توقّف مصافي عدن يتسبب بكارثة إنسانية

توقّف مصافي عدن يتسبب بكارثة إنسانية
TT

توقّف مصافي عدن يتسبب بكارثة إنسانية

توقّف مصافي عدن يتسبب بكارثة إنسانية

قال مدير المؤسسة العامة للكهرباء المهندس خالد عبد المولى، إن "المنظومة الوطنية لشبكة الكهرباء على وشك الانهيار"، مؤكداً في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط»، "أن العديد من المحافظات والمدن اليمنية "قد تغرق في الظلام الكلي ما لم تصل الإمدادات اللازمة من الوقود الثقيل المشغّل لمحطات الكهرباء"، آملاً أن يتم توفير "الحد الأدنى من احتياجات محطات الكهرباء لكونها خدمة أساسية تمسّ حياة كل مواطن يمني، وسوف تزداد حدة المعاناة الإنسانية في اليمن في حال تضررها".
وتفاقمت أزمة الكهرباء مؤخراً، وزادت في الأيام القليلة الماضية ساعات انقطاع التيار الكهربائي يومياً في العديد من المدن اليمنية، نتيجة المعارك العنيفة الدائرة في مدينة عدن ما بين المقاومين من أبناء المدينة وميليشيات الحوثيين وصالح الزاحفة إليها، وكان من ضمن تداعياتها المباشرة توقف الإنتاج كلياً في مصافي عدن، حيث يتم تكرير 150 ألف برميل نفط خام يومياً، تغذّي السوق المحلية باحتياجاته اليومية من البنزين والديزل. ومما ساهم في تفاقم الأزمة الراهنة الناتجة عن توقف مصافي عدن أنها تأتي بالتزامن مع توقف حركة السفن وخطوط الملاحة الدولية، وإعلان حظر المياه الإقليمية اليمنية من قبل وزير الخارجية المكلف في الحكومة الشرعية د/ رياض ياسين وتفويضه قوات تحالف عاصفة الحزم بمراقبة وحماية المياه الإقليمية اليمنية لمنع وصول الأسلحة لميليشيات الحوثي.
ولا تقتصر التداعيات السلبية الناجمة عن توقّف مصافي عدن على قطاع الكهرباء وحسب، وإنما على احتياجات السوق المحلي ككل. فقد تضرر القطاعان الزراعي والصناعي بشكل كبير، وتوقفت العديد من المنشآت الصناعية نتيجة انعدام وقود الديزل. وفي الوقت نفسه أيضاً تعاني العديد من المدن اليمنية أزمةً خانقة وانعداماً كلياً لمادة البنزين والمشتقات النفطية والغاز المنزلي، وارتفاع أسعارها، إلى درجة إصابة حركة السير بالشلل، وازدهار السوق السوداء، ومشاهدة طوابير السيارات واقفة في صفوف طويلة أمام محطات التزود بالوقود في العديد من المدن.
وفي السياق ذاته، قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن "مليشيات الحوثي قامت بوضع يدها على كميات كبيرة من الوقود المخصّص للعديد من الجهات الحكومية، وتعمل على تخزينه في العديد من التجمعات والأحياء السكنية"، معطية الأولوية لما تسميه "المجهود الحربي على حساب احتياجات المواطن من الوقود والطاقة".
ويقتصر اعتماد السوق المحلي حالياً على ما تنتجه مصافي مأرب، وحسب التي بالكاد تغطي 10% من احتياجات السوق المحلي يتم توزيعها بين المحافظات من قبل شركة صافر الحكومية مشغّل مصافي مأرب وقطاع 18 النفطي. ولكن المشكلة تكمن في الاضطرابات المستمرة على طول الخط الرابط ما بين مأرب وصنعاء، والمواجهات المسلحة المتقطعة بين الحوثيين ورجال القبائل المقاومين لهم، إضافة إلى تدني إنتاج مصفاة مأرب وقدمها. ذلك أنها مصفاة قديمة أنشأتها شركة هنت الأميركية قبل عشرين عاماً بقدرة منخفضة، أثناء تشغيلها للقطاع صافر (أكبر قطاع نفطي في اليمن)، حيث إن إجمالي ما يتم تكريره في مصافي مأرب لا يتعدى 10 آلاف برميل نفط خام يومياً.
من جهة أخرى، غرقت العاصمة صنعاء في الظلام منذ فجر السبت الماضي (حتى اللحظة صباح الثلاثاء) نتيجة خروج محطة مأرب الغازية عن الخدمة، بسبب المعارك الدائرة في منطقة الجدعان بمحافظة مأرب ما بين ميليشيات الحوثي وصالح، وبين القبائل المقاومة لمحاولات زحفهم داخل المحافظة الغنية بالنفط والغاز والمنتجة لهما. وتغطي محطة مأرب الغازية ما يعادل 30% من احتياجات اليمن من الطاقة، في حين يتم توليد 70% من الطاقة الكهربائية في اليمن عن طريق الوقود الثقيل، من خلال العشرات من المحطات الكهربائية والبخارية، المنتشرة في العديد من المحافظات والمدن، وتعمل بوقود المازوت والديزل، الذي يتم استيراد 60% من احتياجاتهما من خارج اليمن، في حين توفر مصفاتا عدن ومأرب 40% من إجمالي الاستهلاك المحلي.
وقال مدير المؤسسة العامة للكهرباء المهندس خالد عبد المولى في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن "الفرق الفنية تمكنت من إصلاح الدائرة الأولى المتضررة في فرضة نهم، لكنها لم تتمكن منذ يومين من إعادة الدائرة الثانية المتضررة إلى الخدمة لصعوبة الوصول إلى منطقة الجدعان بمحافظة مأرب بسبب المعارك العنيفة هناك"، مشيراً إلى أن "المؤسسة تعمل جاهدة رغم صعوبة الأوضاع على إعادة التيار الكهربائي في صنعاء من خلال محطات الكهرباء الموجودة داخل العاصمة صنعاء، وبخاصة محطات حزير وذهبان، وإن بكفاءة أقل وبربع قدرتها التوليدية فقط، لكونها تعمل عبر وقود الديزل والمازوت المنعدمين في السوق المحلية".
واستطرد عبد المولى قائلاً إن "المشكلة تكمن في تهالك المنظومة الكهربائية وقدمها، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية والمالية التي مرت بها اليمن خلال الستة الأشهر الماضية، ونجم عنها خروج أكثر من 150 ميغاوات عن الخدمة قبل بدء غارات تحالف عاصفة الحزم، نتيجة عدم توفر الوقود المشغّل لها، والخلاف الحاصل بين مؤسسة الكهرباء ووزارة المالية، حيث إننا نستهلك على الأقل 75 ألف لتر شهرياً من الوقود، ولكن المالية لم تقدم لنا طوال الفترة الماضية سوى 40 ألف لتر فقط شهرياً، الأمر الذي ترتب عليه حدوث انطفاءات متكررة، وإن بساعات محدودة، في العديد من المدن والمحافظات".
وعن وضع الكهرباء في بقية المحافظات والمدن اليمنية ومدى تضررها نتيجة خروج محطة مأرب الغازية، ذكر مدير مؤسسة الكهرباء إن مدينة تعز وسط اليمن، ذات أكبر كثافة سكانية، تعيش "وضعاً مشابهاً لصنعاء لارتباط الشبكة الكهربائية، في حين لم تتضرر بشكل مباشر العديد من المحافظات كالحديدة وذمار". إلا أن عبد المولى حذّر "من قرب نفاد مخزون المازوت في المحطات البخارية الثلاث (رأس الكثيب والحسوة والمخا) على نحو الخصوص، مشدداً على "ضرورة السماح بوصول الإمدادات اللازمة من الوقود والمشتقات النفطية لئلا تتوقف هذه المحطات كلياً عن الإنتاج، مع العلم أنها تنتج حالياً أقل من ربع قدرتها التوليدية". وأضاف عبد المولى أن "المحطات البخارية ليس لديها ما يكفي من مادة الوقود"، مؤكداً أنها "لن تصمد أكثر من أسبوع في أحسن الأحوال".
وحول وضع الكهرباء في مدينة عدن التي تشهد معارك عنيفة ما بين ميليشيات الحوثي التي اجتاحت المدنية في ظل مقاومة شعبية مستمرة، قال مدير مؤسسة الكهرباء إن "منظومة عدن الكهربائية مستقلة بذاتها، وكذلك حضرموت، ولا تتأثر كما كان عليه الوضع في الفترة السابقة بمجرد خروج محطة مأرب الكهربائية عن الخدمة"، مشيراً إلى أنه "يتم تغذية محافظة أبين أيضاً، مسقط رأس الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، تغذية جزئية بـ50 ميغاوات من عدن"، إلا أن المشكلة في عدن هي ذاتها في سائر المحافظات، والتي تكمن في "عدم توفر احتياجات المحطات الكهربائية من مادة الوقود"، لافتاً إلى أن الضرر الأكبر وقع في منطقة خورمكسر، بينما "تعمل محطتا الحسوة والمنصورة بشكل منتظم إنما بقدرة وكفاءة أقل".



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.