كيف يتابع اليمنيون في الخارج مجريات «عاصفة الحزم»؟

محاولات فرز القنوات والصحف ذات الأجندة للحصول على الأخبار دون تزييف

عدد من اليمنيين المقيمين في جدة يطالعون أخبار بلادهم عبر الوسائل الإعلامية المرئية والمقروءة (تصوير: سلمان مرزوقي)
عدد من اليمنيين المقيمين في جدة يطالعون أخبار بلادهم عبر الوسائل الإعلامية المرئية والمقروءة (تصوير: سلمان مرزوقي)
TT

كيف يتابع اليمنيون في الخارج مجريات «عاصفة الحزم»؟

عدد من اليمنيين المقيمين في جدة يطالعون أخبار بلادهم عبر الوسائل الإعلامية المرئية والمقروءة (تصوير: سلمان مرزوقي)
عدد من اليمنيين المقيمين في جدة يطالعون أخبار بلادهم عبر الوسائل الإعلامية المرئية والمقروءة (تصوير: سلمان مرزوقي)

لأنهم بعيدون على ميدان الأحداث، لكن قلوبهم معلقة بكل شبر من أرضهم، يسعى اليمنيون المقيمون في بلدان عربية وغربية للحصول على الأخبار المتعلقة بمجريات «عاصفة الحزم» وما يمكن أن يطمئنهم على أهلهم وذويهم، وتخليص أرضهم من عصابات الإجرام المسلحة كميليشيا الحوثي والقوات التابعة للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وفي السعودية، حيث يعيش أكثر من مليون وسبعمائة ألف يمني، التقت «الشرق الأوسط» بعشرات منهم في محافظة جدة غرب السعودية، وسألتهم عن كيف ومن أين يستقون معلوماتهم حول ما يحدث في أرض اليمن. نسبة كبيرة قالت إن قناة «العربية» الفضائية و«الإخبارية» السعودية هما مصدر المتابعة التلفزيونية، إلى جانب صحف يمنية إلكترونية مثل «اليمن بريس». إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي، رغم صعوبة فرز الحسابات ذات المصداقية من غيرها.
وأرجع المشاركون تحفظهم على بعض القنوات الناطقة باللغة العربية، حول ما تبثه من أحداث جارية في اليمن، لعدة أسباب، في مقدمتها أن هذه الوسائل تبتعد تماما عن المصداقية الإعلامية في نقل الخبر، وعدم وجود الحيادية لأنها تبث رأي مموليها من الإيرانيين وأتباعهم في عدد من الدول العربية، خصوصا وأنها استباحت الدم اليمني ولم يكن لها أي تعليق أو ردود فعل في فترة ماضية قبل انطلاق «عاصفة الحزم» حول الانتهاكات التي يقوم بها أتباع الحوثيين في اليمن، وأنها أي القنوات ووسائل الإعلام المقروءة تبث ما يتوافق مع توجهاتها في المنطقة، ولم يعرها المداهمات والقتل في صنعاء وعدد من المدن اليمنية.
يقول الدكتور منصور المقدسي، رئيس البعثة الصحية للجالية اليمنية في جدة (غرب السعودية)، إنه ومنذ اللحظات الأولى وقبل انطلاق عاصفة الحزم، لم تهتم غالبية الجالية اليمنية بما يبث من أخبار اليمن وما يدور على أرض الواقع إلا عبر قناة «العربية، وقناة الإخبارية السعودية» وما يتم نقله من عبر رابط الإنترنت «اليمن بريس» التي تنقل الوقائع كما هي، ومع انطلاق «عاصفة الحزم» كان التركيز على القنوات العربية المحايدة.
وأضاف المقدسي، أن الجالية اليمنية من خلال الحديث معها، ترى أن «عاصفة الحزم» هي الحق لنجدتهم من العبث الحوثي، الذي فتك في البلاد والعباد، لذا لا تعير لتك القنوات الإيرانية والتابعة لها من نقل أحداث مفبركة، وأن ما يتناقل عبر وسائله من أحداث غير صحيحة هي ليست ضمن خياراتهم في المتابعة، خصوصا وأن هذه القنوات مثل «العالم، والمنار، والمسيرة» وقبل فترة وجيزة لم تكن مهتمة بما يجري على أرض الواقع من أحداث دموية من قبل الميليشيات الحوثية.
ولفت المقدسي، أن هناك آليات تواصل متنوعة لمعرفة آثار الهدم والقتل التي يقوم بها الحوثيون في اليمن عبر القنوات الإعلامية التي تتمتع بالحرفية والمصداقية، لمعرفة المواقع التي استهدفت، ومن ثم التواصل عبر أجهزة الهاتف المحمول (الجوال)، خصوصا وأن هناك تجربة مريرة مع الحوثيين في صنعاء تسببت في تهجير السكان.
ومن النقاط التي استشهد بها رئيس البعثة الصحية للجالية اليمنية في جدة، قصف قوات التحالف لمواقع الأسلحة وتجمع الميليشيات الحوثية وحليفهم علي صالح، وأخرى لقاعدة عسكرية، وهو ما يصرح به المتحدث باسم «عاصفة الحزم» في الإيجاز الصحافي، «والذي ندركه من خلال التواصل مع ذوينا في تلك المواقع، ونتأكد أنها استهدفت مواقع حيوية للحوثيين وأنها بعيدة تماما عن المواقع السكنية، إلا أن تلك القنوات وعددا من الصحف الأجنبية تذهب بعيدا أن تلك الحملات تستهدف الأحياء الشعبية وذلك لهدف استراتيجي لها، إلا أن جميع اليمنيين يدركون هذا التلاعب في الصورة والألفاظ».
ويبدو أن اليمنيين المغتربين في دول العالم، أيقنوا آلية التعامل مع الإعلام، وفرز ما هو محايد ينقل الصورة كما هي، دون تغيير أو إضافة على جزء أو أجزاء منها، وإعلاما يذهب بهم بعيدا عن الواقع ويبحر في محيطة كذبة يطلقها فيصدقها مطالبا على العامة من المشاهدين تصديقه فيما يذهب إليه، خصوصا وأن كثيرا ممن التقت معهم «الشرق الأوسط» أكدوا أن سياسة هذه القنوات غير المنضبطة بحسب وصفهم، لا تهتم للشأن اليمني بشكل عام، وأنها أي «القنوات الإيرانية» الناطقة بالعربية تهدف من هذا التحرك تهييج الشعوب غير المطلعة على بواطن الأمور فتكون قد نجحت في رسم صور مغايرة عما هو عليه الوضع في اليمن.
وتساءل خالد محسن، مقيم في السعودية، «أين كانت هذه القنوات الإيرانية قبل أقل من شهرين عندما استباح الحوثي وأعوانه الدم اليمني وانتهك الأعراف الدولية، وهو يقتحم المنازل في صنعاء، وكأن هذه الصور لا تعنيهم وهم ينقلون انتصارات حزب الله في سوريا على حد قولهم، ولم تنل الأحداث الإرهابية في كثير من المدن اليمنية أي مساحة ولم تكن مشغولة بالدم اليمني الذي يسفك، والآن تتسارع في نقل الصورة بمنظور آخر وبلغة مختلفة عما نعلمه يقينا من إخواننا في عدن وصنعاء ويطلب أن نصدق هذا الإعلام الذي يكذب على نفسه».
ويتفق صالح قاسم، مقيم يمني، فيما ذهب إليه الآخرون حول القنوات ذات المصداقية عند الجالية اليمنية، إذ يقول: «إننا ندرك كجالية يمنية أن هناك بعض القنوات التي تعمل وفق أجندة واضحة في اليمن، من خلال بث أخبار مغلوطة وغير صحيحة، عن مقتل العشرات جراء قصف جوي، وهو في الحقيقة ومن خلال الاتصال بالأهل في اليمن تبين أنه استهداف لمواقع أسلحة في الضالع، لافتا أن اليمنيين أصبحوا يدركون من يعمل لصالحهم ومن يحاول تمزيق البلاد عبر بث أخبار مكذوبة».
وحول آلية التواصل مع الأهل، قال قاسم: «إن استهداف الحوثيين للأحياء السكنية في عدن أجبر الكثير من العائلات الموجودة فيها للنزوح للأرياف، وللاطمئنان عليهم يكون الاتصال المباشر عبر الجوال هو الوسيلة الأسهل والأقرب لمعرفة حالهم ووضعهم، بعد أن عمد الحوثيون لضرب البنية التحتية من ماء وكهرباء».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.