الشيعة والكرد يسعون لحسم خلافاتهم قبل المصادقة على نتائج الانتخابات العراقية

قيادي في «الفتح»: الصدر هو من طلب تأجيل لقائه مع «الإطار التنسيقي»

TT

الشيعة والكرد يسعون لحسم خلافاتهم قبل المصادقة على نتائج الانتخابات العراقية

في وقت لا يزال فيه الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين التحالفين السنيين (حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«عزم» بزعامة رجل الأعمال خميس الخنجر) صامدًا، فإن الخلافات الشيعية – الشيعية، والكردية – الكردية، لم تحسم بعد.
وبسبب عدم وجود أي تسريب من داخل أروقة المحكمة الاتحادية العليا، فإن كل طرف -لا سيما الأطراف الشيعية- بدأ يسوِّق لفرضية تتعلق بما يريد تحقيقه، إن كان بهدف ممارسة مزيد من الضغوط على المحكمة الاتحادية، أو تذكيرها بالخيارات الممكنة، مثل المصادقة الجزئية، أو إعادة عد وفرز عشوائي لعدد كبير من المحطات.
كردياً، زار وفد من الحزب «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني مدينة السليمانية، لإجراء حوار مع حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين. ويترأس وفد الحزب «الديمقراطي الكردستاني» الذي وصل إلى السليمانية وأجرى مباحثات مع رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، السكرتير العام للحزب فاضل ميراني. وقال مصدر مرافق للوفد، إن المكتبين السياسيين ناقشا الأوضاع الراهنة في إقليم كردستان والعراق. كما ناقش الاجتماع المشترك -وفق المصدر- العلاقات الثنائية بين «الاتحاد الوطني» والحزب «الديمقراطي»، وعدداً آخر من الملفات ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن مراحل تشكيل الحكومة العراقية المرتقبة، والموقف الكردي من التحالفات، وضرورة توحيد الصف الكردي بكل الاتجاهات السياسية والحزبية.
ويتمحور الخلاف الكردي - الكردي الآن حول منصب رئيس الجمهورية. ففي الوقت الذي يتمسك فيه «الاتحاد الوطني الكردستاني» بمرشحه لمنصب الرئاسة، وهو الرئيس الحالي برهم صالح، فإن الحزب «الديمقراطي الكردستاني» يرفض عودة صالح إلى ولاية ثانية، مع أن الدستور العراقي يمنح رئيس الجمهورية فرصة التجديد. وكان «الديمقراطي الكردستاني» قد تمسك بهذا المنصب عام 2018، الأمر الذي اضطر كلا الحزبين الكرديين إلى طرح مرشحين اثنين داخل قبة البرلمان العراقي.
وكان «الاتحاد الوطني» قد رشح صالح؛ بينما رشح «الديمقراطي» فؤاد حسين الذي خسر أمام صالح في الجولة الثانية بفارق كبير. وبينما تم انتخاب صالح لمنصب رئيس الجمهورية بتصويت سري داخل البرلمان العراقي، فإن فؤاد حسين تسلَّم حقيبة الخارجية.
وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر كردي مطلع، فإن «سيناريو عام 2018 قابل للتكرار في حال بقي الحزب «الديمقراطي الكردستاني» على تمسكه بأحقيته في المنصب؛ لكونه الفائز الأول داخل الإقليم بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، بينما يرى «الاتحاد الوطني» أنه بحسب تقاسم المناصب بين الحزبين الرئيسيين في بغداد وأربيل، فإنه في الوقت الذي تكون فيه رئاسة الإقليم من حصة «الحزب الديمقراطي»، فإن رئاسة الجمهورية في بغداد تكون من حصة «الاتحاد الوطني»، بعيداً عن الوزن الانتخابي. وطبقاً للمصدر، فإن «(الديمقراطي الكردستاني) بات يميل إلى منح المنصب لـ(الاتحاد الوطني)؛ شريطة أن تكون هناك شخصية أخرى ترشح لهذا المنصب من قياديي (الاتحاد الوطني)، غير أن رئيس الاتحاد بافل طالباني لا يزال يصر على ترشيح صالح لمنصب رئيس الجمهورية».
شيعياً، وطبقاً لما أعلنه القيادي في تحالف «الفتح» أحمد الموسوي، فإن سبب تأجيل لقائهم مع التيار الصدري يعود إلى أن زعيم التيار، مقتدى الصدر، هو من طلب التأجيل. وقال الموسوي في تصريح أمس، إن «زعيم التيار مقتدى الصدر هو من طلب تأجيل عقد اللقاء المقرر بينه وبين الإطار التنسيقي (يضم القوى الخاسرة في الانتخابات العراقية) إلى ما بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج»؛ معتبراً أن «هذا التأجيل هو وسيلة ضغط على الإطار، والغاية هي تقديم التنازلات».
وأوضح الموسوي أن «المفاوضات ستكون جدية بين الإطار وبقية الكتل بعد المصادقة على نتائج الانتخابات، أو صدور قرار آخر. وما يجري من حوارات هو لأجل التفاهمات وتقريب وجهات النظر». وجدد الموسوي «تأكيد الإطار حول التوجه لتشكيل حكومة توافقية، وأن هناك رأياً سنياً - كردياً للذهاب مع الإطار حول حكومة توافق».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».