واشنطن تقيد «كيانات» تساعد إيران «عسكرياً»

سياج يحيط بوزارة التجارة الأميركية في واشنطن (أرشيفية-رويترز)
سياج يحيط بوزارة التجارة الأميركية في واشنطن (أرشيفية-رويترز)
TT

واشنطن تقيد «كيانات» تساعد إيران «عسكرياً»

سياج يحيط بوزارة التجارة الأميركية في واشنطن (أرشيفية-رويترز)
سياج يحيط بوزارة التجارة الأميركية في واشنطن (أرشيفية-رويترز)

فرضت الولايات المتحدة قيوداً على كيانات تجارية بسبب مساعدتها إيران في برنامجها العسكري، والالتفاف على العقوبات الأميركية.
وأفادت وزارة التجارة في بيان أمس أنها اتخذت إجراءات ضد كيانات من ثلاث دول هي جورجيا وماليزيا وتركيا، لأنها «تحايلت» على القوانين الأميركية، بـ«تحويل أو محاولة تحويل العناصر الأميركية إلى البرامج العسكرية الإيرانية»، بحسب رويترز.
وتزامن إعلان وزارة التجارة الأميركية، ضد المتعاونين مع إيران في برامجها العسكرية، مع فرض قيود على الصادرات للعديد من الشركات الصينية، بسبب دورها في قمع الإيغور.
في الأثناء، دعا مسؤولون ودبلوماسيون (سابقون) أميركيون، إدارة جو بايدن إلى التفكير في «الخيار العسكري»، للضغط على إيران، ودفعها للتراجع عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية، وبرنامج طائرات المسيرة العسكرية، وكذلك مواجهة الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وطالب السيناتور الديمقراطي جوزيف ليبرمان، عضو مجلس الشيوخ سابقاً، إدارة الرئيس بايدن بالخروج من مفاوضات فيينا، معربا عن اعتقاده بأنه أفضل طريقة لـ«تحسين صورة» أميركا بعد الانسحاب من أفغانستان.
وقال ليبرمان خلال ندوة نظمتها «منظمة مجاهدي خلق (المعارضة الإيرانية)» مساء الأربعاء، «الخروج من أفغانستان بالطريقة التي حدثت أرسل رسالة إلى أعدائنا مثل الصين وغيرها، بأن أميركا في ضعف». واتهم إيران بأنها تضعف لبنان، وتهدد الاستقرار الإقليمي، وأن الوقوف ضد هذه الأعمال هو «وقوف مع مبادئنا في الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان»، لافتاً إلى تصرفات الحكومة الإيرانية في مواصلة «استهداف الأقليات وإرهاب الشعب» وقال «كيف لنا الوثوق بهذا النظام الإيراني والذهاب إلى فيينا للتفاوض معه؟». وأضاف «لا بد أن تكون لنا الكلمة الأقوى مع إيران. وأوصي بالانسحاب من المفاوضات والخروج منها، وجعل إيران من يتحمل ذلك ومن يطالب بعودتنا، حان الوقت لإيقاف هذا اللعب، ولا أرى أن هناك سيكون طريقاً سهلاً... يجب التفكير في أي عمل عسكري لحماية حلفائنا».
بدوره، اعتبر السفير روبرت جوزيف وكيل وزارة الخارجية السابق للحد من التسلح والأمن الدولي، والمبعوث الخاص لحظر انتشار الأسلحة النووية، أن الإدارة الحالية تدفع ثمنا باهظاً بسبب «الاتفاق النووي»، محذرا من رفع العقوبات عن النظام الإيراني، وعودة الملايين من الدولارات إلى طهران، «خطأ كبير». ورأى أن البرنامج العسكري الإيراني للطائرات المسيرة «مقلق للغاية» و«أكثر خطر في الوقت الحالي على المنطقة»، متهما إيران بأنها تستخدم المفاوضات في فيينا «لشراء الوقت، ومواصلة عمليات الدمار». وقال «أرى أن الخيار الأفضل هو مساعدة المعارضة الإيرانية والمقاومة لهذا النظام، هذا الخيار هو دليل على دعم السلام وليس الحرب».
وبدوره، قال ديفيد شيد، القائم بأعمال المدير السابق لوكالة استخبارات الدفاع، «أنا لا أمانع من الحديث مع إيران، ولكن الأهم هو تغيير النظام من الداخل، لكي يتغير حال الدولة والمنطقة».



بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)

يرى محللون أن إسرائيل بتنفيذها ضربات واسعة على أهداف عسكرية سورية، وسيطرتها على المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان، تسعى إلى «تجنّب الأسوأ» بعد سقوط حكم آل الأسد.

وقال يوسي ميكيلبرغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس في لندن، إن «الحكومة الإسرائيلية... تتصرف على أساس أسوأ السيناريوهات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار محللون إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة كان أهون الشرور بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تحالفه مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية، وحليفها «حزب الله» اللبناني، وذلك خوفاً من أن تؤدي إطاحته إلى فوضى.

وبُعيد سقوط الأسد، الأحد، شنّت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت «أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا؛ خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية».

واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أُقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلّت في سوريا أصلاً، ويتصّرفون وفقاً لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن نتنياهو أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وقالت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للدولة العبرية، إن انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يجب أن يكون «مؤقتاً»، بعدما قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1974.

ومذاك، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفاً خصوصاً مخازن أسلحة كيميائية ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية؛ لإبعادها عن أيدي المقاتلين.

وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى وقف فوري لعمليات القصف الإسرائيلية.

من جهته، قال المحلّل داني سيترينوفيتش، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يتوقع أن توسّع إسرائيل ضرباتها، موضحاً: «كل شيء استراتيجي في سوريا (...) الصواريخ والطائرات، وكذلك مركز البحوث العلمية (التابع لوزارة الدفاع)، كل شيء سيقصف».

وأضاف: «لا نعرف من سيتصدى لنا من الجانب السوري، سواء كان تنظيم (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيم آخر، لذلك علينا أن نكون مستعدين لحماية مدنيينا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات للجيش «بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم».

وقال أفيف أوريغ، المحلل في مركز المعلومات مئير عميت، إن مصدر القلق الرئيسي على المدى القصير بالنسبة إلى إسرائيل هو المخزونات المتبقية من الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.

وذكّر بالماضي الجهادي لبعض فصائل المعارضة السورية، موضحاً: «إذا وقعت هذه الأسلحة بين أيديهم فمن يدري ماذا سيفعلون بها؟».

لكنّ ميكلبرغ رأى أن تلك الطريقة «ليست الأفضل لبناء الجسور مع الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى كثافة الضربات الإسرائيلية وحجمها.

الأكراد والدروز

وفي وقت يسود فيه تفاؤل في سوريا بشأن مستقبل البلاد، يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن تكون البلاد مجزأة.

وقال إيال بينكو، وهو ضابط بحري متقاعد وخبير أمني، إنه يتوقع أن تنقسم سوريا إلى مجموعات إثنية - دينية، موضحاً: «أعتقد أنه لن تعود هناك سوريا».

من هذا المنطلق، يمكن لإسرائيل أن تختار مجموعات دون أخرى للعمل معها.

والاثنين، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن أكراد سوريا الذين وصفهم بأنهم «قوة الاستقرار»، يجب أن يتمتعوا بحماية المجتمع الدولي، فيما تحدث سابقاً عن العمل مع الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب.

وقال بينكو: «لا أعتقد أنهم سيحكمون سوريا... لكن إسرائيل ستحاول الدخول في سلام مع من يرغب فيه».

من جهته، رأى ميكيلبرغ أن العمل العسكري في الجولان، وتفضيل مجموعات على أخرى، سيشكلان خطأ من شأنه أن يضر بأي علاقة مستقبلية.

محادثات نووية

على مدى عقود، كانت سوريا حليفاً وثيقاً لطهران، والركيزة الأساسية للجسر البري الذي كانت تصل عبره الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله».

وبعدما تضرر بشدّة خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، قد يجد «حزب الله» الآن صعوبة في إعادة تسليحه دون روابط بسوريا.

وقال سيترينوفيتش إن سوريا «أساسية» بالنسبة إلى «حزب الله»، «وأنا أقول إنه دون سوريا تحت تأثير إيران، فلن يكون هناك في الواقع محور مقاومة».

وأيّده بينكو في ذلك قائلاً: «الخطر المرتبط بالمحور، (حزب الله) وسوريا وإيران والميليشيات العراقية أيضاً، أقل بكثير» الآن.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن لإيران أن ترد بينما أصبح موقفها أضعف؟ وقال سيترينوفيتش إن طهران قد «تسارع لإنتاج قنبلة (نووية)».

وهو ما قاله أيضاً أوريغ، مشيراً إلى أن ذلك يشكّل مصدر القلق الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل؛ «لأنه عندما تتعامل مع إيران مسلّحة نووياً، فإن الأمر سيكون مختلفاً تماماً».

إذا بدأت إيران تصنيع أسلحة ذرية، فقد تقرر إسرائيل القيام بعمل عسكري كما يتوقع البعض، لكنّ آخرين قدموا فرضية بديلة، وهي أنه يمكن جعل إيران تتفاوض بعدما أُضعفت الآن.