تحقيقات انفجار مرفأ بيروت تفجّر «حرباً» بين قضاة لبنان

رئيس سابق لمجلس «شورى الدولة»: السياسيون يحكمون لبنان بقانون المزرعة

TT

تحقيقات انفجار مرفأ بيروت تفجّر «حرباً» بين قضاة لبنان

ترتفع يوماً بعد يوم وتيرة المواجهة بين أحزاب السلطة اللبنانية والسلطة القضائية على خلفية التحقيقات في جريمة انفجار مرفأ بيروت، والإجراءات التي يتبعها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ما فجرّ حرباً غير مسبوقة بين القضاة أنفسهم، بالنظر لتضارب الآراء والاجتهادات حول مسار التحقيق، والخطة التي يعتمدها البيطار وإصراره على ملاحقة رئيس الحكومة السابق حسّان دياب، ووزراء ونواب وقادة أمنيين وعسكريين.
ولم تمضِ أيام قليلة على قرار محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضية رندا كفوري، التي قررت كفّ يد المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري عن مواكبة التحقيق في هذا الملفّ، وإبداء رأيه في المذكرات والدفوع الشكلية والمراسلات التي تجري بين المحقق العدلي وأطراف الدعوى، حتى تقدّم الخوري بدعوى ضدّ رئيسة المحكمة والمستشارين لديها، أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ضد محكمة التمييز بشخص القاضية كفوري والمستشارين لديها، الأمر الذي زاد من تعقيدات هذا الملفّ.
وطلب الخوري في شكواه «تصويب الخطأ الجسيم المرتكَب من المحكمة عبر قرارها ردّه عن متابعة النظر بقضية المرفأ، كما طلب إبطال القرار برمّته، لأنه في حال الأخذ به سيؤدي الأمر إلى تعطيل عمل النيابات العامة في كل لبنان، ويجعل كل قاضٍ فيها خاضعاً للرد باعتبار أنه سبق وأعطى رأياً مسبقاً، وهو أمر من طبيعة عمل النيابة العامة».
وسبق دعوى الخوري ضدّ محكمة التمييز، موقف تصعيدي اتخذته النيابة العامة التمييزية، قررت بموجبه مقاطعة جلسات الغرفة السادسة في محكمة التمييز، عملاً بوحدة النيابة العامة ونتيجة هذا الاجتهاد الذي تعدّه مخالفاً للأصول القانونية، وهو ما أدى إلى تعطيل جلسات هذه المحكمة، إذ لا يصحّ قانوناً عقد جلسات للمحاكمة العلنية، إلا بحضور المدعي العام الذي يمثّل الحق العام ويعدّ طرفاً أساسياً، ووجوده يبقى إلزامياً لإبداء رأيه بكل ما يثار خلال جلسات المحاكمة.
ولا تختلف المراجع القضائية على أن الحرب المتنامية بين القضاة تزيد من أزمة الثقة بين المواطنين والسلطة القضائية، إلا أن كل طرف يُلقي باللائمة على الآخر، حيث برّر مصدر في النيابة العامة التمييزية، خطوة الخوري بأنها «محاولة لقطع الطريق على تشريعات سابقة غير معهودة في تاريخ القضاء اللبناني». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «ردّ أي مدّعٍ عام أو تنحيته عن الملفّ غير قابلين للبحث إلا في مرحلة التحقيقات الأولية»، مذكّراً بأن القاضي الخوري «هو الذي أجرى التحقيقات الأولية في قضية انفجار المرفأ، وهو مَن اتخذ القرار بتوقيف المدعى عليهم بالملفّ، وسارع إلى الادعاء عليهم وأحالهم إلى المحقق العدلي، وأي طعن بصوابية إجراءاته يعرّض كلّ التحقيقات للإبطال»، لافتاً إلى أنه «لم يسبق أن تم كفّ يد أي مدّعٍ عام في تاريخ القضاء اللبناني».
وإذ اعترف المصدر نفسه بأن «مقاطعة النيابة العامة لجلسات محكمة التمييز التي ترأسها القاضية كفوري تعدّ سابقة غير مألوفة أيضاً»، أوضح أن «المقاطعة لم تكن لأسباب شخصية من القاضية كفوري، بل لتأكيد أهمية دور النيابة العامة وعدم تخطيها في جميع الملفات»، مشدداً على أن المحكمة «لا تستطيع أن تقيّد النيابة العامة في آرائها ومواقفها في أي قضية».
وبرز تعارض في الرأي القانوني بين ما ذهبت إليه النيابة العامة، عبر اتهام محكمة التمييز بارتكاب سابقة في المخالفة لجهة ردّ القاضي غسان الخوري، وبين محاكم التمييز برمتها، إذ أوضح مصدر في محكمة التمييز لـ«الشرق الأوسط»، أن قانون القضاء العدلي واضح، وهو يحدد الآلية التي يمكن من خلالها ردّ قضاة الاستئناف وقضاة التمييز سواء كانوا في النيابة العامة أو في المحاكم، معتبراً أن «الحديث عن سابقة خطيرة لا يقع في مكانه الصحيح».
وأثار هذا الصراع استياءً واسعاً في الأوساط القضائية، التي رأت أن ما يحصل «يعكس الصورة الحقيقية لاستضعاف السلطة القضائية وهيمنة أمراء الحرب عليها». ورأى رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر، أن «التصدّع داخل الجسم القضائي مردّه إلى أن أمراء الحرب الذين تسلّموا السلطة منذ عام 1990 لم ينفّذوا اتفاق الطائف الذي شددّ على ضرورة بناء دولة القانون، لا بل استبدلوا بدولة القانون دولة المزرعة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «انفجار مرفأ بيروت فجّر الصراع بين مناصري شريعة الغاب، وبين من يريد بناء دولة القانون والمؤسسات»، معتبراً أن «السلطة السياسية قررت أن تحكم لبنان بـ(قانون المزرعة)، وذهبت نحو ترويض القضاء عبر تعيين أزلامها في المناصب الحساسة».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.