البرهان: لا تراجع عن الإجراءات التصحيحية والاتفاق مع حمدوك

البرهان: لا تراجع عن الإجراءات التصحيحية والاتفاق مع حمدوك
TT

البرهان: لا تراجع عن الإجراءات التصحيحية والاتفاق مع حمدوك

البرهان: لا تراجع عن الإجراءات التصحيحية والاتفاق مع حمدوك

قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إن الاتفاق الذي وقعه مع رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وما سبقه من إجراءات تصحيحية، يمثلان المخرج الآمن وخريطة الطريق لاستكمال مهام الانتقال، لذلك لا تراجع عما تم اتخاذه من إجراءات وما تم الاتفاق عليه من مبادئ تحكم ما تبقى من الفترة الانتقالية في البلاد.
واستولى البرهان في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على السلطة، وحل مجلسي السيادة والوزراء، وعدها إجراءات تصحيحية لمسار الثورة، فيما اعتبرها المدنيون انقلاباً عسكرياً على الحكم المدني.
وقال البرهان لدى مخاطبته حفل تخريج لدورتي الدفاع والحرب والعليا بالأكاديمية العسكرية بالخرطوم أمس، عن الإجراءات التصحيحية والاتفاق السياسي هما الأساس الذي يجب أن يبنى عليه الميثاق السياسي للتوافق الوطني الذي يمهد لاصطفاف عريض يشمل كل القوى الوطنية عدا المؤتمر الوطني «المنحل»، مؤكداً أنه لا سبيل لاستكمال الانتقال أو الإيفاء بمطلوبات دون حدوث ذلك.
وأضاف أن البلاد تمر بظروف واقتتال وانقسام تتطلب من الجميع إعلاء القيم الوطنية وتغليب المصلحة العليا للدولة والتسامح والتسامي ونبذ كل ما من شأنه تفتيت العروة والوطنية.
وقال البرهان إن الشعب السوداني يواصل بصبر وعزيمة استكمال مسيرة التحول الديمقراطي، متمسكاً بشعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة على الرغم ما يحاك ويدبر من مكائد وفتن، ومحاولة البعض لاختطاف دم الشباب وعرق الثوار وتوظيفه لمكاسب ذاتية أو آيديولوجية أو لخدمة دول تسعى لفرض الوصاية على وطننا وإرادة شعبه.
وأكد أن القوات المسلحة ملتزمة بتعهداتها في الحفاظ على أمن وسلامة واستكمال التحول الديمقراطي والفترة الانتقالية حتى الوصول إلى المدنية الكاملة عبر صناديق الانتخابات.
وعزا رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، في تغريدة على «تويتر» أول من أمس، تأخر تشكيل الحكومة الانتقالية لعمله من أجل انخراط كل القوى السياسية الداعمة للثورة والانتقال المدني الديمقراطي في حوار جاد للوصول لتوافق على ميثاق وطني، يفضي لتكوين جبهة عريضة لتحقيق الانتقال المدني الديمقراطي وتحصينه.
وقال إن التوافق الوطني يمثل إطاراً قومياً لتوحيد الصف وتأسيس آلية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية بجانب إكمال هياكل السلطة الانتقالية ومراقبة عملها.
وأشار إلى أن أولويات ما تبقى من الفترة الانتقالية، تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام واستكمال عملية السلام، وتحقيق الاستقرار والانتعاش الاقتصادي، وتعزيز الوضع الأمني، وإكمال عملية الانتقال الديمقراطي عبر انتخابات حرة ونزيهة.
ويخشى رئيس الوزراء السوداني، تشكيل حكومة لوحده لا تجد تأييداً في الشارع، ولا دعماً من الأحزاب والكيانات المؤثرة في المشهد السياسي.
ويتوقف تشكيل حكومة جديدة في البلاد على توافق واسع على الميثاق السياسي، وهو أمر غير متوفر على الأقل في الوقت الحالي، في ظل المواقف المتصلبة لأحزاب قوى الحرية والتغيير التي ترفض المشاركة في أي إجراءات ما بعد الانقلاب العسكري.
ووقع قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، نوفمبر الماضي، على اتفاق إطاري، وجد رفضاً واسعاً من الشارع والقوى السياسية، واعتبروه امتداداً للإجراءات الانقلابية ويكرس لهيمنة الجيش على السلطة في البلاد.
وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، تسلم في منتصف الأسبوع الحالي مسودة مشروع ميثاق سياسي أعدته بعض القيادات السياسية، لكنه رفض من قبل جناحي قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ومجموعة الميثاق الوطني.
وتعكف قوى الحرية والتغيير «المجلس المركزي» على صياغة مشروع سياسي لحكم مدني كامل بعد إسقاط الانقلاب والاتفاق السياسي، ومن المزمع الإعلان عنه قريباً.
وتشكل الاحتجاجات المتصاعدة التي تقودها «لجان المقاومة» في كل ولايات البلاد منذ انقلاب قائد الجيش على السلطة المدنية، وترفع شعارات «لا مساومة ولا شراكة ولا شرعية» مع العسكريين الانقلابين، وترفض الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.