السجن مدى الحياة و30 عاما لأربعة من مداني «بلاكووتر» الأميركية

القضاء يقول كلمته في حادث مقتل عراقيين إبان الاحتلال الأميركي للعراق

السجن مدى الحياة و30 عاما لأربعة من مداني «بلاكووتر» الأميركية
TT

السجن مدى الحياة و30 عاما لأربعة من مداني «بلاكووتر» الأميركية

السجن مدى الحياة و30 عاما لأربعة من مداني «بلاكووتر» الأميركية

اصدر القضاء الاميركي، اليوم (الاثنين)، في واشنطن أحكاما قاسية بالسجن على "مرتزقة" سابقين في شركة الأمن الاميركية الخاصة (بلاكووتر)، بعد ادانتهم بقتل 14 مدنيا عراقيا على الاقل في بغداد في 2007.
وحكم على نيكولاس سليتن الموظف السابق لدى "بلاكووتر" بالسجن مدى الحياة، بينما حكم على ثلاثة آخرين بالسجن لمدة 30 عاما.
وأعلن القاضي رويس لامبرث "أنها جريمة خطيرة... ومن الواضح ان المتهمين أصيبوا بالهلع".
وكان موظفو "بلاكووتر"، التي تغير اسمها منذ ذلك الحين، مكلفين أمن موكب دبلوماسي اميركي في 16 سبتمبر (ايلول) 2007 في ساحة النصر عندما فتحوا النار على عربات ومارة في المكان مستخدمين قاذفات قنابل يدوية ورشاشات وبنادق.
وقتل 14 مدنيا عراقيا في ساحة النسور حسب المحققين الاميركيين و17 حسب المحققين العراقيين، بينما أصيب 18 شخصا آخرين بجروح.
وأدين الموظفون الاربعة السابقون في "بلاكووتر" في أكتوبر (تشرين الاول) بعدد من الاتهامات تراوحت بين الاغتيال والقتل العمد.
وأجمع المحلفون على إدانة سليتن باغتيال مدني عراقي وزملائه الثلاثة آنذاك بول سلو وايفان ليبرتي وداستن هيرد بقتل 13 عراقيا.
وبعد شهرين من المداولات أقرت هيئة المحلفين بأن سليتن أقدم على القتل عن سابق تصور وتصميم. وجاء في وثائق قضائية انه قال قبل المجزرة لمقربين منه انه يريد "قتل أكبر عدد من العراقيين كي ينتقم لـ11 سبتمبر (ايلول)" 2001.
وشدد القاضي لامبرث "أدعم قرار هيئة المحلفين بالكامل". وأضاف أمام القاعة التي حضر فيها عدد كبير من مؤيدي "المرتزقة" السابقين ارتدى بعضهم قمصانا كتب عليها "بلاكووتر" أن "المحكمة لا يمكن ان تؤيد مثل هذا العمل الوحشي".
وكان الادعاء طالب بعقوبات تتراوح بين السجن لـ47 و57 عاما. فيما دفع المتهمون ببراءتهم.
وذكر بيل هيبرليغ محامي سلو خلال مرافعته بسياق "التهديد الخطير ما بعد 11 سبتمبر في بغداد".
وعلق سلو بالقول "أشعر بأن الحكومة التي خدمتها بشرف تخلت عني"، بينما قال ليبرتي "الله شاهد على اقوالي لقد اطلقت النار على شخصين يرتديان زيا رسميا عراقيا كانا يطلقان النار علي".
وأدى الحادث الى تفاقم الشعور بالعدائية ضد الاميركيين في العراق، إلا انه أبرز ايضا إفلات شركات الامن الخاصة من العقاب في البلاد.
واضطرت "بلاكووتر" بعد الحادث الى وقف نشاطاتها في العراق. إلا ان الوثائق الدبلوماسية التي نشرتها ويكيليكس كشفت عن المئات من الموظفين السابقين في الشركة واصلوا العمل في العراق انما لحساب شركات أخرى.
وقبل صدور الحكم، تساءلت فاطمة الفدوي الكناني والدة طفل في التاسعة من العمر قتل برصاص سلاح رشاش "لدي سؤال ... لماذا قتلتم ابني؟"، بحسب ترجمة أقوالها.
وطلب محمد الكناني والد الطفل من القاضي ان "يظهر لبلاكووتر و(رئيس مجلس ادارتها السابق) اريك برينس ما هو القانون".
واستدار سلو باتجاه والد الطفل وقال "لم أكن قادرا ولم اقتل ابنك".
وقال محامو سلو ان الفتى قتل برصاص رشاش من طراز ام-240 بينما سلو كان يستخدم سلاحا آخر.
وذكر القاضي الاثنين بان المتهمين الاربعة اكدوا انهم ردوا على اطلاق نار بينما لم يتقدم اي شاهد لدعم أقوالهم.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.