اتفاق يُنهي التصعيد العسكري في جنوب ليبيا

عضوان من اللجنة العسكرية التابعة لـ«الجيش الوطني» لتسلم آليات تابعة لـ«الكتيبة 116» (إدارة التوجيه المعنوي بالجيش)
عضوان من اللجنة العسكرية التابعة لـ«الجيش الوطني» لتسلم آليات تابعة لـ«الكتيبة 116» (إدارة التوجيه المعنوي بالجيش)
TT

اتفاق يُنهي التصعيد العسكري في جنوب ليبيا

عضوان من اللجنة العسكرية التابعة لـ«الجيش الوطني» لتسلم آليات تابعة لـ«الكتيبة 116» (إدارة التوجيه المعنوي بالجيش)
عضوان من اللجنة العسكرية التابعة لـ«الجيش الوطني» لتسلم آليات تابعة لـ«الكتيبة 116» (إدارة التوجيه المعنوي بالجيش)

نجحت جهود مجلس أعيان وحكماء مدينة سبها، الواقعة جنوب ليبيا، في احتواء النزاع المسلح الذي اندلع في مناطق عدة بالمدينة، وخلّف قتلى وجرحى خلال اشتباكات بين «قوة مكافحة الإرهاب» التابعة للمجلس الرئاسي، وقوات تابعة لـ«الجيش الوطني»، مما أشاع أجواءً من التوتر في المنطقة التي لا تزال هدفاً لعمليات «الجماعات الإرهابية»، وتعاني من تردي مستوى المعيشة. واندلع النزاع المسلح بين القوتين منتصف الأسبوع الماضي، قبيل إعلان مديرية أمن سبها أن قوات تابعة لـ«الجيش الوطني»، وآمر مجموعة عمليات المنطقة الجنوبية، اللواء المبروك سحبان، استولت على 11 سيارة شرطة، وقامت باقتياد أفراد شرطة إلى «قاعدة براك» في بلدية الشاطئ، محذرةً من تراجع الأوضاع الأمنية بسبب استهداف القوات وآلياتهم، التي تعمل على تأمين الاستحقاق الانتخابي المنتظر.‏
وتسببت الاشتباكات في مقتل شخصين، بالإضافة إلى عدد من الجرحى، ما أدى إلى تعطل العمل بالمؤسسات الحكومية، وتوقف الدراسة، وانتشار حالة من الذعر بين المواطنين. وقالت عضو مجلس النواب عن مدينة سبها، فاطمة بوسعدة، رئيس «تكتل الوحدة الوطنية الليبية النيابي»، أمس، إن القيادات الاجتماعية بالمدينة «تمكنت من وأد الفتنة قبل ولادتها»، وذلك بفضل اتفاق يقضي بإنهاء التصعيد العسكري في المدينة. وفيما ثمّنت النائبة «الروح الوطنية» التي عمّت الاجتماعات، وأفضت إلى الاتفاق في ظل ضبط النفس والانضباط، الذي أبدته القيادات العسكرية بالمدينة، دعت إلى البناء على الاتفاق، والتعاون والتنسيق المستمر بين الجميع في سبها، وتجنب أي تصعيد لدعم الاستقرار هناك. وسبق للنائبة إدانة إدخال سيارات عسكرية إلى المدينة، دون تنسيق مسبق مع القوات المسلحة التي تؤمّن المنطقة، وقالت إن «الطرف المُهاجم لا يمثل أي قبيلة أو مكون اجتماعي في المدينة، وهو أمر فردي يتعلق بمن ارتكبه». من جهته قال حسن الرقيق، الناطق باسم مجلس أعيان وحكماء سبها، إن الاتفاق الذي جنّب سبها الاقتتال «يقضي بعودة كل التشكيلات المسلحة إلى مقراتها». بينما تحدث اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، عن جانب من الاتفاق، الذي تم بين آمر منطقة سبها العسكرية اللواء فوزي المنصوري، التابع للقيادة العامة، وأعيان وحكماء القبائل المدينة، وعلى رأسهم قبيلة «أولاد سليمان»، والذي يقضي بتسليم أسلحة ومقرات «الكتيبة 116» التابع للمجلس الرئاسي، الذي يترأسه مسعود جدي، حفاظاً على أرواح أهالي المدينة، وذلك بعد التوتر الذي عاشته الثلاثاء الماضي بعد إقالة الأخير، وتعيين العميد علي الذيب بدلاً منه. وأضاف المحجوب أن القيادة العامة شكّلت لجنة عسكرية لاستكمال إجراءات تسليم المقرات والأسلحة، بإشراف مباشر من آمر غرفة عمليات الجنوب اللواء مبروك سحبان، واللواء المنصوري. وسبق للشيخ علي أبو سبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان، توجيه نداء استغاثة فور اندلاع الاشتباكات إلى السلطات الليبية بـ«التدخل السريع والعاجل» لإنقاذهم من الحرب، التي يجري الاستعداد لها بسرعة جنونية، وقال إنها «ستندلع خلال الساعات المقبلة»، لافتاً إلى أن الأوضاع المعيشية لمواطني المدينة لم تعد تُحتمل في ظل نقص الخدمات الحكومية، وشح الوقود حتى في المحطات الخاصة. وشهد بعض مدن الجنوب الليبي عمليات إرهابية عدة، تبناها تنظيم «داعش» خلال السنوات الماضية، ما تسبب في مقتل العشرات، ووقوع عديد الجرحى. كما سبق لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، تأكيد أن بلادها لن تكون «قاعدة خلفية لا رسمياً ولا فعلياً، لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، ولن تكون أراضيها قاعدة لأي جهة أو دولة كانت، باستثناء الدولة الليبية».
ومع قيام كل حكومة جديدة في ليبيا، يأمل سكان مدن الجنوب أن يجدوا حلاً لأزماتهم المتراكمة منذ عقد، لكن يبدو أن كثرتها وتجذرها يضع المسؤولين التنفيذيين في موضع «العاجز عن التعاطي معها، وإيجاد حلول لها»، وفق تصريح عدد كبير من سكان المناطق الواقعة في أقصى الصحراء الليبية، خصوصاً مع تصارع جبهتي شرق وغرب ليبيا على بسط سلطة كل منهما على هذه المنطقة.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».