حشود الحوثيين تنكسر جنوبي مأرب والحكومة اليمنية تتهم إيران بالتصعيد

مقتل 180 حوثياً بضربات «التحالف» وتدمير 20 آلية عسكرية

TT

حشود الحوثيين تنكسر جنوبي مأرب والحكومة اليمنية تتهم إيران بالتصعيد

واصل تحالف دعم الشرعية في اليمن، أمس (الجمعة)، إسناد قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية في جبهات مأرب والجوف، معلناً مقتل عشرات الحوثيين وتدمير آلياتهم العسكرية، في وقت اتهمت الحكومة اليمنية النظام الإيراني بـ«التصعيد» في مواجهة دعوات السلام والتهدئة.
وفي حين أكدت مصادر الإعلام العسكري أن حشود الميليشيات الحوثية انكسرت في مأرب، لا سيما في الجبهة الجنوبية، قال تحالف دعم الشرعية، في بيان بثته «واس»، إنه نفذ 29 عملية استهداف ضد الميليشيا في محافظتي مأرب والجوف خلال 24 ساعة، مؤكداً أن الاستهدافات دمرت 20 آلية عسكرية وقضت على أكثر من 180 عنصراً إرهابياً.
وفي سياق الدعم الجوي لعمليات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية وحماية المدنيين من الهجمات الحوثية الوشيكة، أكد التحالف تدمير موقع لإطلاق الطائرات المسيرة في شمال مدينة الحزم بمحافظة الجوف.
هذه التطورات جاءت غداة خسائر غير مسبوقة تكبدتها الميليشيات الحوثية في ثلاث جبهات جراء ضربات تحالف دعم الشرعية التي قضت على أكثر من 615 عنصراً إرهابياً مع تدمير عشرات الآليات العسكرية.
في السياق الميداني نفسه، أفاد الإعلام العسكري للجيش اليمني بأن القوات مسنودة بالمقاومة الشعبية دحرت الميليشيا الحوثية من عدة مواقع جنوبي مأرب وكبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصادر عسكرية، قولها إن «طيران تحالف دعم الشرعية استهدف بعدة غارات تجمعات لميليشيا الحوثي في مواقع متفرقة جنوبي مأرب وألحق بها خسائر بشرية ومادية كبيرة».
وبحسب ما تقوله مصادر ميدانية، فإن قوات الجيش اليمني بإسناد من تحالف دعم الشرعية كسرت هجمات الحوثيين شرقي جبل البلق والمناطق الصحراوية المحيطة به، واستعادت العديد من المواقع.
في الأثناء، وصف رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، صمود مأرب وتماسكها في إفشال مشروع إيران الدموي في اليمن عبر وكلائه من ميليشيا الحوثي الإجرامية، بأنه «عنوان للانتصار الكبير القادم لليمن في استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، في ظل استمرار رفض الميليشيا لكل فرص ودعوات السلام».
ونقلت المصادر الحكومية الرسمية أن عبد الملك جدد، خلال اتصال هاتفي أجراه مع محافظ مأرب سلطان العرادة، دعم الحكومة الكامل «لصمود مأرب بكل الوسائل والإمكانات اللازمة حتى تحقيق النصر لليمن بأكمله».
واتهم عبد الملك الميليشيات الحوثية ومن ورائها إيران بأنها «ما زالت تقابل الدعوات الأممية والدولية بالوقف الفوري للهجوم على مأرب بالمزيد من التصعيد واستهداف المدنيين والنازحين وتنفيذ جرائم متكررة ضد الإنسانية (...) على مرأى ومسمع من العالم أجمع».
وجاء في تصريحات رئيس الحكومة اليمنية أن «آخر الدعوات التي أطلقتها الرباعية الدولية ستواجه كالعادة بتعنت الميليشيا الحوثية، طالما لم تواجه بعقوبات دولية رادعة على جرائمها ومجازرها بما في ذلك استهدافها المتكرر للأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية».
وقال عبد الملك: «التصعيد الحوثي المستمر يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لمدى جديته في التعاطي مع قضايا النازحين والمدنيين، ويضع الحكومة وجميع القوى السياسية والشعبية أمام مسؤوليتها في الدفاع عن أبناء الشعب وعدم الركون لغير رصّ الصفوف وتوحيد الجهود في مواجهة الميليشيات العنصرية ونفوذ إيران الدموي في المنطقة».
وبحسب ما نقلته وكالة «سبأ»، وجّه رئيس الوزراء اليمني «الوزارات والجهات ذات العلاقة بمضاعفة التنسيق مع السلطة المحلية بمحافظة مأرب للوقوف على احتياجات النازحين والمدنيين والعمل بكل الإمكانات المتاحة لتوفير الغذاء والدواء والإيواء العاجل لهم».
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية لا تزال ترفض مساعي السلام الأممية والدعوات الدولية والإقليمية، وتواصل حشد مجنديها باتجاه مأرب، رغم تصاعد التنديد الدولي والأممي بسلوك الجماعة.
وكان القيادي الحوثي حسين العزي المعين في منصب نائب وزير الخارجية في حكومة الانقلاب الحوثية غير المعترف بها، أكد إصرار الميليشيات على المضي في الحرب.
وقال، في تغريدة على «تويتر»، إن جماعته لن تتوقف عن القتال حتى لو استمرت الحرب 100 عام - بحسب تعبيره، وإنها «لن تبالي أو تتأثر بلوم اللائمين». وأضاف: «فليلمنا العالم كله وليرفعوا أصواتهم بالإدانة والشجب حتى تتمزق حبالهم الصوتية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.