ميزانية السعودية لتمكين القطاع الخاص من بناء شراكات وتحالفات محلية ودولية

تشديدات حكومية تطالب مخالفي التستر التجاري بتسريع معالجة أوضاعهم قبل نهاية الفترة التصحيحية

السعودية تدفع بسرعة معالجة أوضاع التستر التجاري (الشرق الأوسط)
السعودية تدفع بسرعة معالجة أوضاع التستر التجاري (الشرق الأوسط)
TT

ميزانية السعودية لتمكين القطاع الخاص من بناء شراكات وتحالفات محلية ودولية

السعودية تدفع بسرعة معالجة أوضاع التستر التجاري (الشرق الأوسط)
السعودية تدفع بسرعة معالجة أوضاع التستر التجاري (الشرق الأوسط)

في حين تحصلت «الشرق الأوسط» على معلومات رسمية تكشف عن تلقي القطاع الخاص بالسعودية توجيهاً جديداً من وزارة التجارة، تطالب فيه مخالفي نظام التستر التجاري بضرورة تسريع معالجة أوضاعهم قبل نهاية الفترة التصحيحية المحددة، أفصح تقرير اقتصادي عن كثير من الحقائق الداعمة لقطاع الأعمال في المملكة، تبنتها ميزانية 2022 التي وضعت أمام الشركات والمؤسسات فرصة تاريخية لتطوير قدراتها التنافسية وتوسيع آفاق الاستثمار والمبادرة نحو استثمار الفرص والدعم اللامحدود من قبل الحكومة من خلال بناء شراكات وتحالفات محلية ودولية.
وتناول وزير المالية السعودي مؤخراً الركائز الأساسية خلف الميزانية لهذا العام المتمثلة في ضمان استدامة المالية العامة من خلال تنويع مصادر الإيرادات ورفع كفاءة الإنفاق، وتمكين القطاع الخاص من خلال برامج لتعزيز نشاطه ومساهمته في الاقتصاد الوطني، وتنفيذ تحولات هيكلية أوسع ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية.

الاستدامة المالية
ويشير التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن الميزانية ركزت بشكل لافت على تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز الكفاءة في الإنفاق والتوازن الكبير بين الإيرادات والنفقات، كما أنها منذ عقد يتم تحقيق أول فائض في الميزانية، بما يعكس قوة المركز المالي للمملكة وقدرته على التصدي للتحديات المحلية والدولية، وبما يعكس المكاسب الكبيرة التي يجنيها الاقتصاد مع تنفيذ برامج «رؤية 2030». مبيناً أن التخطيط المالي السليم والشفافية العالية في الإعلان عن الميزانية يعزز من ثقة قطاع الأعمال ويحقق مزيداً من الجاذبية للاستثمار الأجنبي.
وأفاد التقرير الذي أعده مركز الدراسات الاقتصادية في اتحاد الغرف التجارية السعودية، أن الميزانية ارتكزت على 3 ركائز رئيسية، تتمثل في ضمان تحقيق الاستدامة المالية والكفاءة المالية، وتمكين القطاع الخاص من برامج لتعزيز نشاطه وإسهاماته الاقتصادية، إضافة إلى الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات والتحولات الهيكلية في الاقتصاد الوطني، مؤكداً أن الميزانية تعكس توجّه الحكومة في الاهتمام بجذب الاستثمارات، والعمل المستمر لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية والمالية.

مناخ الأعمال
وأظهر التقرير أبرز مؤشرات التعافي الاقتصادي الوطني ونمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.9 في المائة خلال 2021. كما سجل القطاع الخاص أكبر نسبة نمو له منذ أكثر من عقد؛ حيث بلغت نسبته 7 في المائة، إضافة إلى عودة النشاط الاقتصادي بشكل ملحوظ. وقال التقرير إن مؤشر مناخ الأعمال للاقتصاد غير النفطي بلغ 57.7 نقطة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي، بمعدل سنوي 13.1 في المائة، كما تراجعت معدلات البطالة للسعوديين في الربع الثاني من عام 2021 لتصل إلى 11.3 في المائة مقابل 11.7 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي.
وشهد الميزان التجاري تحسن وتحقيق فائض 228 في المائة من بداية العام 2021 حتى سبتمبر (أيلول) السابق، مدفوعاً بارتفاع قيمة الصادرات غير النفطية بنحو 35.3 في المائة منذ بداية العام؛ حيث ارتفعت الإيرادات إلى 372 مليار (99 مليار دولار) بنسبة 40 في المائة من إجمالي الإيرادات العامة.
مخالفو التستر

من جانب آخر، أكدت معلومات رسمية، اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، أن وزارة التجارة السعودية أبلغت القطاع الخاص بضرورة تسريع معالجة أوضاع مخالفي نظام التستر التجاري في سوق العمل خلال الفترة المحددة المتاحة من الدولة، وخصت الوزارة الذكر المنشآت التي تبلغ إيراداتها السنوية مليوني ريال (533 ألف دولار). وأعلنت السعودية مؤخراً تمديد العمل بلائحة تصحيح أوضاع مخالفي نظام مكافحة التستر التجاري لمدة 6 أشهر إضافية، تبدأ من 23 أغسطس (آب) الحالي، وتستمر حتى 16 فبراير (شباط) 2022؛ حيث أكد وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي أن موافقة مجلس الوزراء على تمديد العمل بهذه اللائحة تجسد حرص الدولة واهتمامها بإتاحة الفرصة لتصحيح الأوضاع وتحفيز الإقبال للتقدم بطلبات التصحيح والاستفادة من مزايا الفترة التصحيحية والإعفاء من العقوبات المقررة بموجب النظام وما يترتب عليها من عقوبات أخرى ومن دفع ضريبة الدخل بأثر رجعي.
ووفقاً للمعلومات، أبلغت وزارة التجارة اتحاد الغرف السعودية بإعلان البرنامج الوطني لمكافحة التستر المتضمن أنه على المنشآت المخالفة للنظام المسارعة بتصحيح أوضاعها قبل انتهاء الفترة المحددة، مؤكدة أن عقوبات المتجاوزين تصل إلى 5 أعوام، والغرامة إلى 5 ملايين ريال (1.3 مليون دولار).

تصحيح الأوضاع
وكشف الوزير القصبي سابقاً عن استفادة عدد من المنشآت الكبيرة والمتوسطة، تجاوزت إيراداتها السنوية أكثر من 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، من الفترة التصحيحية خلال الفترة الماضية، وذلك عبر خياري الشراكة في المنشأة بين السعودي وغير السعودي، وتسجيل المنشأة باسم غير السعودي، مبيناً أن الوزارة تواصل النظر في طلبات تصحيح أوضاع المنشآت في مختلف الأنشطة والقطاعات من جميع الأطراف منذ بداية الفترة التصحيحية.
وذكر البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري في الفترة السابقة أن طلبات التصحيح الواردة لوزارة التجارة شملت مختلف الأنشطة الاقتصادية، من أبرزها تجارة الجملة والتجزئة والمقاولات وخدمات الإقامة والطعام والصناعات التحويلية والنقل والتخزين وأنشطة الخدمات الأخرى. وأوضح البرنامج أن الطلبات الواردة تنوعت بين خيارات التصحيح الستة والمحددة في اللائحة، وهي الشراكة في المنشأة بين السعودي وغير السعودي، وتسجيل المنشأة باسم غير السعودي، واستمرار السعودي في ممارسة النشاط الاقتصادي بإدخال شريك جديد في المنشأة، وتصرف السعودي في المنشأة، وحصول غير السعودي على الإقامة المميزة، ومغادرة غير السعودي المملكة.
وجدد البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري دعوته إلى جميع الراغبين في تصحيح أوضاعهم إلى استثمار هذه الفرصة بالتقدم إلى الوزارة بطلب التصحيح قبل انتهاء الفترة التصحيحية لضمان مزاولة الأنشطة الاقتصادية بشكل نظامي. ويعزز تصحيح الأوضاع من استقرار الأعمال الاقتصادية والتجارية وتوسعها ونموها، فيما ستكون آليات العمل الرقابي بعد انتهاء الفترة التصحيحية صارمة وبأساليب جديدة تعتمد على الذكاء الصناعي في تحليل بيانات المنشآت المخالفة وضبطها وإيقاع العقوبات المشددة عليها.

سرية البيانات
وكان البرنامج قد أكد مؤخراً أنه يتعامل مع جميع البيانات الخاصة بالمصححين بسرية تامة، مشيراً إلى أن مخالفي نظام مكافحة التستر يمكنهم التقدم بطلب التصحيح بكل أمان والاستفادة من مزايا الفترة التصحيحية قبل انتهائها في 16 فبراير من العام المقبل. وبيّن البرنامج أن المهلة التصحيحية تمثل فرصة كبيرة لمخالفي نظام مكافحة التستر لتصحيح أوضاعهم والاستفادة من المزايا النوعية المقدمة التي تشمل الاستمرار في ممارسة نشاطهم التجاري والتوسع فيه والإعفاء من العقوبات المقررة في نظام مكافحة التستر التجاري وما يترتب عليها والتصرف بالأموال التجارية بشكل نظامي، بالإضافة إلى حرية مزاولة الأنشطة التجارية الأخرى.



محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.