«صفقات»... مسرحية ألمانية ترصد علاقة البشر بالطبيعة

لفتت الأنظار في «مهرجان القاهرة التجريبي»

الأداء الحركي سمة أساسية من سمات العرض (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي)
الأداء الحركي سمة أساسية من سمات العرض (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي)
TT

«صفقات»... مسرحية ألمانية ترصد علاقة البشر بالطبيعة

الأداء الحركي سمة أساسية من سمات العرض (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي)
الأداء الحركي سمة أساسية من سمات العرض (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي)

للوهلة الأولى؛ قد يظن البعض في عالمنا العربي أن الأسئلة القديمة حول مصير الوجود الإنساني وعلاقته بالقوى الغيبية لا سيما الطبيعة والوحوش في العصور السحيقة، وهل يمكن للبشر النجاة اعتماداً على ذكائهم أم إن عليهم عقد «صفقات» مع قوى أخرى في الوجود... قد يظن البعض أن مثل هذه التساؤلات قد تجاوزها العقل الغربي للأبد بالنظر إلى نمط حياته شبه المادي وتراجع جرعة الروحانيات فيما يظهر لنا على سطح المجتمعات هناك على الأقل.
من يشاهد العرض المسرحي الألماني «صفقات: قصة البحث عن ملاذ آمن» الذي لفت الأنظار في «مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» الجاري، يكتشف أن مثل هذه النوعية من علامات الاستفهام والهواجس والأفكار لا تزال تشغل منطقة مركزية من الوجدان والعقل الأوروبيين.
يبدأ العرض عبر مجموعة من الممثلين نياماً وسط الظلام كما لو كانوا أهل الكهف، مع بؤرة ضوء مكثف تسلط عليهم فجأة، بينما صوت الراوي غير المرئي يخبرنا بأن العلاقة الأولى بين الإنسان والطبيعة كانت محكومة بعوامل عدة؛ أبرزها الخوف والفضول والرغبة في الاكتشاف. يتوالى ظهور شخصيات أخرى على خشبة المسرح؛ 6 شخصيات تحديداً، عبر 3 غرف مختلفة، لتبدأ كل شخصية فيها التحول إلى صورة أخرى قد تتخذ صورة نبات أو حيوان أو طائر أسطوري... تتعدد الأشكال، ويبقى الشيء الوحيد الذي يربط بينها هو أنها كائنات بلا نقاط ضعف؛ إنها تملك مصيرها عبر قدرات خارقة، وسرعان ما يتبين لنا أن هذه الكائنات الأسطورية المذهلة ليست حقيقية كما كنا نتصور؛ إنها في الحقيقة تجسيد لما تتمناه الشخصيات التي كانت نائمة منكفئة على نفسها مثل قطط حديثة الولادة.
تتلاشى الكائنات الأسطورية تدريجياً من المشهد، يعود التركيز مرة أخرى على الشخصيات الأولى في شكلها السابق المفعم بالضعف وقلة الحيلة، لكنها سرعان ما تقوم بامتلاك مصيرها مرة أخرى، يتساند بعضها على بعض، حركتها واهنة وأصواتها خافتة، لكن القوة تدب في أوصالها بالتدريج، وهنا يحدث التحول الدرامي الحاسم، تتراجع المشاعر السلبية للضعف والخوف، لم يعد الإنسان مجرد مفعول به في مواجهة قوى مرعبة، يستطيع الآن ترويض ما لا يفهمه؛ وهزيمته، أو على الأقل عقد صفقة مع قوى الطبيعة.
يكمن التحدي الدرامي هنا في عدم وجود حوار، فالعرض يعتمد فقط على الأداء الحركي، التعبير بالجسد عن مشاعر الخوف أو الفرح، القوة أو الضعف، الهزيمة أو الانتصار... كل تلك الثنائيات المتناقضة، الحادة والعنيفة، يجب أن تكون أجسام الممثلين مرنة بما يكفي للتعبير عن كل ذلك، وهو ما تحقق إلى حد بعيد على يد الممثلين والراقصين هنا، مثل ساكروكا جيتانو، وسيري المكفست وريكاردو فيرير. ولكن ماذا عن غياب القصة بحبكتها التقليدية أو الحوار بما يوفره من قدرة على التعبير عن التصاعد الدرامي؟
طرحنا السؤال على الناقد المسرحي محمد البرعي، فأجاب: «صناع العمل؛ لا سيما مخرجته جوليا ماريا كوخ، ومصمم الألحان ميريدي، ومصمم الإضاءة تورستن ليبستوك، كانوا في منتهى الذكاء بحيث صنعوا عوامل عدة أخرى موازية استطاعت تعويض النقص القصصي المعتاد، مثل الموسيقى التي جاءت في غاية الإبداع والجمال، فهي تصبح خافتة هامسة حيناً، وقد تشتعل صخباً وجنوناً حيناً آخر». ويضيف البرعي لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت التقنيات المختلفة كذلك لتشكل حالة من الإبهار فخطفت أنفاس الجمهور في القاعة، لا سيما عبر عنصري الإضاءة والأدخنة الزرقاء؛ فقد جرى توظيفهما بشكل جيد جداً ليصنعا حالة من الدهشة المستمرة».



علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
TT

علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)

كشفت دراسة أميركية أن علاجاً مبتكراً للأطفال الذين يعانون من الكوابيس المزمنة أسهم في تقليل عدد الكوابيس وشدّة التوتر الناتج عنها بشكل كبير، وزاد من عدد الليالي التي ينام فيها الأطفال دون استيقاظ.

وأوضح الباحثون من جامعتي أوكلاهوما وتولسا، أن دراستهما تُعد أول تجربة سريرية تختبر فاعلية علاج مخصصٍ للكوابيس لدى الأطفال، ما يمثل خطوة نحو التعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل، وليس مجرد عَرَضٍ لمشكلات نفسية أخرى، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Frontiers in Sleep».

وتُعد الكوابيس عند الأطفال أحلاماً مزعجة تحمل مشاهد مخيفة أو مؤلمة توقظ الطفل من نومه. ورغم أنها مشكلة شائعة، فإنها تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والجسدية للأطفال، إذ تُسبب خوفاً من النوم، والأرق، والاستيقاظ المتكرر، وهذه الاضطرابات تنعكس سلباً على المزاج، والسلوك، والأداء الدراسي، وتزيد من مستويات القلق والتوتر.

ورغم أن الكوابيس قد تكون مرتبطة باضطرابات نفسية أو تجارب مؤلمة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، فإنها لا تختفي بالضرورة مع علاج تلك المشكلات، ما يتطلب علاجات موجهة خصيصاً للتعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل.

ويعتمد العلاج الجديد على تعديل تقنيات العلاج المعرفي السلوكي واستراتيجيات الاسترخاء وإدارة التوتر، المستخدمة لدى الكبار الذين يعانون من الأحلام المزعجة، لتناسب الأطفال.

ويتضمّن البرنامج 5 جلسات أسبوعية تفاعلية مصمّمة لتعزيز فهم الأطفال لأهمية النوم الصحي وتأثيره الإيجابي على الصحة النفسية والجسدية، إلى جانب تطوير عادات نوم جيدة.

ويشمل العلاج أيضاً تدريب الأطفال على «إعادة كتابة» كوابيسهم وتحويلها إلى قصص إيجابية، ما يقلّل من الخوف ويعزز شعورهم بالسيطرة على أحلامهم.

ويستعين البرنامج بأدوات تعليمية مبتكرة، لتوضيح تأثير قلّة النوم على الأداء العقلي، وأغطية وسائد، وأقلام تُستخدم لكتابة أفكار إيجابية قبل النوم.

وأُجريت التجربة على 46 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاماً في ولاية أوكلاهوما الأميركية، يعانون من كوابيس مستمرة لمدة لا تقل عن 6 أشهر.

وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في عدد الكوابيس ومستوى التوتر الناتج عنها لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج مقارنة بالمجموعة الضابطة. كما أُبلغ عن انخفاض الأفكار الانتحارية المتعلقة بالكوابيس، حيث انخفض عدد الأطفال الذين أظهروا هذه الأفكار بشكل كبير في المجموعة العلاجية.

ووفق الباحثين، فإن «الكوابيس قد تُحاصر الأطفال في دائرة مغلقة من القلق والإرهاق، ما يؤثر سلباً على حياتهم اليومية»، مشيرين إلى أن العلاج الجديد يمكن أن يُحدث تحولاً كبيراً في تحسين جودة حياة الأطفال.

ويأمل الباحثون في إجراء تجارب موسعة تشمل أطفالاً من ثقافات مختلفة، مع دراسة إدراج فحص الكوابيس بوصفها جزءاً من الرعاية الأولية للأطفال، ما يمثل خطوة جديدة في تحسين صحة الأطفال النفسية والجسدية.