«المركزي» التركي يفشل في إنقاذ الليرة بعد إغراقها

العملة «تتمرغ» في قاع الهبوط عقب خفض الفائدة

تعملق الدولار أمام العملة التركية بسبب «السياسات الخاطئة»... فبعد أن كان يعادل 3 ليرات في 2016 يشارف الآن على 17 ليرة (أ.ب)
تعملق الدولار أمام العملة التركية بسبب «السياسات الخاطئة»... فبعد أن كان يعادل 3 ليرات في 2016 يشارف الآن على 17 ليرة (أ.ب)
TT

«المركزي» التركي يفشل في إنقاذ الليرة بعد إغراقها

تعملق الدولار أمام العملة التركية بسبب «السياسات الخاطئة»... فبعد أن كان يعادل 3 ليرات في 2016 يشارف الآن على 17 ليرة (أ.ب)
تعملق الدولار أمام العملة التركية بسبب «السياسات الخاطئة»... فبعد أن كان يعادل 3 ليرات في 2016 يشارف الآن على 17 ليرة (أ.ب)

تدخل البنك المركزي التركي للمرة الخامسة على التوالي خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي عبر ضخ الدولار، في محاولة لإنقاذ الليرة من الانهيار بعدما سقطت في قاع تاريخي غير مسبوق غداة قرار البنك خفض سعر الفائدة الرئيس بنسبة 1% من 15% إلى 14%.
وقال البنك، في بيان أمس (الجمعة)، إنه تدخل، بشكل مباشر في سوق صرف العملات للمرة الخامسة بسبب «الأسعار غير الصحية».
وجاءت الخطوة بعد أن سجلت الليرة التركية أدنى مستوياتها على الإطلاق ولامست حدود 17 ليرة للدولار. وقال البنك إنه «بسبب تشكيلات الأسعار غير الصحية في أسعار الصرف تم التدخل مباشرةً في السوق عبر بيع الدولار». وسبق للبنك المركزي التركي القيام بتدخل مماثل 4 مرات، في أيام 1 و3 و10 و13 ديسمبر الحالي.
وسجلت العملات الأجنبية ارتفاعاً ساحقاً أمام الليرة التركية، في تعاملات أمس، حيث سجل سعر صرف الدولار 16.97 ليرة تركية، وقفز اليورو إلى مستوى 19.26 ليرة تركية. ولم يحقق تدخل البنك تغيراً يُذكر في الأسعار حيث واصلت الليرة هبوطها مسجلةً 16.98 ليرة للدولار، و19.20 ليرة لليورو عقب القرار.
وأعلن البنك المركزي التركي، أول من أمس، عن خفض جديد لسعر الفائدة، ليصل إجمالي الانخفاض إلى 500 نقطة أساس خلال 4 أشهر، ما دفع الليرة إلى التراجع من مستوى 15.6 ليرة مقابل الدولار عقب القرار مباشرةً.
وعلى مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، خُفضت أسعار الفائدة من مستوى 19 إلى 14% استجابةً لضغوط الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يعتقد أن خفض الفائدة يقود إلى دعم الليرة وخفض التضخم. لكن هذه السياسة التي تخاصم النظريات الاقتصادية المتعارف عليها، قادت الليرة إلى أدنى مستوياتها في التاريخ، كما تسببت في ارتفاع التضخم إلى مستوى 21.3%.
ولمح البنك المركزي، في بيانه أمس، إلى عدم إجراء خفض جديد لسعر الفائدة خلال الربع الأول من العام المقبل، مشيرةً إلى أنه سيراقب الوضع خلال هذه الفترة. وكان إردوغان قد أكد، أول من أمس، أن حكومته لن تسمح بانهيار الليرة، قائلاً: «لن نسمح بابتلاع ليرتنا التركية... هناك بعض المشكلات في الوقت الحالي وسوف نتغلب عليها في أقرب وقت ممكن... لا ينبغي لأحد أن يشك في ذلك... نحن مصممون على وضع حد لحالة عدم اليقين، التي نشأت بسبب التقلبات في سعر الصرف وزيادة الأسعار الباهظة، في أسرع وقت ممكن».
ويواجه إردوغان انتقادات بسبب ممارسة ضغوط سياسية على البنك المركزي، الذي يُفترض أنه مؤسسة تتمتع باستقلالية كاملة في اتخاذ قرارات السياسة النقدية ووضع السياسات المالية والاقتصادية للبلاد، وذلك بعدما أقال 3 من رؤساء البنك في أقل من 3 سنوات رفضوا مجاراته في خفض الفائدة، لكنه يقول إن البنك المركزي يقرر سياسته بشكل مستقل.
وعيّن إردوغان، أول من أمس، 4 نواب جدد لوزير الخزانة والمالية الجديد نور الدين نباتي، كما سبق وأجرى تعديلات في قيادة البنك المركزي، وأقال إلى حد كبير صانعي السياسة التقليديين. فضلاً عن وزير الخزانة والمالية لطفي إلوان الذي أبدى مقاومة للمضيّ في خفض سعر الفائدة، بعدد أن كان قد عيّنه منذ عام واحد عقب استقالة صهره برات ألبيراق من المنصب بعد أن تسبب، وفق المعارضة التركية وخبراء الاقتصاد في تركيا، في كوارث اقتصادية منذ تعيينه في منصبه صيف العام 2018.
وحسب البنك المركزي، الذي يستهدف خفض معدل تضخم يقبع فوق الـ20%، إلى نسبة 5%، فإن ضغط التضخم مؤقت وضروري لتوسيع النمو الاقتصادي. لكن بالنظر إلى انهيار الليرة، يتوقع الاقتصاديون إلى جانب وكالات التصنيف الائتماني الدولية، أن يرتفع التضخم إلى ما يقرب من 30% العام المقبل بسبب ارتفاع أسعار الواردات إلى حد كبير.
وفي 2016 كان الدولار يساوي ثلاث ليرات، وفي أول العام الحالي وصل إلى 7.43 ليرة للدولار، لكنه الآن يحلق عند مستوى 17 ليرة. ويؤكد محللون أن الهبوط الحاد، الذي تتعرض له الليرة التركية في الوقت الراهن، من أكثر العوامل خطورة على الاقتصاد التركي بصفة عامة، وعلى بعض القطاعات على وجه التحديد، وأن النهج غير التقليدي، الذي يصر عليه إردوغان، قضى على قيمة مدخرات المواطنين وألقى بشرائح من المجتمع التركي تحت خط الفقر الرسمي.



رئيس «الفيدرالي»: أسعار الفائدة ستصل «بمرور الوقت» إلى مستوى محايد

شاشة في قاعة التداول ببورصة نيويورك تعرض مؤتمراً صحافياً لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» (أرشيفية - رويترز)
شاشة في قاعة التداول ببورصة نيويورك تعرض مؤتمراً صحافياً لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس «الفيدرالي»: أسعار الفائدة ستصل «بمرور الوقت» إلى مستوى محايد

شاشة في قاعة التداول ببورصة نيويورك تعرض مؤتمراً صحافياً لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» (أرشيفية - رويترز)
شاشة في قاعة التداول ببورصة نيويورك تعرض مؤتمراً صحافياً لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» (أرشيفية - رويترز)

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، يوم الاثنين، إن الاقتصاد الأميركي يبدو مستعداً لتباطؤ مستمر في التضخم؛ ما سيسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة القياسي والوصول «بمرور الوقت» إلى مستوى لم يعد يعوق النشاط، في تصريحات لم تظهر أي ميل واضح نحو وتيرة أسرع أو أبطأ لخفض أسعار الفائدة.

أضاف باول في تصريحات أعدها لإلقائها في مؤتمر الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال في ناشفيل بولاية تينيسي: «كان الانكماش واسع النطاق، وتشير البيانات الأخيرة إلى مزيد من التقدم نحو العودة المستدامة إلى 2 في المائة».

وقال: «إذا تطور الاقتصاد على نطاق واسع كما هو متوقع، فستتحرك السياسة بمرور الوقت نحو موقف أكثر حياداً، لكننا لسنا على أي مسار محدد مسبقاً. المخاطر ذات جانبين، وسنستمر في اتخاذ قراراتنا اجتماعاً تلو الآخر».

خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية في اجتماعه في 17 و18 سبتمبر (أيلول)؛ ما أدى إلى خفض نطاق سعر الفائدة من أعلى مستوى له في عشرين عاماً عند 5.25 في المائة - 5.50 في المائة، والذي حافظ عليه لمدة 14 شهراً، إلى النطاق الحالي 4.75 في المائة - 5.00 في المائة.

وأظهرت التوقعات الاقتصادية الصادرة في ذلك الاجتماع أن متوسط ​​توقعات صانعي السياسات هو أن ينخفض ​​​​السعر إلى نطاق 4.25 في المائة - 4.50 في المائة بحلول نهاية العام، إلى نطاق 3.25 في المائة - 3.50 في المائة بحلول نهاية عام 2025، وأن ينتهي تخفيف السياسة في عام 2026 بمعدل حول المستوى «المحايد» الأطول أمداً المقدَّر عند 2.9 في المائة، لكن المستثمرين منقسمون حول ما إذا كان البنك المركزي الأميركي سينزلق إلى سلسلة من التخفيضات (ربع نقطة مئوية الآن)، أو ربما يُطلب منه إجراء خفض كبير آخر إذا ضعفت سوق العمل، أو تباطأ التضخم أكثر من المتوقع.

ومع ذلك، تؤدي إشارة باول إلى المخاطر «ذات الوجهين» إلى نقاش مفتوح مع تراكم البيانات، حيث يعد إصدار تقرير التوظيف الأميركي لشهر سبتمبر، يوم الجمعة، هو الأول من تقريرين رئيسيين لسوق العمل سيتلقاهما «الاحتياطي الفيدرالي» قبل اجتماعه في 6 - 7 نوفمبر (تشرين الثاني).

وأظهرت أحدث بيانات التضخم معدلاً رئيسياً بنسبة 2.2 في المائة فقط، بالقرب من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي، في حين توقف مقياس «أساسي» خالٍ من تكاليف الغذاء والطاقة عند نحو 2.6 في المائة إلى 2.7 في المائة لمدة 4 أشهر.

ومع ذلك، قال باول إنه شعر بأن «الظروف الاقتصادية الأوسع... تمهد الطريق لمزيد من الانكماش». وأوضح أن أسعار السلع كانت في انخفاض، في حين شهدت الجوانب التي كانت متماسكة في صناعة الخدمات التضخمَ الآن «وهو قريب من وتيرة ما قبل الوباء». وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي إن التقدم في التضخم في الإسكان كان «بطيئاً»، لكن «معدل النمو في الإيجارات المفروضة على المستأجرين الجدد يظل منخفضاً. وقال باول إن سوق العمل لا تزال «قوية»، مع معدل بطالة منخفض يبلغ 4.2 في المائة، وهو مستوى قريب من المستوى الذي يعده مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي مستداماً في الأمد البعيد مع تضخم عند هدف البنك المركزي. أضاف: «بشكل عام، الاقتصاد في حالة قوية؛ نعتزم استخدام أدواتنا للحفاظ عليه هناك»، لافتاً إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي حقق «قدراً كبيراً من التقدم» في خفض التضخم دون ارتفاع حاد في البطالة.