فيضانات في شمال العراق وجفاف بجنوبه

«الدفاع المدني» يعلن خطة لمواجهة موجة سيول متوقعة

سكان ينظفون شارعا في أربيل أمس غداة أسوأ فيضانات شهدتها المدينة (رويترز)
سكان ينظفون شارعا في أربيل أمس غداة أسوأ فيضانات شهدتها المدينة (رويترز)
TT

فيضانات في شمال العراق وجفاف بجنوبه

سكان ينظفون شارعا في أربيل أمس غداة أسوأ فيضانات شهدتها المدينة (رويترز)
سكان ينظفون شارعا في أربيل أمس غداة أسوأ فيضانات شهدتها المدينة (رويترز)

في حين يشهد إقليم كردستان في شمال العراق منذ أيام موجة أمطار وسيول شديدة تسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة، ما زال جنوب العراق؛ خصوصاً مناطق الأهوار، يعاني من موجة جفاف شديدة «تتحرك أفقياً؛ أي على مساحة الأهوار الثلاثة الرئيسية؛ الحويزة، الحمار الغربي، والوسطى»، بحسب الخبير المائي المختص في مناطق الأهوار جاسم الأسدي.
ورغم قلة الأمطار بشكل عام في معظم مناطق وسط وجنوب وشرق البلاد حتى هذا الوقت من موسم الشتاء، فإن احتمال أن تتعرض تلك المناطق إلى موجة سيول وفيضانات على غرار ما حدث في المناطق الشمالية، ما زال قائماً في ضوء توقعات الأنواء الجوية، مما دفع بالسلطات وأجهزة الدفاع المدني إلى الإعلان عن خطة لمواجهة ذلك الاحتمال.
وتتألف خطة مواجهة السيول والفيضانات، بحسب مدير إعلام الدفاع المدني العميد جودت عبد الرحمن، من 3 محاور أساسية: «أولها استباقي؛ وهو إصدار الوصايا والإرشادات في حال ارتفاع مناسيب الأنهر والفيضانات. والثاني تهيئة جميع خطط الطوارئ الخاصة بالمديرية وتلقي الإشعارات الآنية. والثالث الاجتماع الدوري بالمحافظين بصفتهم أعلى المسؤولين عن الدفاع المدني في محافظاتهم».
من جانبه؛ تحدث المستشار في وزارة الموارد المائية، عون ذياب عبد الله، أمس الثلاثاء، عن مصير السيول التي شهدها بعض مناطق البلاد مؤخراً. وقال عبد الله لوكالة الأنباء الرسمية: «لدى وزارة الموارد خططاً لمواجهة السيول، والاستفادة منها بأقصى ما يمكن من فائدة، وذلك بتوجيه المياه إلى الخزانات التي فيها فراغات خزنية كبيرة والاستفادة من هذه الكميات». وأضاف أن «هناك فائدة كبيرة من المياه الواردة نتيجة هذه السيول، رغم ما تركته من أضرار بشرية ومادية، لكن في المقابل توجد جوانب إيجابية، حيث جرى توجيهها بشكل كامل إلى الأنهر والخزانات والسدود الواقعة على نهر دجلة؛ لأن محافظات كردستان؛ دهوك وأربيل والسليمانية، شهدت أمطاراً غزيرة».
لكن عبد الله حذّر «المواطنين الساكنين قرب أحواض الأنهر وفي الجزرات الوسطية من النزوح إليها، لوجود احتمالية ارتفاع في مناسيب المياه في نهر دجلة من أواخر مدينة الموصل إلى سدة سامراء في محافظة صلاح الدين». وأشار الخبير المائي إلى أن «استمرار الأمطار خلال هذا الأسبوع الحالي، سيضيف حالة من الاطمئنان بشأن مواجهة الصيف المقبل».
وشهد العراق خلال السنوات الثلاث الأخيرة موجة جفاف شديدة تسببت في تراجع المساحات الزراعية بالنسبة لمحصولي الحنطة والشعير وبقية المحاصيل الاستراتيجية.
وفي جنوب البلاد؛ الذي يعاني من الجفاف وينتظر «رحمة الجار الإيراني»، أكدت وزارة الموارد المائية، أمس، استمرار أزمة شح المياه في هور الحويزة الواقع بين محافظتي ميسان والبصرة، منذ 8 أشهر، بسبب وقف تدفق المياه من إيران.
وقال مدير عام «المركز الوطني لإدارة الموارد المائية»، حاتم حميد، في تصريحات صحافية: «هور الحويزة يعاني من شح المياه منذ 8 أشهر، ووزارة الموارد المائية أطلقت تصاريف من نهر الكحلاء باتجاه هور الحويزة؛ لكنها لا تكفي، لذلك الوضع سيستمر؛ إلا في حال أتت مياه السيول من الجانب الإيراني». وأشار إلى أن «مناسيب الخزن محدودة بسبب شح المياه المستمر منذ 3 أعوام، ولا يمكن إطلاق كميات كافية من المياه، وسنعمل على استثمار السيول الآتية من الأنهر الإيرانية (الطيب ودويريج) والسيول من واسط وديالى من التي ترد لنهر دجلة».
وأكد حميد أن «منظمة اليونيسكو لديها علم بشح المياه بهور الحويزة، ولن تخرجه من (لائحة التراث العالمي)؛ لأن أسباب الشح ليست عراقية متعمدة؛ بل هي قلة المياه الواردة له». وسبق أن زارت وفود عراقية عن وزارة الموارد المائية طهران للتفاوض معها بشأن قضية قطعها أغلب مجاري الأنهر الواصلة إلى العراق، من دون أن تتوصل إلى نتائج ملموسة. ويتوقع، بحسب مصادر الوزارة، أن يزور إيران قريباً وفد عراقي للتفاوض من أجل إطلاق المياه مجدداً.
كان وزير الموارد المائية، مهدي الحمداني، أعلن نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن إرسال كتاب رسمي لوزارة الخارجية العراقية يطلب منها رفع دعوى إلى محكمة العدل الدولية ومنظمة حقوق الإنسان ضد إيران، وطبقاً لكلام الوزير في حينها، فإن إيران «لم تقاسم العراق الضرر بشأن شح المياه، وقد تأثرت محافظة ديالى بذلك، لا سيما أن كل روافدها تأتي من إيران، التي عملت على تغيير مجاري الأنهر إلى داخل أراضيها؛ وهي بذلك خالفت كل المواثيق الدولية، مما سيجعل العراق يعاني من الشح ومن الفيضانات أيضاً؛ لأن معظمها سيذهب إلى الأراضي الإيرانية».
وأضاف أن «الأهوار؛ وإن جفت، فهذا لا يعني أنها سترفع من (لائحة التراث)؛ لأن إدراجها لم يتم على أساس وجود المياه فيها؛ وإنما لوجود مواقع أثرية فيها».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.