احتكاك أميركي ـ سوري جديد شرق الفرات

3 جرائم قتل بيوم واحد في مخيم الهول

قوات أميركية وكردية سورية في شرق الفرات في 7 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
قوات أميركية وكردية سورية في شرق الفرات في 7 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

احتكاك أميركي ـ سوري جديد شرق الفرات

قوات أميركية وكردية سورية في شرق الفرات في 7 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
قوات أميركية وكردية سورية في شرق الفرات في 7 الشهر الحالي (أ.ف.ب)

منعت دورية تابعة للجيش السوري قوات أميركية حاولت المرور عبر قرية موالية بريف مدينة القامشلي الجنوبي، وحصل احتكاك بين القوات الحكومية والجنود الأميركيين أول من أمس في قرية «تل الذهب» أثناء محاولة الأخيرة إكمال مسيرها لتعترضها الأولى وأجبرتها على العودة، وتألفت الدورية الأميركية من 5 عربات عسكرية وسلكت طريقا فرعيا ثانيا للوصول إلى الطريق الرئيسي الواصل بين القامشلي والبلدات الشمالية الشرقية للحسكة، وفي 11 من الشهر الحالي غيرت دورية أميركية طريقها بعد اعتراض أهالي قرية «المتينية» الموالية بريف القامشلي الجنوبي الشرقي.
هذا وأدخلت قوات التحالف الدولي تعزيزات عسكرية قادمة من قواعدها في إقليم كردستان العراق المجاور، إلى قاعدتها في بلدة المالكية تألفت من 15 شاحنة حاملة على متنها مواد لوجستية وعسكرية، وهذه كانت رابع قافلة عسكرية تدخلها قوات التحالف منذ بداية الشهر الحالي، وتتمركز قوات التحالف والجيش الأميركي في مطار «روبار» الزراعي ويقع بالقرب من قرية «روبار» جنوب المالكية، حيث وسعت مدرج المطار ويستخدم لإقلاع الطيران المسير والمروحيات القتالية.
إلى ذلك، شهد مخيم الهول شرق الحسكة ثلاث جرائم قتل راح ضحيتها لاجئة عراقية ونازحتان سوريتان خلال 24 ساعة الفائتة، حيث قتلت لاجئة من الجنسية العراقية بعد استهدافها بالرصاص مباشرةً من قِبل مسلحين مجهولي الهوية أثناء وجودها في القسم الأول من المخيم، كما قتلت نازحة سورية باليوم نفسه في القسم الرابع وعثر قاطنو المخيم على جثتها مقتولة بواسطة طلق ناري، والجريمة الثالثة وقعت فجر أمس كانت لنازحة سورية تدعى لطيفة سليمان البالغة من العمر 36 عاماً، عثر على جثتها في إحدى الحفر الفنية في القطاع الخامس الخاص بالسوريين.
ويرى القائمون على مخيم الهول أن أعمال العنف هناك ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة وتحول لأكثر الأماكن دموية في سوريا، وتتهم سلطات الإدارة الذاتية وأجهزتها الأمنية خلايا موالية لتنظيم «داعش» الإرهابي النشطة داخله، بتنفيذ تلك العمليات نظراً لطرق القتل والأساليب التي تنتهجها، لترتفع عمليات القتل منذ بداية العام الحالي لأكثر من 90 جريمة طالت بمعظمها لاجئين عراقيين ونازحين سوريين، و10 محاولات اغتيال.
ويضم «مخيم الهول» الواقع على بعد 45 كلم شرق الحسكة قرابة 60 ألفاً معظمهم من النساء والأطفال بنسبة 90 بالمائة، يشكل السوريون والعراقيون النسبة الكبرى من تعداد قاطنيه، كما يؤوي في قطاع خاص معزول شديد الحراسة نحو 12 ألف طفل وامرأة من عائلات عناصر «داعش»، ينحدرون من 50 جنسية غربية وعربية، ويطالب المسؤولون الأكراد وسلطات الإدارة الذاتية الدول المعنية باستعادة مواطنيها لا سيما السجناء المحتجزين منهم، أو إنشاء محكمة دولية لمقاضاتهم بموافقة بلدانهم، غير أن غالبية الحكومات خصوصاً الأوروبية ترفض استعادة مواطنيها.
وفي ريف دير الزور الشرقي، استمرت حالة التوتر بين أهالي بلدة البصيرة و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بعد إلقائها القبض على ثلاثة أشخاص يعملون في مجال التهريب النهري، وقال مصدر عسكري من «مجلس دير الزور» إن القوات داهمت بعض المنازل ببلدة البصيرة منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء الماضي: «واعتقلت ثلاثة مهربين عن معابر تهريب البضائع المائية من مناطق (قسد) إلى مناطق سيطرة النظام وميليشيات إيران عبر نهر الفرات».
وبعد رفع حالة حظر التجوال وإعادة فتح المحال التجارية التي شهدت هدوءا حذراً؛ نظم سكان البصيرة احتجاجات رافضة وقطعوا الشارع العام عند مدخل المدينة بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على عمليات القتل والاعتقال التي نفذها الجيش الأمريكي وقوات «قسد» خلال الأيام الماضية.
وذكرت صفحات محلية وحسابات نشطاء من أبناء المنطقة أسماء الأشخاص الثلاثة الذين تعرضوا للاعتقال، والتي تمت بعملية إنزال جوي نفذتها طائرات التحالف الدولي والقوات الأميركية ووحدات خاصة من مكافحة الإرهاب تابعة لقوات «قسد»، وصادرت قرابة 110 آلاف لتر من المازوت كانت مخزنة في 500 برميل معدة للتهريب من مناطق القوات إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية، عبر نهر الفرات والمنافذ والمعابر المائية السرية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.