صحافيان من «أسوشييتد برس» يستعيدان لحظات قصف «برج الجلاء» في حرب غزة

المكتب يقع في مبنى اتهمت إسرائيل «حماس» بالعمل منه

لحظة انهيار «برج الجلاء» في غزة بعد قصف جوي إسرائيلي منتصف مايو الماضي (إ.ب.أ)
لحظة انهيار «برج الجلاء» في غزة بعد قصف جوي إسرائيلي منتصف مايو الماضي (إ.ب.أ)
TT

صحافيان من «أسوشييتد برس» يستعيدان لحظات قصف «برج الجلاء» في حرب غزة

لحظة انهيار «برج الجلاء» في غزة بعد قصف جوي إسرائيلي منتصف مايو الماضي (إ.ب.أ)
لحظة انهيار «برج الجلاء» في غزة بعد قصف جوي إسرائيلي منتصف مايو الماضي (إ.ب.أ)

في اليوم السادس من الحرب التي استمرت 11 يوماً بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة خلال مايو (أيار) الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من 260 فلسطينياً و13 إسرائيلياً، قصف سلاح الجو الإسرائيلي «برج الجلاء» المكون من 12 طابقاً، بعد نحو ساعة من أمره جميع سكان العقار بإخلاء المكان. صحيح أنه لم يصب أي شخص بأذى، ولكن المبنى دُمر بالكامل، وكان يضم مكاتب تابعة لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، وقناة «الجزيرة» الفضائية القطرية، بالإضافة إلى عشرات العائلات، وقالت إسرائيل إن لديها أدلة على أن حركة «حماس» تستخدم المبنى لأغراض عسكرية، ولكنها لم تنشر أي دليل علني يدعم هذا الادعاء.
في هذا التقرير، يحكي بعض صحافيي وكالة «أسوشييتد برس» المشاركين في تغطية هذه الحرب، القصة من خلال تجاربهم الخاصة:

فارس أكرم - مراسل من قطاع غزة
«لقد كان تدمير مكتب (أسوشييتد برس) بمثابة هجوم علينا جميعاً، فقد كان المكتب عبارة عن منزل لنا على مدى سنوات، وكان معظمنا ينام هناك طوال فترة الحرب، معتقدين، خطأ، أنه أحد الأماكن الآمنة النادرة في قطاع غزة. كما أنه قبل أيام قليلة من تدمير المبنى، تم تدمير مزرعة عائلتي أيضاً بقنبلة أطلقتها طائرة مقاتلة إسرائيلية، وكانت هذه المزرعة، التي تقع بالقرب من الحدود الإسرائيلية شمال غزة، بمثابة ملاذ من قطاع غزة ذي المنازل الخرسانية والشوارع القذرة.
بعد الحرب؛ غادرت غزة عبر مصر وذهبت لزيارة زوجتي وأولادي الذين يعيشون في كندا، ولم أكن قد التقيتهم منذ نحو العامين بسبب عمليات الإغلاق المفروضة في أعقاب وباء فيروس (كورونا) المستجد، وكانت هذه الزيارة، التي استغرقت 4 أشهر، هي أطول فترة مكثت فيها خارج وطني صغير المساحة، المزدحم، الذي تم إفقاره، والواقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.
وبعد مرور 6 أشهر على الحرب، كنت أتمنى أن أتمكن من القول إن الأمور قد بدأت تتحسن، ولكن لم يتحسن أي شيء، فعملية إعادة الإعمار على نطاق واسع لم تبدأ بعد، كما أن الحصار على غزة لا يزال قائماً منذ نحو 15 عاماً، فضلاً عن تعطل الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار. وقد باتت المخاوف من اندلاع حرب أخرى منتشرة على نطاق واسع، وتسير عملية إعادة بناء مكتبنا ببطء، والحفرة التي أحدثتها القنبلة التي تم قصف مزرعة عائلتي بها، لا تزال موجودة، ولا يزال المنزل مدمراً.
كانت هذه المزرعة مكاني المفضل في غزة، فهو المكان الذي كنت أتطلع للذهاب إليه في عطلات نهاية الأسبوع. وكانت المكان الذي يمكنني قضاء ليالي الشتاء الباردة فيه والتدفئة بالنيران، أو من خلال حرارة فرن الطين الذي يعمل بالحطب أثناء خبز عائلتي المعجنات والأكلات الأخرى، حتى إنني قمت بعزل نفسي هناك أثناء فترة الإغلاق، لأنني كنت أشعر بالحرية أثناء السير في الحقل وأثناء إطعام الدجاج، ولكن كل هذه الأشياء الجميلة قد أصبحت الآن مجرد ذكرى».

جوزيف فيدرمان - مدير مكتب «أسوشييتد برس» في القدس
«وقعت الغارة الجوية في اليوم السادس من الحرب، وقد كنا نعمل خلال تلك الأيام القليلة الأولى وفقاً لروتين معين قمنا بالاتفاق عليه؛ إذ كانت كارين لوب، مديرة الأخبار في الشرق الأوسط، تعمل على متابعة القصة في الصباح، وفي هذه الأثناء أقوم أنا بإجراء المقابلات التلفزيونية أو أذهب لأرتاح قليلاً، ثم أعود للعمل من جديد على القصة وأقوم بكتابة التقرير المسائي الشامل في نهاية اليوم.
وقعت الغارة الجوية يوم السبت الذي كان هادئاً نوعاً ما، لذا خرجت لإجراء مقابلة تلفزيونية مع (التلفزيون الصيني)، وعادة عندما أقوم بمقابلات تلفزيونية، أوقف تشغيل هاتفي الجوال وأضعه جانباً حتى أتمكن من التركيز على المقابلة، ولذلك قمت بإيقاف تشغيل هاتفي لمدة 10 دقائق حتى الانتهاء من المقابلة. وعندما أعدت تشغيله، وجدت أن هناك 8 مكالمات فائتة من مكتب الوكالة، فتساءلت: (ماذا يحدث بحق الجحيم؟)، وبينما كنت أحدق في هاتفي وجدته يرن مرة أخرى... كانت هذه المرة كارين التي تتصل وتشعر بالذعر؛ إذ قالت إننا تلقينا للتو تحذيراً من الجيش الإسرائيلي، مفاده بأن المبنى الذي يوجد به مكتبنا في غزة على وشك أن يتم نسفه، وطلبت مني الاتصال ببعض الأشخاص لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا إيقاف قصف المبنى، ثم قالت: (لقد أعطانا الجيش الإسرائيلي مهلة ساعة لإخلاء المبنى).
قبل يومين من قصف المبنى، كنت قد أعطيت الجيش الإسرائيلي إحداثيات عن موقع مكتبنا، للتأكد من ألا يتم قصفه عن طريق الخطأ، ولذا قمت بالاتصال بهم لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم إيقاف قصف المبنى، وكان الشخص الذي أجابني لطيفاً للغاية، وطلب مزيداً من التفاصيل حول المبنى، وقال إنه سيجري بعض المكالمات الهاتفية لمعرفة ما إذا كان يمكنه فعل أي شيء. ثم قمت بالاتصال بوزارة الخارجية الإسرائيلية، وأخبرت الشخص الذي أجابني أن تدمير إسرائيل مكتب وكالة (أسوشييتد برس) سيمثل كارثة في العلاقات العامة، وقد وعد بإجراء بعض المكالمات ومعرفة ما إذا كان يمكنه المساعدة. ثم اتصلت بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنني حصلت على رد مختلف للغاية؛ إذ لم تكن هناك أي عروض للمساعدة، واكتفى الشخص الذي أجابني، بالقول: (تأكد من إخراج موظفيك من هناك؛ وأنهم بأمان). وحينها؛ علمت أنه سيتم قصف المكتب، وفي ذلك الوقت هرعت إلى المنزل، وفتحت التلفزيون وشاهدت مكتبنا وهو ينفجر في لحظتها على البث التلفزيوني المباشر.
لم يكن هذا أسوأ حادث مررنا به؛ إذ إنه في عام 2014، قُتِل اثنان من موظفي الوكالة بحادث انفجار في غزة، كما أصيب موظف آخر بجروح بالغة، ولذلك، فإن قصف المبنى لم يكن هو الأسوأ، على الأقل كان الجميع بأمان. لقد كان لدى الموظفين ساعة واحدة للخروج من المقر، حاولوا خلالها أخذ كل ما بوسعهم. الأمر المدهش هو أنهم غادروا المبنى وذهبوا لتغطية عملية القصف نفسها، حيث ركضوا على الدرج، وخرجوا من المبنى والتقطوا لقطات مذهلة، وأجروا مقابلات مع أشخاص، وتحدثوا إلى مالك المبنى الذي كان يناشد الجيش أيضاً ألا يقوم بهدم المبنى، وحصلوا على صور لا تصدق، كما قمنا بكتابة قصص صحافية رائعة.
صحيح أن الأمر لم يكن سهلاً، ولكن الجميع كان يعرف، نوعاً ما، ماذا يتعين عليه أن يفعل، ففريقنا نابض بالحياة، وكل موظف يعرف دوره جيداً».



اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
TT

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)

دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم الأحد، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف المعاناة في الشرق الأوسط، عشية الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على إسرائيل.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان: «خلال العام الماضي، شهدت المنطقة دماراً واسع النطاق وتجريداً للأشخاص من صفتهم البشرية»، داعية جميع الأطراف إلى «احترام كرامة كل شخص متضرّر من هذا النزاع... وتحمُّل مسؤولياتهم، بموجب القانون الإنساني الذي يوفّر إطاراً للحد من المعاناة أثناء النزاع».

وأضافت: «أصبح المدنيون مجرّد أعداد، إذ طغت الخطابات المتضاربة بشأن النزاع على طابعهم الفريد، لكنّ وراء هذه الأرقام أفراداً، أطفالاً وآباء وأشقاء وأصدقاء يكافحون الآن من أجل البقاء على قيد الحياة، ويواجهون، كل يوم، الحزن والخوف وعدم اليقين بشأن مستقبلهم».

وتابعت: «شهد هذا العام قلوباً محطَّمة وأسئلة بلا إجابات»، لافتة إلى أن «شمل العائلات تشتّت، ولا يزال كثير من أحبائها محتجَزين، رغم إرادتهم. وقُتل عشرات الآلاف، ونزح الملايين في جميع أنحاء المنطقة».

ويصادف الاثنين الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، والذي أدى إلى اندلاع حرب بين الحركة والدولة العبرية في قطاع غزة امتدّت إلى لبنان، حيث تشنّ إسرائيل حرباً ضد «حزب الله».

وقالت اللجنة الدولة للصليب الأحمر: «بينما نقترب من مُضي عام على الهجمات، التي وقعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتصعيد واسع النطاق للأعمال العدائية الذي أعقب ذلك، لا يزال الناس في المنطقة يعانون وطأة الألم والمعاناة والخسارة التي لا تُطاق وتتجاوز الحدود».

وكرّرت دعوتها جميع الأطراف إلى «تحمل مسؤولياتهم، بموجب القانون الدولي الإنساني»، مؤكدة أنّه من خلال الالتزام بهذا القانون «يمكن للأطراف المتحاربين أن يخفّفوا المعاناة الإنسانية، ويمهدوا لمستقبل أكثر استقراراً وسلاماً».