(«الشرق الأوسط») في الخطوط الأمامية على الحدود اليمنية

المدفعية السعودية تقصف أهدافًا حوثية وتوقف الحركة في العمق اليمني

لحظات إطلاق القذائف من المدفعية السعودية التابعة للقوات البرية على عدد من الأهداف الحوثية داخل الحدود اليمنية أمس (تصوير: وائل السليماني)
لحظات إطلاق القذائف من المدفعية السعودية التابعة للقوات البرية على عدد من الأهداف الحوثية داخل الحدود اليمنية أمس (تصوير: وائل السليماني)
TT

(«الشرق الأوسط») في الخطوط الأمامية على الحدود اليمنية

لحظات إطلاق القذائف من المدفعية السعودية التابعة للقوات البرية على عدد من الأهداف الحوثية داخل الحدود اليمنية أمس (تصوير: وائل السليماني)
لحظات إطلاق القذائف من المدفعية السعودية التابعة للقوات البرية على عدد من الأهداف الحوثية داخل الحدود اليمنية أمس (تصوير: وائل السليماني)

دكت المدفعية السعودية أمس عددا من المواقع الحوثية داخل الحدود اليمنية بعد أن حددت الأهداف وفق تقنية رصد المواقع والإحداثيات، وتابعت «الشرق الأوسط» من موقع الحدث في الخطوط الأمامية، لحظة إطلاق المدفعية السعودية التابعة للقوات البرية السعودية القذائف الموجهة تجاه الحدود اليمنية، بعد أن وصلت معلومات للمراقبة الجوية بوجود تحركات وتمترس للمتمردين الحوثيين ومن يدعمهم من قوات صالح على الحدود، على الحدود اليمنية. وكشفت مصادر أن القوات الملكية البرية السعودية ساهمت بتدمير المدفعية التي كان المتمردون الحوثيون يتمترسون بها على حدود المملكة.
وألقت القوات البرية القبض على عدد من المتسللين خلال اليومين الماضيين وتم تسليمهم إلى الجهات المختصة في السعودية، وبين اللواء مرعي بن سالم الشهراني قائد القوات البرية في منطقة جازان، أمس، أن «المواقع الحدودية في بعض الأوقات، يحصل بها محاولات للتسلل، ونحن نتمكن من محاصرة المتسللين، والتعامل معهم بالطريقة المناسبة، وبعد التأكد والتحري عن الأهداف المعادية المسلحة، يُتعامل مع الهدف عن بعد بواسطة مدفعية الميدان ووسائل الإسناد المتوفرة لدينا، حتى لا يتمكنوا من الفرار».
واستخدمت القوات البرية السعودية في مساندة لعملية «عاصفة الحزم» أنظمة متطورة لتحديد الأهداف؛ بهدف تقدير الأفراد أو عدد المجموعات من قبل الميليشيات على الحدود السعودية، ويدعم ذلك وجود القدرات المتاحة كالكاميرات والفيديو والأجهزة الأخرى، وتقوم طائرات «أباتشي» بجمع المعلومات. كما راقبت القوات البرية وقوات حرس الحدود تحركات المتمردين الحوثيين بصورة دقيقة، ويشير اللواء الشهراني إلى أن الرقابات (الأبراج) تستطيع أن تراقب عن بعد التحركات، في ظل وجود أجهزة متخصصة ومعدات ليلية.
«الشرق الأوسط» توغلت أمس إلى داخل الخطوط الأمامية على الحدود السعودية اليمنية في المواقع التي تحاول الميليشيات الحوثية نقل المعركة إليها وجرّ القوات العسكرية السعودية لبدء عمليات برية على نطاق أوسع، ويتم ذلك باستهداف المراكز الحدودية، لكن القوات البرية السعودية تتعامل معها بسرعة، باستخدام المدفعية كما حصل يوم أمس، وكذلك طائرات «أباتشي». ويقول اللواء مرعي بن سالم إن القوات السعودية كافية على الحدود وتمكنت من السيطرة على الوضع، مبينا أن «القوات قادرة على حماية الحدود السعودية من أي عدوان؛ بوجود أفراد مدربين على أعلى المستويات ويتمكنون من استخدام المعدات والأسلحة كما ينبغي والتقنيات الحديثة في نفس الوقت».
وتتعامل القوات البرية بمساعدة حرس الحدود مع بعض المتسللين غير المسلحين بطريقة آمنة قبل تسليمهم للجهات الأمنية بحسب اللواء مرعي، وما زال عمل القوات جاريا على الحدود، لمنع عناصر الحوثي من القيام بأي أعمال عدائية هناك، مع أخذ الحيطة والحذر لتجنيب المواطنين على الحدود أي أضرار وكذلك اليمنيين، وهو ما أكد الحالة المستقرة على الحدود السعودية، وقال قائد القوات البرية في منطقة جازان في الجولة على الخطوط الأمامية أمس إن «الوضع على الحدود مستقر، وكما أنتم معنا الآن في المنطقة، ترون الأمور تحت السيطرة خاصة أننا نمتلك أفضل الأسلحة والتقنيات الحديثة». وكون الميليشيات الحوثية لم يعد لديها القوة الكافية وهو ما أدخلها في حالة عدم توازن لتعتدي على الأبرياء من الشعب اليمني، وبين قائد قوة جازان «نحن نحمي الشعب اليمني ولا نستهدفه، وهدفنا الأول هو الميليشيات الحوثية».
من جهته قال اللواء عبد الرحمن أبو جرفة قائد اللواء الثامن عشر الذي يتمترس في منطقة الحُرّث على الحدود السعودية اليمنية، إن القوات البرية متأهبة على الحدود السعودية لحماية البلاد وإغاثة الشعب اليمني، موضحا أن «عددا من المعدات الثقيلة للقوات البرية موجود على الحدود منها ناقلات البرادلي ودبابات البرامز بالإضافة إلى أطقم الرشاشات المدعومة بالقناصة، ويضاف إلى ذلك دعم زملائنا في قوات حرس الحدود في المراقبة من خلال كاميرات نهارية وأخرى ليلية، والمناظير الليلية؛ والهدف من ذلك تحديد الأهداف بدقة، مع الإبلاغ عن كل حدث فور حصوله».
ولوحظ أمس أن القوات البرية السعودية لا تبادر بالقصف، وإنما الرد على أي تحركات حوثية على الحدود بهدف حماية الشعب اليمني ومساعدته على استعادة الشرعية، وقال اللواء عبد الرحمن أبو جرفة قائد اللواء الثامن عشر التابع للقوات البرية «الضرب من قبل القوات البرية ليس مستمرا وإنما حسب الحدث، ونحن نقصف المواقع في أوقات مختلفة ومتقطعة ولا سيما في فترة الليل».
التنسيق للقوات السعودية العسكرية، دقيق ومرتب له، كما هو الحال مع القوات البرية وحرس الحدود، والبداية تكون أولا من قوات حرس الحدود التي تكون على الخط الأول، في حين يكون تدخل القوات البرية إما بقذائف المدفعية، وإما بتدخل طيران القوات البرية (طائرات الأباتشي)، وفي ذات الوقت تنظم قوات حرس الحدود نقاط تفتيش لعزل القوة المضادة، وقد تحتاج بعض المواقف إلى الاستفادة من القناصين الذين يتم إنزالهم عبر المروحيات التابعة للقوات البرية.
عدد من الجنود السعوديون والأفراد الذين التقت بهم «الشرق الأوسط» أمس أبدوا سعادتهم من الدور الذي يقومون به من أجل الدفاع عن اليمن وشعبه، وإعادة الشرعية فيه سواء بالدور العسكري أو الإنساني لحماية المدنيين من خلال المساعدات الإغاثية بالتعاون مع المنظمات الدولية الخاصة بهذا الشأن.
وكانت القوات البرية السعودية أمس ترد على التحركات الحوثية على الحدود السعودية، بهدف منعها من إلحاق الأذى باليمنيين في الداخل اليمني، أو التقدم باتجاه الحدود السعودية، في ظل وجود عدد من الأسلحة المتقدمة، ويبين اللواء الشهراني «نحن نمتلك عددا من الوسائل للتعامل مع الموقف، سواء جوا أو برا، بوجود طائرات الأباتشي، وناقلات برادلي، ودبابات البرامز، وهي أجهزة متطورة وتستطيع مراقبة الحدود بدقة، ولا تسمح بالمرور إلى داخل الحدود السعودية».
الدور الكبير والناجح للقوات البرية الذي تقوم به بجانب الغارات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف بقيادة السعودية مكنها من منع الميلشيات الحوثية من التحرك على الحدود اليمنية القريبة من السعودية، وبدأ المتمردون يتوجهون للطرق الوعرة كدلالة على درجة الإنهاك التي وصلوا لها.
ويقول العقيد ناصر الشهراني قائد المدفعية بالقوات البرية في منطقة الحُرّث على الحدود السعودية اليمنية «نحن نعيش في وضع جيد ومعنويات الجنود مرتفعة، ويؤدون واجبهم دون كلل، ولديهم احترافية عالية على استخدام الأسلحة بكافة أنواعها».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.