النيابة العامة الليبية تكثّف تحقيقاتها في شبهات «فساد»

الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)
الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)
TT

النيابة العامة الليبية تكثّف تحقيقاتها في شبهات «فساد»

الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)
الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)

عشية توقيف موسى المقريف وزير التربية والتعليم بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية على خلفية «شبهة فساد» تتعلق بتأخر طبع الكتب المدرسية حتى الآن، أمرت النيابة العامة في ليبيا، أمس، بحسب مسؤولين في مصرف شمال أفريقيا بتوقيفهما لاتهامهما بارتكاب «جريمة إساءة استعمال سلطات الوظيفة لأجل تحقيق منافع شخصية» و«تعمد إلحاق الضرر بالمصلحة العامة والمال العام».
وعقب أزمة اعتبرها البعض «قضية أمن قومي»، أمر النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور بحبس المقريف، أول من أمس. وقالت النيابة العامة الليبية إن المستشار الصور وجه بإجراء التحقيقات لكشف ملابسات إجراءات التعاقد على طباعة وتوفير الكتب المدرسية من قبل جهة الإدارة، واستيضاح الأسباب التي حالت دون توفيره في المواعيد المحددة لبداية السنة الدراسية وانتهائها.
وأشارت النيابية في بيانها، مساء أول من أمس، إلى أن أحد أعضائها باشر إجراءات التحقيق التي استهلها بسماع شهادة وزير التخطيط فاخر مفتاح، وعدد من القائمين على تسيير العملية التعليمية، من بين عدة إجراءات أخرى، تضمنت استجواب وزير التعليم. ولفتت إلى أنها انتهت إلى حبس المقريف، احتياطياً على ذمة التحقيق في «واقعة الإهمال» في أداء الواجب المسند إليه، وممارسة عمل من أعمال «الوساطة والمحسوبية والإخلال بمبدأ المساواة» بعد إبداء رغبة الوزارة في التعاقد على طباعة وتوريد الكتاب المدرسي.
والتحق مليون و599 ألفاً و466 طالباً بمقاعد الدراسة، في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وتعد هذه المرة الأولى التي يبدأ فيها العام الدراسي من دون الكتب.
وسبق لمحمود الوندي نائب مدير مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية في الوزارة، القول إن عدم تسليم الكتاب للطلاب يعد «كارثة» لم تحدث من قبل، مشيراً إلى أن الحكومة وفرت الاعتمادات المالية المطلوبة ودخلت حسابات الوزارة منذ يونيو (حزيران) الماضي، لكن لم يتم التعاقد على طباعة الكتب المدرسية. وأمام غضبة الأسر الليبية، وتصاعد الانتقادات الموجهة لوزارة التعليم خرج المقريف، على وسائل الإعلام المحلية الأسبوع الماضي، للدفاع عن وزارته، وأرجع تأخر طباعة الكتب لأسباب عدة من بينها تأخر الميزانيات المخصصة لوزارة التعليم، إلى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بجانب الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة، من أجل الابتعاد عن التكليف المباشر لما يشوبه من «شبهات»، بحسب المقريف.
وعبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا عن استيائها واستنكارها حيال استمرار تأخر طباعة الكتب المدرسية لجميع المراحل التعليمية، رغم انطلاق العام الدراسي، وأرجعت اللجنة ذلك لما سمته «إهمال الوزارة في أداء مهام عملها، بإجراء التعاقدات المطلوبة بوقت كافٍ». وقالت اللجنة، في بيانها، إن تأخير تسليم الكتب يمثل إشكالية «تعوق نجاح العملية التعليمية، وتسهم في تفاقم الظروف والصعاب والتحديات أمام الطلاب، كما ترهق أولياء الأمور الذين لجأوا إلى طباعة الكتب على نفقتهم الشخصية».
واعتبرت واقعة تأخر توريد الكتاب المدرسي «مخالفة واضحة وصريحة» لما نصت عليه أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ضمان الحق في التعليم، مطالبة بسرعة العمل على إجراء التعاقدات لطباعة وتجهيز المناهج التعليمية بشكل عاجل، انطلاقاً من المسؤولية القانونية الواقعة على عاتق السلطات المختصة.
وفي إطار تعقب النيابة العامة لوقائع الفساد في ليبيا، قال مكتب النائب العام أمس، إن النيابة بدأت إجراءات التحقيق في البلاغ المقدم من إدارة مصرف شمال أفريقيا، ضد مدير ونائب مدير المصرف بفرع إسبيعة (جنوب العاصمة طرابلس)، بشأن اتخاذ إجراءات أدت إلى تعطيل تنفيذ القرارات المتعلقة بـ«منح الصلاحيات والاختصاصات الوظيفية»، مشيراً إلى أن التحقيقات انتهت إلى اتهام المسؤولين باستغلال وظيفتهما لتحقيق مكاسب شخصية، ومن ثم أمرت النيابة العامة بحبسهما على ذمة القضية. كما أعلن مكتب النائب العام، أمس، عن حبس القائم على إدارة شركة «الدعم السريع» للخدمات النفطية احتياطياً، على ذمة التحقيق في واقعة تخلي الشركة عن خزان للنفط بمنطقة سلوق (جنوب مدينة بنغازي) قبالة السواحل الليبية.
وأوضح مكتب النائب العام أن الشركة عرضت وسائل النفط البحرية لخطر الاصطدام بالخزان، ورفع من مستوى تلوث مياه البحر؛ نتيجة احتواء الخزان على كمية من النفط. وفيما اعتبرت النيابة العامة أن هذا الإجراء يعد «خرقاً للتشريعات التي تحيط البيئة بالحماية»، أمرت بحبس القائم بإدارة الشركة احتياطياً على ذمة التحقيق.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».