انتخابات بالجملة في أميركا اللاتينية... و«أم المعارك» تُحسَم غداً في تشيلي

مرشح اليمين المتطرف خوسي أنطونيو كاست والمرشّح اليساري غابرييل بوريك (رويترز)
مرشح اليمين المتطرف خوسي أنطونيو كاست والمرشّح اليساري غابرييل بوريك (رويترز)
TT

انتخابات بالجملة في أميركا اللاتينية... و«أم المعارك» تُحسَم غداً في تشيلي

مرشح اليمين المتطرف خوسي أنطونيو كاست والمرشّح اليساري غابرييل بوريك (رويترز)
مرشح اليمين المتطرف خوسي أنطونيو كاست والمرشّح اليساري غابرييل بوريك (رويترز)

تشهد أميركا اللاتينية، منذ مطلع الشهر الماضي، سلسلة من الانتخابات الرئاسية والاشتراعية (النيابية) الحاسمة، التي تنذر بتغيير المشهد السياسي ورفع منسوب التوتر في بلدانها، وذلك وسط أزمات اقتصادية واضطرابات اجتماعية تفاقمت بفعل جائحة «كوفيد»، وما ترتّب عنها من تداعيات على جميع المستويات.
في الأرجنتين أسفرت الانتخابات العامة الأخيرة عن انتكاسة قوية للتحالف البيروني الحاكم. إلا أنه رغم تراجعه في معظم المقاطعات الرئيسة، بما فيها العاصمة بوينس آيريس، تمكّن من الصمود وتحاشي هزيمة قاسية كانت تلوح في الأفق وتهدد تماسك القوى التي يقوم عليها. كذلك أسفرت تلك الانتخابات عن مفاجأة كبرى تمثّلت بدخول اليمين المتطرف للمرة الأولى إلى مجلس الشيوخ بعشرة أعضاء، مع أنه لم يترشّح سوى في عدد محدود جداً من المقاطعات.
أما في أميركا الوسطى، فلم تحمل الانتخابات الرئاسية في نيكاراغوا أي مفاجأة، إذ كان فوز الرئيس اليساري الحالي دانييل أورتيغا مؤكداً، بعدما حصر المنافسة بينه وثلاثة من المرشحيّن الصوريين الذين اختارهم هو... وبعدما كان قد دفع بعض خصومه إلى المنفى، وزجّ آخرين في السجن بتهم وجرائم ملفّقة.
في هوندوراس، «جارة» نيكاراغوا في أميركا الوسطى، لم تصد المخاوف التي سبقت انتخابات 28 الشهر الماضي من وقوع أعمال عنف، واحتمالات عودة العسكر إلى الإمساك بزمام الحكم في حال هزيمة المرشّح الذي تدعمه القوات المسلحة؛ إذ تمثّلت المفاجأة بالهدوء الذي ساد العملية الانتخابية والإجماع الذي أظهرته القوى السياسية في القبول بنتائجها. ولقد أسفرت الانتخابات عن فوز كاسح للقوى اليسارية التي كانت أبعدت عن السلطة بانقلاب عسكري في عام 2009.
كل ما سبق مضى وانقضى، إلا أن الاستحقاق الانتخابي الذي تترقبه أميركا اللاتينية كلها باهتمام كبير، ومن شأنه التأثير في انتخابات أخرى مقبلة وإعادة خلط الأوراق في الميزان السياسي الإقليمي المتأرجح باستمرار بين اليمين واليسار... هو استحقاق الانتخابات الرئاسية في تشيلي التي تجرى دورتها الثانية يوم غد الأحد.
ينشأ الاهتمام الانتخابات التشيلية من عدة عوامل، بينها:
أولاً الرمزية التاريخية العالية لوصول الحزب الشيوعي إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع مع سالفادور الليندي، ثم إسقاطه على يد الانقلاب العسكري الدموي الذي قاده الجنرال أوغوستو بينوتشيت عام 1973 بدعم من الولايات المتحدة. ولقد رعت واشنطن لاحقاً نظام بينوشيت الذي عقب الانقلاب واستمرّ 17 سنة تحت راية القمع والتنكيل بكل خصومه.
وثانياً، لأن تشيلي كانت أوشكت أخيراً على طي صفحة الديكتاتورية بشكل نهائي بعد انتخاب هيئة مدنية لوضع دستور جديد للبلاد، قبل أن يعود اليمين المتطرف إلى الصعود مجدداً مع تقدّم مرشّحه الرئاسي خوسي أنطونيو كاست في الدورة الأولى للانتخابات على المرشّح اليساري غابرييل بوريك. وهكذا، مع كاست عاد الخطاب السياسي الذي ظنّ التشيليون أنهم دفنوه إلى غير رجعة.
حصل كاست في الدورة الأولى على 27.9 في المائة من الأصوات مقابل 25.8 في المائة لمنافسه المرشح اليساري. وهكذا، استعادت تشيلي شعارات «محاربة الفاشية» و«إنقاذ الوطن من الشيوعية» مع تأهل الرجلين إلى الدور الثاني الحاسم غداً. وللعلم، احتار المراقبون في تفسير ظاهرة صعود اليمين المتطرف بعد الاستفتاء الأخير الذي أسفر عن تأييد 78 في المائة من السكان لبناء «عقد اجتماعي جديد» عن طريق عملية دستورية تطوي نهائياً مرحلة النظام العسكري الذي كان رسّخ جذوره في النصوص الدستورية والتشريعية.
ويرى بعض المراقبين أن هذا الالتفاف المفاجئ حول اليمين الجديد - الذي ينضوي تحت راية الحزب الجمهوري - قد يعود لأسباب عدة، منها رفض النموذج الذي يقترحه المرشح اليساري، أو كردة فعل لاستعادة المجد السابق على طراز الشعار الذي رفعه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أو حتى كانعكاس للتحولات الثقافية العميقة التي شهدها المجتمع التشيلي منذ عودة الديمقراطية.
وهنا تجدر الإشارة أن جميع استطلاعات الرأي التي أجريت في تشيلي خلال العقود الثلاثة الماضية أظهرت تأييداً شعبياً واسعاً لصون الحريات الفردية، وأيضاً لدور الدولة الأساسي في توفير الخدمات الأساسية في الصحة والتعليم والمعاشات التقاعدية، التي كانت القرارات بقطعها أوائل عام 2019 الصاعق المفجّر للاحتجاجات الشعبية العارمة والصدامات العنيفة التي وقعت بين الطلاب والأجهزة الأمنية وأدت إلى تراجع الحكومة عن جميع قراراتها.
الحزب الجمهوري كان مُني بهزيمة قاسية في الانتخابات البلدية التي أجريت في مايو (أيار) الماضي، فضلاً عن أن المرشّح اليميني المتطرف للرئاسة خوسي أنطونيو كاتس كان دعا إلى التصويت ضد تشكيل الهيئة المدنية لوضع دستور جديد، التي أيدتها غالبية ساحقة بينها أكثر من نصف الناخبين المحافظين. كل هذا يثير حيرة المراقبين ويزيد من الترقّب لمعرفة مآل هذا الاستحقاق الانتخابي.
يبقى أخيراً القول إن بعض التفسيرات لهذا التحوّل في المزاج الانتخابي التشيلي قد تكمن في لجوء مرشّح اليمين المتطرف إلى استغلال أزمة الهجرة في بعض المناطق الشمالية من البلاد حيث زاد عدد المهاجرين عن عدد السكان المحليين. ومن ثم إلى رفعه شعار «الأمن والاستقرار» بعد أعمال العنف والنهب وتدمير الممتلكات العامة التي رافقت الاحتجاجات الطلابية الأخيرة، وتأثيرها على الرخاء الاقتصادي الذي حققته تشيلي في العقود الثلاثة الماضية، وجعلها قدوة في محيطها وخارجه، وفتح لها أبواب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.



مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
TT

مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)

تجمّع آلاف البوذيين، أول من أمس الأحد، في وسط بورما؛ للمشاركة في إحياء طقوس دينية شعبية شكّل الاحتفال بها فاصلاً ملوّناً، وسط النزاع الدامي الذي تشهده الدولة الآسيوية.
وحالت جائحة «كوفيد-19» وانقلاب فبراير (شباط) 2021 لعامين متتاليين دون أن تشهد بيين أو لوين، هذا الاحتفال باكتمال القمر الذي يصادف نهاية موسم الأمطار المعروف بـ«تازونغداينغ» أو مهرجان الأضواء. وارتفعت مناطيد الهواء الساخن في الليل البارد وعليها صور لبوذا وأنماط ملونة تقليدية؛ ومنها الدب الأبيض.
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، تتولى لجنة تحكيم اختيارَ الأجمل منها، الذي يصل إلى أكبر علو ويطير أطول وقت بين 76 منطاداً تشارك في الأيام الخمسة للاحتفالات.
ويترافق هذا الحدث مع كرنفال وعرض رقص تقليدي يوفّر جواً من البهجة بعيداً من أخبار النزاع الأهلي، الذي أودى بحياة ما بين 2400 و4000 شخص في نحو عامين.
وإذا كان الاحتفال بـ«تازونغداينغ» راسخاً في التقاليد البوذية، فإن البريطانيين الذين كانوا يستعمرون بورما هم الذين كانوا وراء مسابقة المناطيد في نهاية القرن الـ19.
ودرَجَ عشرات الآلاف من البورميين والأجانب الفضوليين في السنوات الأخيرة، على حضور هذه الاحتفالات المعروفة على السواء بألوانها وبالخطر الذي تنطوي عليه، إذ تُحمَّل المناطيد بالألعاب النارية التي قد تسبب كارثة إذا انفجرت قبل الأوان.
ويعود الحادث الأخطر إلى عام 2014 عندما قُتل 3 متفرجين بفعل سقوط منطاد على الحشد في تونغي، وسط بورما.