احتجاج في رام الله ضد محاكمات السلطة الفلسطينية

TT

احتجاج في رام الله ضد محاكمات السلطة الفلسطينية

احتج نشطاء وحقوقيون فلسطينيون، الأحد، في مدينة رام الله، على محاكمة السلطة الفلسطينية نشطاء رأي، وما وصفوه بـ«قمع الحريات».
وتجمع هؤلاء قبالة مقر محكمة الصلح في مدينة رام الله، قبيل جلسة مقررة لمحاكمة 35 ناشط رأي، تم احتجازهم لفترات متفاوتة، على خلفية مشاركتهم في تظاهرات ضد السلطة الفلسطينية. وارتدى مشاركون في الاحتجاج الزي البرتقالي، تعبيراً عن رفضهم المحاكمة، ورفعوا لافتات مكتوبة تطالب بحماية حرية الرأي والتعبير، وأخرى تعتبر «محاكمة النشطاء اعتداء على القانون»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وجرى احتجاز الأشخاص المقررة محاكمتهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بعد مشاركتهم في مسيرات مطالبة بالعدالة، في قضية مقتل الناشط السياسي نزار بنات. وقال بيان جرت تلاوته خلال الاعتصام: «إن ممارسات السلطة الفلسطينية خلال الأسابيع الماضية تجاوزت الحدود، ما يشير إلى ازدياد التغول الأمني، وينبغي أن يُردع ويتوقف ويوضع له حد». واعتبر البيان أن ما يجري «توظيف للقضاء في خدمة السلطة وأجهزتها الأمنية، وتطويع للقوانين لتعزيز قبضتها الأمنية، وتغطية تجاوزها على الحريات العامة».
وكانت مجموعة «محامون من أجل العدالة» ومقرها رام الله، قد أعلنت أن محكمة فلسطينية ستعقد جلسات لمحاكمة 35 ناشط رأي، بينما يتواصل اعتقال ما مجموعه 49 شخصاً في الضفة الغربية على خلفية سياسية. وصرح الناطق باسم حركة «حماس» حازم قاسم، بأن «استمرار السلطة في رام الله بمحاكمة عشرات النشطاء السياسيين والحقوقيين والشخصيات المجتمعية، يعكس إصرارها على تصعيد قمعها للحقوق، ومصادرتها للحريات في الضفة الغربية». وقال قاسم، في بيان صحافي، إن «هذه المحاكمات تشكل خرقاً فاضحاً للقانون، ومحاولة لإرهاب كل المجال المدني في الضفة الغربية، وترسيخ منطق قمع الحريات، وتكميم الأفواه».
في هذه الأثناء، تم الإعلان في رام الله عن تشكيل «الهيئة الوطنية للعدالة لنزار بنات»، لمناهضة «المماطلة» في إجراءات المحاكمة العسكرية للمتورطين في حادثة القتل. وصرح عضو الهيئة ممدوح العكر، للصحافيين في رام الله، بأن تشكيل اللجنة تم بناء على قرار عائلة بنات «نتيجة المماطلة المستمرة في إجراءات المحاكمة العسكرية، وما تتعرض له العائلة من ضغوط للتوجه إلى الحل العشائري».
وكان بنات (43 عاماً) الناقد المعروف للسلطة الفلسطينية وسياساتها على مواقع التواصل الاجتماعي، قد قُتل أثناء اعتقاله من منزل في الخليل جنوب الضفة الغربية، من قبل أفراد من الأمن الفلسطيني في 24 يونيو (حزيران) الماضي. وتحدثت عائلته عن تعرضه لعملية «اغتيال» بالضرب والتعذيب الشديد، بينما أكد تقرير طبي تعرضه للضرب المميت.
وأعلنت السلطة الفلسطينية توقيف عناصر الأمن المتورطين بالحادثة، وقدمتهم إلى المحاكمة دون أن يصدر حكم بحقهم حتى الآن؛ علماً بأن عدة جلسات محاكمة قد انعقدت في القضية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».