ءأعادت التحركات العسكرية للميليشيات التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس على مدار الأيام الماضية، المطالبات بضرورة تفكيك هذه التشكيلات المسلحة، كما طرحت العديد من الأسئلة حول مستقبل البلاد في ظل تغولها وما تمثله من تهديدات لحياة المدنيين والمخاوف من إعادتها ليبيا إلى الاقتتال وأجواء الفوضى من جديد، ما يقوض أي اتفاق للسلام مستقبلاً.
وتساءل سياسيون، في هذا الإطار، عن دور السلطة التنفيذية الممثلة في المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية» في التصدي لهذه المجموعات التي بات بعضها يحتكر الحديث باسم «ثورة 17 فبراير (شباط)» التي أطاحت حكم العقيد معمر القذافي عام 2011، ومدى إمكانية جمع أسلحتها، ودمج عناصرها في مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية بشكل أكثر جدية ما يسهل محاسبتهم كمواطنين مدنيين وليس كمسلحين مؤدلجين.
وطالب عضو مجلس النواب الليبي علي التكبالي بوضع حد للميليشيات من خلال التصدي لها وتفكيك أسلحتها، متسائلاً عن أسباب عدم وجود رد فعل دولي تجاه الجماعات التي احتلت مقار الوزارات بالعاصمة الأسبوع الماضي وهددت بعرقلة الاستحقاق الانتخابي. وكان صلاح بادي، زعيم ميليشيات «الصمود»، قد أطلق في هذا الإطار تهديدات بتعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة.
من جانبه، قال عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر أحويلي إنه لا ينبغي التعامل مع حديث أي قيادة لـ«تشكيل عسكري» على أنه يمثل وجهة النظر الوحيدة لـ«ثورة 17 فبراير»، مضيفاً أنه لا يجب أن يقبل غرب البلاد بـ«توظيف السلاح من البعض للاعتراض على قرار ما». وقال أحويلي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «قيادات وعناصر داخل تشكيلات مسلحة أخرى (غير التي تصدر التهديدات باللجوء إلى استخدام السلاح) ترفض هذا النهج»، متوقعاً «خمود هذه التصريحات (التهديدية) بعد الإعلان الرسمي عن تأجيل الانتخابات التي ترشحت لها شخصيات لا تحظى بقبول القوى الثورية والغرب الليبي».
وينظر إلى صلاح بادي على أنه من القيادات العسكرية البارزة لـ«ثورة فبراير» 2011، وهو مدرج على قوائم العقوبات الدولية لضلوعه في عمليات اقتتال في الأعوام التي تلت اندلاع الثورة.
وعلى إثر الأحداث التي شهدتها العاصمة مؤخراً من قيام تشكيلات مسلحة بحصار مقرات رئاسة الوزراء والمجلس الرئاسي، ربط كثيرون بين ما حدث من مظاهر تحشيد وعسكرة وبين تصريحات بادي التي أطلقت في اليوم ذاته، ما أثار تساؤلات حول قدرة قيادات التشكيلات العسكرية بالغرب الليبي على استدعاء وتوظيف «ثورة فبراير» لفرض أمر واقع بقوة السلاح.
غير أن ناشطة حقوقية بالعاصمة قالت إن «الثوار الحقيقيين لفبراير عادوا بمعظمهم إلى حياتهم المدنية»، مضيفة أن أغلب عناصر وقيادات الميليشيات المسلحة حالياً هم من الجيل الثاني الذي لم يشارك في إطاحة القذافي، ومشيرة إلى أن انضمام بعضهم إلى الميليشيات جاء بهدف الحصول على المال. وأضافت الناشطة، التي تعيش في طرابلس وتحفظت عن ذكر اسمها لدواعٍ أمنية، أن سكان طرابلس يعيشون حياة مضطربة بسبب اشتباكات الميليشيات التي تهدأ ثم تعود مرة ثانية لتهدد الاستقرار بالمنطقة، لكنها رأت أن البطالة دفعت بكثير من الشباب وخصوصاً صغار السن للانضمام إلى صفوف هذه التشكيلات من أجل تأمين لقمة عيشهم.
واستبعد عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس، تمكن أي تشكيل مسلح من السيطرة على الأوضاع بالعاصمة ومدن الغرب الليبي مهما بلغت قوته، وأرجع ذلك إلى كثرة أعداد التشكيلات وتعدد اتجاهاتها وتوزع ولاءاتها. واعترض كرموس على لجوء هذه التشكيلات للسلاح كوسيلة للاعتراض السياسي، لكنه فسر غضب بعضها في الآونة الأخيرة بأنه جاء كرد فعل لترشح سيف الإسلام، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، والمشير خليفة حفتر، في الانتخابات الرئاسية، وعدم استبعادهما من السباق من المفوضية العليا للانتخابات أو القضاء.
سياسيون ليبيون يطالبون بتفكيك الميليشيات
رأوا أن عودتها للعنف تهدد استقرار البلاد
سياسيون ليبيون يطالبون بتفكيك الميليشيات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة