق) والموظفين غير المؤهلين. لا شيء يسير على ما يرام في الاقتصاد. الخطوة الأولى في العلاج الصحيح هي التشخيص السليم... سبب هذه الأزمة هو السيد إردوغان نفسه وهذا النظام البشع (النظام الرئاسي) الذي فرضه على بلدنا. لا تحاول التخلص من المشكلة بقول قوى خارجية بين الحين والآخر. هذه القوى الخارجية موجودة دائما وأنت نفسك سبب هذه الأزمة».
وطالبت أكشينار إردوغان بتحمل المسؤولية عن أخطائه ولو مرة واحدة، متسائلة: «هل جلبت القوى الأجنبية صهرك إلى وزارة الخزانة؟ هل غيرت القوى الأجنبية رؤساء البنك المركزي؟ هل وضعت القوى الأجنبية المزارع التركي في الديون؟ هل جلبت القوى الأجنبية نظام الحكم الرئاسي؟ أنت مسؤول عن هذه العاصفة والمحنة... لا يمكنك القول إنني لم أكن موجوداً في ذلك الوقت، ستقبل مسؤوليتك، إما أن تفعل ما يحتاجه عقلك وتجلب الاقتصاد إلى النظام وإما تجلب صندوق الاقتراع وتقدم الحساب للأمة».
وتطالب المعارضة التركية بالتوجه إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة، وعدم الانتظار حتى موعدها المقرر في يونيو (حزيران) 2023 بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، بينما يتمسك إردوغان بعدم تقديم موعد الانتخابات، لا سيما أن استطلاعات الرأي تشير إلى تدهور شعبيته وشعبية حزبه (العدالة والتنمية الحاكم).



تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

يتولى رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، الثلاثاء، قيادة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، لكن التناوب على رأس أكبر حلف عسكري في العالم لا يعني أنه سيكون بالإمكان إحداث تغيير جذري في عمله.

وقال إيان ليسر، من معهد «جيرمان مارشال فاند» للدراسات في بروكسل: «في (حلف الأطلسي) يتقرر كل شيء؛ كل شيء على الإطلاق، من أتفه الأمور إلى أكثرها استراتيجية، بالإجماع... وبالطبع؛ فإن مدى الاحتمالات المتاحة للأمناء العامين لإحداث تغيير في العمق في عمل (حلف الأطلسي)، يبقى محدوداً جداً».

ويعمل الأمين العام «في الكواليس» من أجل بلورة القرارات التي يتعين لاحقاً أن توافق عليها الدول الأعضاء الـ32.

وأوضح جامي شيا، المتحدث السابق باسم «الحلف» والباحث لدى معهد «تشاتام هاوس» البريطاني للدراسات، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الأمين العام «لديه سلطة تحديد الأجندة، وهو الذي يترأس (مجلس شمال الأطلسي)؛ الهيئة السياسية للقرار في (الحلف)». لكنه لا يمسك وحده بقرار الدخول في حرب، وليس بالتأكيد من يضغط على الزر النووي، فهاتان من صلاحيات الدول الأعضاء؛ على رأسها الولايات المتحدة.

وهذا لا يعني أن قائد «الحلف» لا يملك نفوذاً.

وأشار إيان ليسر في هذا الصدد إلى أن الأمين العام الأسبق، جورج روبرتسون، كان له دور مهم في تفعيل «المادة5» بعد اعتداءات «11 سبتمبر (أيلول) 2001» على الولايات المتحدة.

ستولتنبرغ مع روته بالمقر الرئيسي لـ«الناتو» في بروكسل يوم 17 أبريل 2024 (رويترز)

وتنص «المادة5» من ميثاق «الناتو» على أن أي هجوم على دولة عضو «سيعدّ هجوماً على كل الأعضاء»، تحت عنوان: «الدفاع الجماعي». وجرى تفعيلها مرة واحدة في كل تاريخ «الحلف» لمصلحة الولايات المتحدة ولو رمزياً.

كما أن شخصية الأمين العام الجديد سيكون لها دور، وهذا ما يثير ترقباً حيال مارك روته بعد 10 سنوات من قيادة رئيس الوزراء النرويجي السابق ينس ستولتنبرغ.

فهل يعمل على ترك بصماته منذ وصوله، أم ينتظر ولاية ثانية محتملة؟

وقال شيا إن الأمناء العامين «يميلون عند وصولهم إلى أن يكونوا مرشحي الاستمرارية، لكن إذا بقوا بعض الوقت، فهم بالطبع يزدادون ثقة».

قيادة المساعدات

ودفع ستولتنبرغ «الحلف» باتجاه تقديم دعم متصاعد لأوكرانيا، لا سيما بعد غزو روسيا أراضيها في فبراير (شباط) 2022. وطرح تقديم مساعدة سنوية لا تقل عن 40 مليار دولار لأوكرانيا، وحصل على التزام من الدول الحليفة في هذا الصدد. كما حصل على صلاحية أن يتولى «الحلف» القيادة الكاملة لعمليات تسليم المساعدات العسكرية الغربية.

زعماء «الناتو» خلال انعقاد قمتهم في واشنطن يوم 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

يبقى أنه في زمن الحرب، تكون لوحدة الصف والاستمرارية الأفضلية على كل الحسابات الأخرى؛ مما لا يشجع على أي تغيير.

وقال دبلوماسي في «حلف الأطلسي»، طالباً عدم الكشف عن اسمه: «في ظل وضع جيوسياسي بمثل هذه الصعوبة، من المهم للغاية الحفاظ على الاستمرارية وعلى التوجه ذاته في السياسة الخارجية والأمنية».

يبقى أن الجميع في أروقة مقر «الحلف» في بروكسل ينتظرون من روته أسلوباً جديداً في الإدارة يكون «جامعاً أكثر بقليل»، بعد عقد من قيادة «نرويجية» مارسها سلفه «عمودياً»، وفق ما لفت دبلوماسي آخر في «الحلف».

ومارك روته من معتادي أروقة «حلف الأطلسي» و«الاتحاد الأوروبي» بعدما قضى 14 عاماً على رأس الحكومة الهولندية.

وهذا ما يجعل الجميع يراهن عليه بصورة خاصة لتعزيز التنسيق بين «حلف الأطلسي» والتكتل الأوروبي، في وقت يؤدي فيه «الاتحاد» دوراً متصاعداً في المسائل الأمنية.

وهذا الملف معلق بسبب الخلافات بين تركيا؛ العضو في «الحلف» من غير أن تكون عضواً في «الاتحاد الأوروبي»، واليونان حول مسألة قبرص.

وفي حال عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن الدول الحليفة تعول على مهارات روته مفاوضاً من أجل الحفاظ على وحدة «الحلف».

ورفض ستولتنبرغ إسداء أي نصيحة إلى روته في العلن، مكتفياً بالقول إنه سيكون «ممتازاً». لكنه لخص بجملة ما يتوقعه الجميع من الأمين العام لـ«الحلف» بالقول: «ستكون مهمته الكبرى بالطبع إبقاء جميع الحلفاء الـ32 معاً».