سلسلة عمليات إرهابية تعكس حجم التحديات الأمنية في مصر

توقف بث معظم الفضائيات بعد استهداف أبراج كهرباء.. وإصابة شرطي بالعريش

مركز شرطة العريش في شمال سيناء عقب تعرضه للتدمير من قبل إرهابيين أول من أمس (إ.ب.أ)
مركز شرطة العريش في شمال سيناء عقب تعرضه للتدمير من قبل إرهابيين أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

سلسلة عمليات إرهابية تعكس حجم التحديات الأمنية في مصر

مركز شرطة العريش في شمال سيناء عقب تعرضه للتدمير من قبل إرهابيين أول من أمس (إ.ب.أ)
مركز شرطة العريش في شمال سيناء عقب تعرضه للتدمير من قبل إرهابيين أول من أمس (إ.ب.أ)

تقول السلطات المصرية إنها تحرز تقدما في حربها ضد جماعات متشددة في دلتا النيل وشبه جزيرة سيناء، لكن سلسلة عمليات إرهابية شهدتها البلاد خلال الأسبوع الحالي، أسفرت عن مقتل وجرح العشرات، وقطع البث عن معظم القنوات الفضائية، عكست حجم التحديات التي تواجه القوى الأمنية.
ورغم الانتقادات التي تطال القادة الأمنيين، قال اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث الرسمي باسم الداخلية لـ«الشرق الأوسط» إن «القوى الأمنية باتت تتفوق على العناصر المتشددة لكن التحديات لا تزال قائمة خاصة في المنطقة الشرقية.. فمعسكرات أخطر العناصر الإرهابية كانت تمتد من العريش وحتى الحدود (مع قطاع غزة) هذا ما نواجهه بعد عام من حكم الإرهاب قبل 30 يونيو (حزيران)»، في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين.
وفجر مجهولون ظهر أمس برجا للضغط العالي يغذي مدينة الإنتاج الإعلامي (غرب القاهرة) التي تضم مقار القنوات الفضائية المصرية والعربية، بعد ساعات من تفجير برجين آخرين في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، ما تسبب في انقطاع بث معظم القنوات الفضائية.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، الدكتور محمد اليماني لـ«الشرق الأوسط» إن «إحدى القنابل أدت إلى تدمير كامل لبرج يغذي مدينة الإنتاج، وأضرار في البرج الثاني لكنه استمر في الخدمة، لافتا إلى أن التفجير الثالث لم يؤثر على الأبراج».
وتؤكد المعطيات الأولية للحادث أن الأبراج المستهدفة اختيرت بعناية بهدف قطع التيار الكهربائي عن مدينة الإنتاج الإعلامي.
وقال اليماني إن «الوزارة قامت بفصل ما يزيد على ألف موظف في شركات الكهرباء بعد تحريات أمنية حول علاقتهم بجماعة الإخوان المسلمين (التي تتعامل معها السلطات كتنظيم إرهابي)، لكن المعلومات يمكن أن تتسرب من خلال شركات المقاولات التي تتعامل معها الوزارة». وأشار المتحدث باسم وزارة الكهرباء إلى ما عده «صعوبات كبيرة» في تأمين خطوط الضغط العالي. وتابع: «أي شخص متخصص يستطيع أن يميز أهمية البرج، بغض النظر عن وجود تسريبات من عدمه».
وقال اللواء عبد اللطيف إن قوات الأمن نجحت في تفكيك عبوة ناسفة كانت تستهدف برج آخر من أبراج الضغط العالي خلف مدينة الإنتاج الإعلامي، و4 عبوات كانت تستهدف أبراجا رئيسية للضغط العالي تغذي المنطقة الصناعية في مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة).
ويعتقد أنصار جماعة الإخوان أن القنوات الفضائية كانت سببا رئيسيا في التمهيد لثورة 30 يونيو (حزيران) 2013. التي أطاحت بـ«الإخوان» بعد عام من وصولهم إلى السلطة في البلاد. وحاصر أنصار الجماعة مدينة الإنتاج أكثر من مرة أثناء حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي للجماعة.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد عام من حكم الإرهاب لمصر قبل 30 يونيو كان طبيعيا أن نجد العناصر المتشددة في كل شبر على أرض البلاد، لكن الآن نملك التفوق في المنطقة الغربية والجنوبية ومحافظات الدلتا لكن التحديات تأتي من الجهة الشرقية حيث إسرائيل وحماس». وتابع عبد اللطيف: «معسكرات الإرهابيين كانت من العريش وحتى الحدود (مع قطاع غزة وإسرائيل)، 6 آلاف من أخطر العناصر الإرهابية تدفقوا على البلاد أو خرجوا من السجون، وهؤلاء هم من نفذوا مذبحة رفح الأولى والثانية والعريش (عمليات إرهابية ضخمة تسببت في مقتل العشرات خلال السنوات الماضية)، ولم تضرب إسرائيل ولا مرة واحدة».
لكن خبراء أمنيين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» أمس وجهوا انتقادات حادة للقوى الأمنية. وقال العقيد حسين حمودة وهو ضابط سابق في أمن الدولة لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة تتعلق بهيمنة فكر أمني بدائي لا يواكب كفاءة العناصر الإرهابية التي تتلقى تمويلا بشكل مباشر أو غير مباشر من أجهزة مخابرات».
وتابع حمودة الذي تخصص في مكافحة الإرهاب أن «النمط القديم من التنظيمات الإرهابية اختفى.. لم نعد أمام تنظيمات محلية تتغلغل في أوساط اجتماعية فقيرة مستغلة الجهل، هناك نمط معولم من الإرهاب يجتذب شبابا يملكون عقولا ابتكارية.. في بيئة مع الأسف إن لم تكن حاضنة فهي على الأقل على الحياد».
وقال عاملون في مدينة الإنتاج لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «حالة من الارتباك سادت في أعقاب انقطاع الكهرباء، واستمرت لنحو 20 دقيقة قبل معرفة سبب الحادث».
وتفقد إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء المصري، واللواء مجدي عبد الغفّار، وزير الداخلية، مدينة الإنتاج الإعلامي، أمس وزارا موقع تصوير أحد الأعمال الدرامية، في مسعى لطمأنة الرأي العام على ما يبدو. وهاجم مسلحون مجهولون أمس أيضا نقطة مطافئ بمدينة شبين القناطر بمحافظة القليوبية (المتاخمة للعاصمة القاهرة)، وأطلقوا الأعيرة النارية على القوات، ما أسفر عن مقتل أمين شرطة، وإصابة اثنين آخرين.
وتبدو الأوضاع الأمنية أكثر تعقيدا في شبه جزيرة سيناء. واشتبكت أمس عناصر متشددة مع قوات تأمين قسم ثالث العريش الذي تعرض لعملية إرهابية قبل ثلاثة أيام أدت لمقتل 13 معظمهم من قوات الشرطة.
وقال أحد أهالي مدينة العريش لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف إن الاشتباكات بين الشرطة والجيش من جهة والعناصر المتشددة استمرت نحو نصف ساعة، لافتا إلى أنها بدأت فور وصول مأمور القسم لتفقد أعمال الترميم.
وأضاف أن «مأمور القسم أصيب بطلق ناري من قناص خلال الاشتباكات»، مشيرا إلى أن «ثلاث مصفحات تابعة للجيش وثلاث مصفحات أخرى تابعة للشرطة كانت تؤمن عمليات ترميم مبنى القسم، لكن المستهدف كان المأمور على الأرجح».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.