تساؤلات حول علاقة الإمساك وأمراض القلب والأوعية الدموية

أبحاث جديدة تسلط الضوء عليها

تساؤلات حول علاقة الإمساك  وأمراض القلب والأوعية الدموية
TT

تساؤلات حول علاقة الإمساك وأمراض القلب والأوعية الدموية

تساؤلات حول علاقة الإمساك  وأمراض القلب والأوعية الدموية

تلمح أبحاث جديدة إلى صلة محتملة بين هاتين الحالتين المرضيتين الشائعتين.
هل يجعل الإمساك المزمن الناس أكثر عُرضة لمشاكل القلب؟ تشير بعض الدراسات إلى أن الإجابة هي: أجل. غير أن الأدلة بعيدة كل البُعد عن الوضوح. وكما هو الحال بالنسبة لجميع نتائج دراسات الملاحظة، فإن الارتباط بين حالتين مرضيتين لا يعني أن أحدهما يسبب الآخر.

الإمساك المزمن
تقول الدكتورة كايل ستالر، اختصاصية أمراض الجهاز الهضمي بمستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد، «هناك مشكلة أخرى هي أن الإمساك يمكن تعريفه بطرق كثيرة، وبالتالي تختلف النتائج التي يصدرها مختلف الباحثين». يحدث للجميع نوع ما من الحالة من وقت لآخر تقريباً، ولكن الإمساك المزمن مختلف. وفي الواقع، لم تجد دراسات أخرى، بما فيها دراسة من إعداد الدكتورة ستالر، أي ارتباط بين الإمساك والحالات المتعلقة بالقلب.
ما هو الإمساك المزمن (chronic constipation)؟ غالباً ما يوصف الإمساك المزمن بأنه حالة تحصل عندما تكون لدى الشخص أقل من ثلاث حركات في الأمعاء أسبوعياً. ومن الأعراض الأخرى الشائعة:
- بذل الجهد أثناء الإخراج.
- وجود البراز المتكتل أو المتصلب.
- الشعور كما لو أن المستقيم أو الشرج مسدود.
- الحاجة لمساعدة لتفريغ المستقيم، مثل الضغط على بطنك السفلي بيديك أو استخدام إصبع لإزالة البراز.

علاقة مشكوك بصحتها
وقد استعانت دراسة نُشرت في 1 سبتمبر (أيلول) 2020 في دورية «بي إم جي أوبن» (BMJ Open) ببيانات من «السجل الوطني الدنماركي للمرضى» (Danish National Patient Registry) للوقوف على الرابطة ما بين الإمساك وأمراض القلب والأوعية الدموية. وقد طابق الباحثون بين أكثر من 83 ألف حالة شُخصت بالإمساك مع أكثر من 832 ألف شخص من نفس السن والنوع لم يُصابوا بالإمساك. وكان الإمساك مرتبطاً بارتفاع خطر الإصابة بالنوبة القلبية، والسكتة الدماغية، وأمراض الشرايين الطرفية (ضيق شرايين الساقين)، والرجفان الأذيني، وقصور القلب بنسبة تتراوح بين 20 في المائة إلى 50 في المائة.
لكن الكيفية التي عرف بها الباحثون الإمساك لم تكن واضحة. كما كانت الصلات أقوى خلال السنة الأولى بعد تشخيص الإمساك ثم تلاشت. وفي المعتاد، إذا كان هناك مرض يتسبب في مرض آخر، فهناك أثر تراكمي قائم، وتزداد الرابطة قوة وليس ضعفاً مع مرور الوقت، كما توضح الدكتورة ستالر.
ويشير الاتجاه في هذه الحالة إلى أن عوامل أخرى غير مدروسة، مثل الأمراض قصيرة الأجل واستخدام الأدوية، التي قد تسبب مشكلات القلب الزائدة لدى الأشخاص الذين يعانون من الإمساك.

فحص القناة الهضمية
كشفت النتائج عن استنتاج مثير للاهتمام قد يستحق المزيد من الدراسة. بالمقارنة مع الأشخاص الذين لم يُصابوا بالإمساك، كان المصابون به أكثر احتمالاً للإصابة بالتجلط الدموي في الأوردة (الجلطات الدموية الوريدية venous thromboembolism) بمقدار الضعف. وعادة ما يحدث هذا التجلط الدموي الخطير في الساقين. ولكن في حالات نادرة، تتشكل الجلطات في الأوردة التي تحمل الدم من أعضاء الجهاز الهضمي، بما فيها الأمعاء الغليظة (القولون). وهذه المشكلة، المعروفة باسم «التخثر الوريدي الحشوي» (splanchnic venous thrombosis)، كانت شائعة في الأشخاص المصابين بالإمساك أربع أضعاف أكثر منها في الذين لا يعانون منه.
تقول الدكتورة ستالر، إن العلاقة بين الإمساك والجلطات غير الشائعة أمر منطقي. وتضيف: «قد لا يعمل القولون كما ينبغي إذا كانت هناك مشكلات في تدفق الدم إلى الأمعاء. وفي حالات نادرة، يمكن للإمساك أن يشكل علامة تحذيرية على أمراض الأوعية الدموية في القناة الهضمية».
لا تبالغ في الاهتمام بهذا الاحتمال، كما تحذر الدكتورة ستالر. بعض الناس يميلون إلى المعاناة من الإمساك قليلاً، وربما هم هكذا طوال حياتهم. وبالنسبة إلى الآخرين، غالباً ما يكون الإمساك مشكلة مؤقتة لها سبب واضح، مثل السفر، أو تغيير الجدول الزمني، أو تناول دواء جديد. كما أن مسكنات الألم المخدرة المحتوية على «أوكسيكودون» (oxycodone) (بيركوسيت Percocet، بيركودان Percodan) معروفة بأنها تسبب الإمساك. ومن المسببات المحتملة الأخرى العقاقير المدرة للبول (التي تزيل السوائل من الجسم لعلاج ضغط الدم المرتفع)، ومكملات الحديد، ومضادات الحموضة المحتوية على الألومنيوم.
ولكن إذا كنت في الستينات أو السبعينات من عمرك، وأُصبت فجأة بالإمساك من دون سبب واضح، فقد يكون ذلك علامة مُقلقة وتستلزم زيارة الطبيب، كما تقول الدكتورة ستالر.
الجدير بالذكر أيضاً أن الإجهاد والضغط المرتفع لزيادة حركة الأمعاء يمكن أن يزيدا ضغط الدم مؤقتاً، مما يُعرض نظام القلب والأوعية الدموية للخطر. لذلك ينبغي اتخاذ خطوات لتجنب الإمساك أو معالجته، بما في ذلك تناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضراوات، والفواكه، والحبوب الكاملة، وشرب ما لا يقل عن 4 إلى 6 أكواب من السوائل يومياً.

* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

دراسة: التوتر النفسي يزيد من حساسية الجلد

التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة  (أرشيفية)
التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة (أرشيفية)
TT

دراسة: التوتر النفسي يزيد من حساسية الجلد

التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة  (أرشيفية)
التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة (أرشيفية)

اكتشف باحثون أدلة جديدة تساعد في فهم كيف يمكن للتوتر والضغط النفسي أن يزيدا من حساسية الجلد. ووجد الباحثون في دراسة منشورة بدورية (جورنال أوف أليرجي آند كلينيكال إيميونولوجي) أن التوتر يعمل على تعطيل الوظائف المناعية والتدخل في استجابة الجسم للالتهاب.

الدراسة التي أجريت على الفئران أظهرت أن التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة التي تسمى الخلايا البلعمية المضادة للالتهابات على إزالة الخلايا الميتة في موقع الحساسية. وقال الباحثون إن تراكم الخلايا الميتة في الأنسجة يزيد من تسلل الخلايا المناعية المسماة الخلايا الحمضية، مما يرفع مستوى الاستجابة التحسسية، ومن ثم يؤدي إلى زيادة الشعور بالحساسية.

ذاكرة الضغط النفسي

وقال الدكتور سويشيرو يوشيكاوا، كبير الباحثين في الدراسة والاستاذ بكلية الطب بجامعة جونتيندو في اليابان، في بيان «هذه أول دراسة في العالم تثبت أن التوتر... يعطل وظيفة الخلايا البلعمية، والتي تساعد عادة في كبح ردود الفعل التحسسية، وبالتالي زيادة الاستجابة التحسسية». كما وجد الباحثون أن تأثير الضغط النفسي على الخلايا المناعية يبدو طويل الأمد ويمكن أن يؤثر على الخلايا البلعمية التي ينتجها الجهاز المناعي في وقت لاحق.

وقال يوشيكاوا «هذه الظاهرة، التي يشار إليها باسم 'ذاكرة الضغط النفسي'، تعني أن الضغط والتوتر الشديدين يتركان بصمة باقية على الخلايا المناعية، مما يؤثر على وظيفتها ويساهم في تطور المرض». وأشار الباحثون إلى أن تجنب الضغط النفسي تماما سيكون الحل الأمثل لمنع خلل وظائف الخلايا المناعية. ونظرا لأن هذا ليس ممكنا دائما، فإن فهم الآليات الجزيئية وراء «ذاكرة الضغط النفسي» قد يمهد الطريق لسبل علاج لحساسية الجلد.