عاصفة مطرية تشرد آلاف النازحين شمال غربي سوريا

وعود بإيوائهم في قرى نموذجية لاحقاً

طفل داخل خيمة غارقة بالأمطار في مخيم كلي قرب باب الهوا شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
طفل داخل خيمة غارقة بالأمطار في مخيم كلي قرب باب الهوا شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
TT

عاصفة مطرية تشرد آلاف النازحين شمال غربي سوريا

طفل داخل خيمة غارقة بالأمطار في مخيم كلي قرب باب الهوا شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
طفل داخل خيمة غارقة بالأمطار في مخيم كلي قرب باب الهوا شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)

ضربت عاصفة مطرية، في اليومين الأخيرين، مناطق شمال غربي سوريا بشكل واسع، وتسببت في انتشار السيول وتضرر كثير من مخيمات النازحين (العشوائية) بمناطق ريفي إدلب وحلب، في ظل دعوات متجددة للمنظمات والجهات المسؤولة، للنظر بحال قاطني الخيام في فصل الشتاء، ووعود بإيوائهم في قرى نموذجية لاحقاً.
تتواصل معاناة قاطني المخيمات في شمال غربي سوريا، مع بداية كل شتاء، فالأمطار والرياح القوية تعصف بخيامهم المتهالكة وتزيد من معاناتهم نتيجة رداءتها وتلفها كونها مبنية من أغطية المساعدات الإنسانية الهشة المهترئة التي لا تقيهم من البرد، فضلاً عن قلة الألبسة الشتوية ووسائل التدفئة في تلك المخيمات، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد السوري بتضرر وتلف نحو 400 خيمة موزعة ضمن مخيمات عشوائية تؤوي نازحين من شتى المناطق السورية، في محافظة إدلب، نتيجة عوامل الطقس.
أبو رشيد، وهو مدير مخيم الخير بالقرب من مدينة سرمدا شمال إدلب، قال إن مناطق الشمال السوري شهدت خلال الساعات الماضية أمطاراً غزيرة تسببت في تشكل السيول التي اجتاح بعضها المخيم الذي يؤوي نحو 400 أسرة، ما أدى إلى غرق نحو 22 خيمة، فيما تقطعت أوصال قاطني أكثر من 50 خيمة أخرى بعد أن غمرت المياه الممرات المؤدية إليها، ما أجبر أصحابها على الفرار والانتقال إلى خيام أقاربهم التي كانت قد تعرضت لأضرار بسيطة.
يضيف أبو رشيد: «مع كل فصل شتاء نعاني الكثير بسبب غرق الخيام نتيجة الأمطار الغزيرة، وكنا قد ناشدنا المنظمات منذ شهور بتقديم بعض الخدمات، مثل تنفيذ مصارف للصرف الصحي ورفع الخيام بالطوب وفتح مجارٍ مائية بمحيط المخيم، ولم نتلقَ أدنى استجابة من قبلها حتى الآن». ولفت إلى أن المسؤولية أمام هذه المعاناة تقع بالدرجة الأولى على الجهات المسؤولة عن المخيمات والمنظمات المعنية، لإنشائها مخيمات على المساحات المسطحة وأخرى بين أودية جبلية، وهي مواقع تكون أكثر عرضة للغرق أمام أي عاصفة مطرية تضرب البلاد، «وهذا ما نعاني منه منذ سنوات».
أما أم سمير، وهي أرملة نازحة من ريف إدلب الجنوبي وتقيم في مخيم البركة بمنطقة سرمدا الحدودية مع تركيا، فتقول بحزن عميق: «في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، بدأت الأمطار الغزيرة في الهطول، ما أثار ذلك مخاوف أسرتي وأسر كثيرة في المخيم من غرق محتمل. ومع ساعات الفجر بدأت مياه الأمطار بالتسرب إلى داخل الخيمة، ما دفعني إلى نقل أطفالي إلى خيمة أختي في موقع آخر من المخيم لا تصل إليه السيول، دون أن أتمكن من إنقاذ أي غطاء أو فراش وكلها تبللت بالمياه وتحتاج لأيام كي تجف». تضيف: «ما أحزنني أكثر هو غرق خيمة ولدي البكر (20 عاماً) الذي زوجته منذ أيام، وتضررت كل الأشياء في خيمته حتى ملابسه وملابس زوجته الجديدة تعرضت للغرق، واضطر الاثنان إلى اللجوء معنا إلى خيمة أختي، ونعيش الآن 3 أسر في حالة لا تطاق من الازدحام ضمن خيمة واحدة».
من جهته، يقول عمر حاج حمود وهو ناشط في إدلب، إن أكثر من 70 مخيماً للنازحين في مناطق سرمدا وأطمة وحارم وحربنوش وكللي في شمال إدلب، تعرضوا للغرق، بعضها غرق كلي وأخرى جزئي، وتؤوي هذه المخيمات نحو 40 ألف نازح، بعضهم لجأ إلى مخيمات مجاورة يقطن فيها أقارب لهم، بينما باتت بعض الأسر ليلتها في العراء، بانتظار انتهاء العاصفة المطرية، لتتسنى لهم العودة إلى خيامهم لإصلاح الأضرار.
ويضيف أنه جراء الأمطار الغزيرة وتشرد العائلات النازحة وسط البرد الشديد، تسبب ذلك في إصابة الأطفال بنزلات برد ورشح، إضافة إلى إصابة أشخاص كبار بالسن بأمراض تنفسية وإسهال، ويشهد حالياً عدد من المخيمات حالات سعال حادة بين النازحين، تتطلب تدخل الكوادر الإسعافية والطبية، لتقديم العلاج اللازم للمرضى.
من جهتها، شددت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في إدلب، على أنها لبت مناشدة عشرات المخيمات في شمال إدلب، وعملت على فتح قنوات لتصريف المياه في المخيمات وسحب السيارات العالقة، إضافة إلى فتح الطرقات الرئيسية بين القرى والمناطق والبلدات التي أغلقت بسبب تجمع مياه الأمطار، وقطعت حركة مرور المشاة والسيارات معاً، وعملت على نقل عشرات العائلات المتضررة إلى مراكز إيواء طارئة، فيما جرى نقل عوائل أخرى إلى أقاربهم في مخيمات بعيدة بشمال إدلب.
المسؤول في إدارة التنمية بشمال غربي سوريا، أبو الحسن، أفاد بأن هناك خططاً لنقل النازحين في المخيمات العشوائية إلى قرى نموذجية مخدّمة، إلا أن عدد النازحين أكبر بكثير من أعداد المنازل في القرى النموذجية التي جرى إنشاؤها مؤخراً من قبل المنظمات المحلية والدولية، «ومع دخول فصل الشتاء، توقفت بالطبع عمليات البناء في القرى، وبانتظار عودة العمل فيها لنقل أكبر عدد من النازحين إليها».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».