الخوف من المعارضة يعرقل تشكيل حكومة أغلبية سياسية في العراق

المحكمة الاتحادية تنظر اليوم في طلب إلغاء نتائج الانتخابات

TT

الخوف من المعارضة يعرقل تشكيل حكومة أغلبية سياسية في العراق

تنظر المحكمة الاتحادية العليا، اليوم، الطعون المقدمة إليها من تحالف الفتح ممثلاً عن الإطار التنسيقي (يضم القوى الخاسرة في الانتخابات الأخيرة) لكن لا يزال من المبكر القول إن قراراً ملزماً سوف يصدر عنها. خبراء القانون الذين يستندون إلى المادة 93 من الدستور العراقي يقولون إن المهمة الوحيدة للمحكمة الاتحادية هي المصادقة على نتائج الانتخابات. وبينما لا يضع الدستور لها مدة زمنية للمصادقة كما إنه سكت عن إمكانية عدم المصادقة، فإن الكثير من خبراء القانون في العراق يبدون استغرابهم من هذا الصمت الذي بات يضع الكثير من علامات الاستفهام حول ما بدا أنه تأخير واضح سواء في البت في الطعون مع أنها وظيفة الهيئة القضائية لا المحكمة الاتحادية، مثلما يرى الفائزون وطيف واسع من رجال القانون، أو على مستوى النتائج الكلية. لكنّ العارفين بخفايا الأمور وما يجري في الشارع من اعتصامات أمام بوابات المنطقة الخضراء منذ أكثر من شهرين أو خلف الكواليس يدرك مدى الحرج الذي تجد المحكمة الاتحادية العليا نفسها فيه.
وبسبب ما بات يسمى الانسداد السياسي في البلاد فإن الجميع الآن بات متورطاً في النتائج التي حصل عليها في هذه الانتخابات. الفائزون من الشيعة وفي مقدمتهم الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر يرون أن لفوزهم ثمناً ينبغي عدم التفريط به، وهو الذهاب إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية. والفائزون من الكرد والسنة يجدون أنفسهم أمام مأزقين حتى الآن لا توجد مؤشرات على تجاوزهما وهما الاتفاق على المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية بين الحزبين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) وعلى المرشح السُّني لرئاسة البرلمان بين الحزبين السنيين («تقدم» و«عزم»). وفي الوقت نفسه فإن كلاً من الكرد والسنة حائرون أيضاً بشأن مع من يذهبون في النهاية؛ هل مع الصدر لتشكيل حكومة أغلبية أم مع الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة توافقية؟
أما الخاسرون في الانتخابات، وهم في الغالب كتل شيعية بعضها ينتمي إلى فصائل مسلحة معروفة ومقربة من إيران هي الأخرى، فيجدون أنفسهم في مأزق أمام جمهورهم بالدرجة الأولى بعد حصول تلك الكتل منفردة على نتائج متدنية في الانتخابات. فهذه الكتل تتظاهر وتعتصم أمام المنطقة الخضراء منذ إعلان النتائج حتى اليوم رغم وصول النتائج إلى المحكمة الاتحادية التي هي الأخرى متورطة في كيفية التعامل مع هذا الواقع. أما لأطراف المعارضة والمستقلون، وهم كتل جديدة في الحياة السياسية العراقية (حركتا «امتداد» و«إشراقة كانون» وكلتاهما من نتاج انتفاضة «تشرين»، وحزب «الجيل الجديد الكردي» وتحالف «العراق المستقل»)، فيشعرون بأنهم متورطون في كيفية التعامل مع قوى وأحزاب تحاول ابتلاع عدد منهم بالترغيب مرة والترهيب مرة أخرى. كما أنهم متورطون في كيفية الجلوس على مقاعد المعارضة أمام برلمان يتكون من كتل سياسية لا تعترف بالمعارضة بل تعدها «رجساً من عمل الشيطان». حيال هذا المشهد المعقد فإن كل المؤشرات تقول إن فكرة التوافقية سوف تنتصر، مع أن التوافقية هي تسمية محسّنة للمحاصصة التي بات الجميع يصفها بـ«المقيتة» لكن لا يجرؤ أحد على التخلص منها تماماً بحيث تم اللجوء إلى التوافقية.
وفي هذا السياق يرى النائب الفائز في الانتخابات حسين عرب، منسّق تحالف «العراق المستقل»، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس شرطاً على الكتلة المستقلة أن تكون في المعارضة أو بالحكومة، فنحن إلى الآن ندرس الخيارات فيما إذا كنا من ضمن تشكيلة الحكومة بشرط أن تكون حكومة عابرة لمفاهيم المحاصصة وسنشارك بالتصويت عليها». وأضاف: «رؤيتنا أنه ليس من الضروري أن نشارك أو نرشح وزيراً في الحكومة، سنشارك ولكن من دون محاصصة». وأوضح: «من جانب آخر، ومن أجل تقوية الحكومة ودعم مفهوم الدولة، لكننا قد لا نكون ضمن التشكيلة الحكومية» موضحاً أن «المهم عندنا أن تكون الكابينة الوزارية مستقلة وغير متحزبة، وليس ضرورياً أن نأخذ وزارة كاملة بل سنرضى ولو بنسبة 50% منها».
أما السياسي العراقي المستقل والنائب السابق في البرلمان العراقي حيدر الملا، فيقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «الواقع السياسي العراقي لا توجد فيه مؤسسات تحفظ الحقوق وتنظم الواجبات وبالتالي لا توجد مؤسسات تركن إليها المعارضة لممارسة دور المعارضة في الحياة السياسية»، مبيناً أن «عملية الإقصاء التي حصلت لي أنا شخصياً حين رُشِّحت للانتخابات الأخيرة يتفق الجميع على أنها عملية إقصاء سياسي، وهو ما يعني أن من يفكر في الذهاب إلى المعارضة سوف يُذبح سياسياً بسبب الافتقار إلى المؤسسة السياسية الضامنة لممارسة دور المعارضة». وبيّن الملا أنه «حين يكون الدستور والقانون هما الفيصل، يمكن أن تطمئن الأطراف التي تريد المعارضة الذهاب إليها. ففي العراق، صاحب السلطة، لا القانون، هو الذي يملك سلطة القانون وزمام المبادرة».
في السياق نفسه، يرى أستاذ الإعلام في كلية أهل البيت، الدكتور غالب الدعمي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «السبب في الوضع الحالي المشلول هو عدم رغبة الفعاليات السياسية في الذهاب إلى المعارضة والبقاء خارج السلطة لأن السلطة لدينا هي عبارة عن مناجم ذهب تدرّ منافع ومكاسب للجهات التي تملك السلطة». وأضاف أن «العملية السياسية في العراق ليست مبنيّة على أطر ديمقراطية وهدفها بناء المجتمع بل لها عنوان رئيس واحد هو مقدار ما تجنيه هذه الفعاليات السياسية من وجودها في الحكم، وكلما ابتعدت عن السلطة قَلّ جمهورها»، مبينا أن «المشكلة الأخرى أن الجمهور هو في الغالب جمهور مصلحي، حيث تمكن الكثير من الأحزاب السياسية من ربط هذا الجمهور بها مصلحياً عبر تعيينات ومنافع مالية وغيرها من المكاسب». وفيما يتعلق بعملية تشكيل حكومة أغلبية سياسية يرى الدعمي إن «هذا ليس هدفاً لدى الأحزاب السياسية وهم يعلنون ذلك صراحةً، حيث إنهم خسروا وبالتالي يبحثون عن عملية تعويض كما يبحثون عن رئيس وزراء منهم يمكن أن يلبّي مصالحهم».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.